أوكرانيا.. والتقارب الأمريكي-الروسي - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

يبدو أن الولايات المتحدة عازمة على إنهاء الحرب الروسية-الأوكرانية بأسرع وقت ممكن، فهذه القضية تتصدر أولويات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أتى بأفكار يريد تطبيقها بصرامة، بعيداً عن المرونة السياسية المعتادة بين الدول، لذا بدأت إدارته بمحادثات مع موسكو، حيث اجتمع وفدا البلدين في الرياض لوضع خريطة طريق تُنهي الصراع في أوكرانيا، كما جرى اتصال بين الرئيسين الأمريكي والروسي وتم الاتفاق على لقاء قريب بينهما.
تزامناً مع التقارب الروسي-الأمريكي، فتح ترامب النار على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، واصفاً إياه ب«الديكتاتور»، وقال: «إنه يجب أن يتحرك بسرعة وإلا لن تبقى له دولة»، كما طالبه برد الأموال التي أنفقتها أمريكا في تمويل الحرب على روسيا، إضافة إلى حثه على عقد اتفاق لتستفيد واشنطن من الثروة المعدنية في أوكرانيا وهذا ما أثار حفيظة زيلينسكي الذي قال: «إن ترامب يعيش في فضاء من المعلومات المضللة» و«يساعد» بوتين على الخروج من عزلته، كما زاد من حدة نبرته في دعوة أوروبا إلى الاعتماد على نفسها عسكرياً.
أوروبا، بدورها، لم تتقبل أن تقوم بدور المتفرج، إذ إن هذه الحرب في قلبها وهي تتخوف من استثمار روسيا لانتصار «مدعوم» أمريكياً في زيادة سطوتها على أوروبا والتفكير في التمدد وضرب خاصرتها على المدى البعيد، لذا فإن العديد من دولها بدأت تنظر بعين الريبة إلى التقارب الجديد بين القطبين وتعالت أصواتها ليكون لها مقعد في أي محادثات مستقبلية، بعد استبعادها أمريكياً، كما دعت العديد منها إلى إنشاء تكتل عسكري مستقل عن واشنطن.
الغزل الأمريكي-الروسي لم يكن مجرد حبر على ورق، فقد أثمر عن خطوات فعلية، إذ اعتمد مجلس الأمن الدولي بتأييد روسي مشروع قرار أمريكي يدعو إلى إنهاء الصراع وتحقيق سلام دائم في أسرع وقت ممكن، ولم يتضمن القرار أيّ إشارة إلى وحدة أراضي أوكرانيا، كما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت على مشروع قرار في الجمعية العامة بعد تعديلات أوروبية تدين روسيا.
القادم سيحمل في طياته مفاجآت عدة، ربما تكون غير سارة لأوكرانيا ومن خلفها أوروبا، خصوصاً مع الإصرار الأمريكي على التقارب مع روسيا والذي سيدفع القارة إلى حث الخطى لبناء تكتل سياسي وعسكري مستقل عن واشنطن، كي تتمكن من مواجهة التهديدات الحقيقية مستقبلاً.
كييف في موقف لا تحسد عليه، خصوصاً مع تلميح أمريكي بأنها لن تستعيد جميع أراضيها، وربما يكون ما حدث صفعة تدفعها للاستيقاظ وعدم رمي كل أثقالها على الحلفاء، وإعادة صياغة سياسة جديدة تقوم على الحياد، أو الانخراط بمفاوضات مباشرة مع موسكو علّها تخرج بحلول تحمي من خلالها ما بقي لها من أراضيها.

[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق