حل ممكن في ليبيا - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

أعادت المبعوثة الأممية الجديدة هانا تيتيه بعض الزخم إلى المسار السياسي في ليبيا، على أمل إنهاء الجمود المزمن والتغلب على العقبات التي حالت دون إنجاز المصالحة والتوافق على الانتخابات وتجاوز الانقسام، وصولاً إلى إعادة بناء الدولة ومؤسساتها ضمن نظام سياسي راسخ.
تيتيه، الدبلوماسية الغانية التي وصلت إلى طرابلس الأسبوع الماضي بعد نحو شهر من تعيينها في المنصب خلفاً للمبعوث السابق السنغالي عبدالله باتيلي، كانت واقعية في تصريحاتها الأولى، وأقرت بأن المهمة التي تنتظرها صعبة، وأطاحت قبلها تسعة مبعوثين للأمم المتحدة، فشلوا جميعاً في تحقيق النجاح المطلوب لإخراج الأزمة الليبية من المأزق التي تردت فيه إثر إطاحة نظام الزعيم السابق معمر القذافي.
وعلى غرار جميع أسلافها، بدأت تيتيه في التواصل مع الأطراف الفاعلة، ودشنت لقاءاتها مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة وقيادة المجلس الرئاسي، قبل أن تنتقل إلى الشرق للقاء الحكومة الموازية وقيادة الجيش ورئاسة البرلمان، كما تعهدت بالتواصل مع مكونات المجتمع المدني ومختلف رموز الشعب الليبي.
ولبناء تصور أو خطة عمل تتفادى أخطاء السابقين، ربما ستحتاج المبعوثة الأممية الجديدة إلى أشهر من العمل المنسق، واتصالات متوازنة مع كل الفرقاء المحليين والأطراف الخارجيين، نظراً لكثرة العقد والمطبات في الأزمة الليبية، التي دخلت عامها الخامس عشر هذا الشهر.
على مدى السنوات الطويلة الماضية، فشلت كل الجهود، التي بذلت برعاية دولية وإقليمية، في إنهاء التعقيدات السياسية والأمنية التي تعانيها ليبيا، وبقيت الآمال بالتوصل إلى حلول حقيقية تدفع نحو الاستقرار معلقة، ولأسباب كثيرة ظلت الاستحقاقات، مثل التوافق على دستور وتوحيد المؤسسات وإجراء انتخابات، مجرد شعارات تتكرر في المناسبات، بينما الواقع يعج بأزمات متعددة المستويات، ولم يستطع مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، في اجتماعاتهما الكثيرة، التوافق على المسارات اللازمة لإنهاء المرحلة الانتقالية، فضلاً عن القوانين الانتخابية وتشكيل الحكومة الموحدة.
التجربة المضنية في التعامل مع الوضع، تؤكد أن الخروج من هذا المأزق لا يتطلب مزيداً من الاجتماعات أو المؤتمرات، فقد انعقدت العشرات منها وظلت الأزمة في المربع الأول، لكن ما قد تحتاج اليه في الفترة المقبلة، هو بلورة رؤية دقيقة ومتوازنة تأخذ في الاعتبار كل المحاذير والتناقضات، التي نشأت قبل وبعد الصراع مع نظام القذافي.
فما تشهده الأزمة من تعقيدات واستعصاء على الحلول، ليس وليد اليوم، وإنما موروث من زمن طويل، وإذا اهتدت المبعوثة الأممية الجديدة إلى مثل هذه المقاربة، فيمكن لمهمتها أن تحدث اختراقاً يمكن البناء عليه في المدى المنظور، بالوصول إلى حل صادق وشامل وشفاف يحظى بثقة جميع الليبيين ويقود إلى مصالحة وطنية شاملة تنهي الانقسام وتوحد المؤسسات وتضبط الأسلحة وتوقف التدخلات الأجنبية السلبية التي تحاول إطالة أمد الأزمة وتهديد أمن دول الجوار ومصالحها التي تأثرت بعدم الاستقرار في ليبيا.
رغم طول جمود الأزمة، فإن الفرصة تبدو مواتية اليوم لليبيا لتتجاوز ما مضى وتتطلع إلى المستقبل، فالحل لا بد أن يأتي يوماً، وقد تكون هانا تيتيه، آخر المبعوثين الأمميين إلى ليبيا، وبداية الانفراج وليست عنواناً آخر للأزمة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق