هل خطر ببالك أن تسأل ذويك وأصدقاءك: ما الشيء الذي لا تستطيع الاستغناء عنه، في بيتك وحياتك الخاصة والعامّة، وأنت لا تعرف عنه شيئاً، أو الشيء الكثير؟ قد يكون الأمر صعباً، فلنيسّره قليلاً بسؤال مختلف: ما العامل المشترك بين الهاتف الجوّال والأقراص المدمجة ومعالجات البيانات في الحواسيب ونظام التموضع العالمي (جي بي إس) والتصوير بالرنين المغناطيسي؟ القائمة تحتاج إلى عشرين عموداً.
تشترك هذه الأشياء، والعشرات غيرها، التي أصبحت وأمست تتحكم في جميع مفاصل حياتنا، في أن منظمة اليونيسكو أعلنت هذه السنة 2025، «العام العالمي للعلوم والتقانات الكموميّة». علينا ألا نتسرع في إلقاء العتاب على وسائط الإعلام، فليس من الإنصاف تحميلها وحدها المسؤولية عن انخفاض منسوب الوعي العلمي في الدول النامية. بالمناسبة: يبدو أن صفة النامية، انتقتها قريحة لغوية عربية، وإلا فمن أين جاءت هذه التسمية التي هي من أسماء الأضداد في لغتنا وتراثنا الأدبي؟ تلك التي تعني الشيء ونقيضه: «كما سمّي اللديغ سليماً». مزحة ثقيلة أن تكون الصومال ناميةً، واليابان وسنغافورة وسويسرا غير نامية. عفواً، فالاستطراد منزلق.
أمس الأول، الرابع من فبراير، شهدت باريس افتتاح العام العالمي لعلوم فيزياء الكوانتوم وتقاناتها، هذه الثورة الرائدة التي كان من أهم مؤسسيها فيرنر هايزنبرج، الألماني الذي حاز بوضع أسسها جائزة نوبل. كانت الحاجة إليها ضرورةً، إذ أدرك الفيزيائيون في أوائل القرن العشرين أن الفيزياء الكلاسيكية غير قادرة على تفسير الظاهرات التي تجري في مستوى أصغر صغير، أي في عالم الجُسيْمات ما دون الذرّة، كالبروتون والنيوترون والكوارك والإلكترون والفوتون.
تكمن الثورة العلمية المعرفية، في فيزياء الكم، في أن أكبر كبير، أي الكون، يتوقف فهمه على إدراك طبيعة ما يحدث عند أصغر صغير. لكن فيزياء الكوانتوم يحار في كنه أسرارها منطق العقل البشري. كأن تلك الجُسيمات الضئيلة مفتونة بالدعابة التي تدوّخنا، تستطيع أن توجَد في أماكن عدّة في آن، أن يتصل الجُسَيْم بنظيره ولو كان على بُعد ملايين السنين الضوئية، أن يعبر الجدران... ثورة عارمة، في الفيزياء، الكيمياء، الأحياء، علوم المعلومات، أدّت إلى اكتشافات واختراعات لا تحصى في تطوير حياتنا وفهمنا للكون. لا حصر لإنجازاتها في الطب، الأمن، مواجهة التغير المناخي...
لزوم ما يلزم: النتيجة الانتظارية: إلى الآن لم تستعرض حواسيب الكوانتوم عضلاتها، فكأننا لم نرَ شيئاً بعد. (بعض المعلومات من مجلة «العلوم والمستقبل» الفرنسية (2 فبراير).
[email protected]
الحاضرة المجهولة في حياتنا - ستاد العرب

الحاضرة المجهولة في حياتنا - ستاد العرب

0 تعليق