تحصين العلاقات الصينية الروسية - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

في اتصالهما الهاتفي الأخير الذي جرى في الرابع والعشرين من فبراير 2025، أكد الرئيسان الصيني شي جين بينج، والروسي فلاديمير بوتين على الأهمية الاستراتيجية للعلاقات بين بلديهما، وهذا أمر ليس بالجديد لكن توقيته مهم، خاصة في ظل تولي الرئيس دونالد ترامب مقاليد الحكم في ولايته الثانية، والتي شهدت تحولاً واضحاً في الموقف الأمريكي من روسيا إجمالاً، ومن الصراع في أوكرانيا خصوصاً.
كان الرئيس الصيني واضحاً في التأكيد لنظيره الروسي على أن العلاقة بين البلدين «لا تستهدف ولن تتأثر بأي طرف ثالث»، من جانبه أكد الرئيس الروسي على ذات المعنى، معتبراً أن خيار بلاده الاستراتيجي طويل المدى بالنسبة للعلاقات مع الصين لا يتأثر بالتدخلات الخارجية. إذن فالرسالة الصينية الروسية واضحة بخصوص السير قدماً في تطوير علاقاتهما بغض النظر عما يجري على الساحة الدولية من تطورات، والرسالة هنا أوضح للولايات المتحدة الأمريكية في أنه لا يمكنها عبر تكتيكات معينة شق الصف بين البلدين.
روسيا والصين اختارتا منذ سنوات تطوير علاقاتهما في شتى المجالات، على الرغم مما كان يسببه هذا من عقوبات تطال الطرفين على خلفية قضايا معينة مرتبطة بتلك العلاقات والمواقف منها، ومن ذلك العقوبات الأمريكية التي طالت شركات صينية بحجة أنها تزود روسيا بتقنيات ومكونات تدخل في تصنيع الأسلحة الروسية التي تستخدم في الحرب في أوكرانيا. هذه النوعية من العقوبات جزء من عقوبات أحادية تفرضها الولايات المتحدة على كلا البلدين منذ سنوات على خلفيات متنوعة، وهو ما يرفضه البلدان رفضاً قاطعاً، ولا يكتفيان بالرفض وإنما يردان عليها بالمثل.
لا تخفي كل من الصين وروسيا نواياهما بخصوص العمل من أجل نظام دولي تعددي بعيداً عن الأحادية القطبية التي تصر الولايات المتحدة على التمسك بها، فلسنوات طويلة وعبر إدارات مختلفة كانت واشنطن تضع كلاً من الصين وروسيا على رأس من يهددون النظام الدولي القائم على القواعد حسب التعبيرات الأمريكية والغربية. في المقابل كانت كل من بكين وموسكو تصران على أنهما أول من يحترم قواعد النظام الدولي، وفي القلب منه ميثاق الأمم المتحدة، بينما تريد واشنطن وضع قواعد أخرى مغايرة تبغي من ورائها المحافظة على هيمنتها.
السعي الصيني الروسي الواضح لتحصين علاقاتهما من المؤثرات الخارجية لا يقتصر على ما يتم بينهما من توافق في الرؤى الاستراتيجية، ومن ثم ما يعقد بينهما من اتفاقيات، وما يتم بينهما من تفاعلات، بما في ذلك التفاعلات العسكرية عبر المناورات المتزايدة. فإلى جانب كل ذلك تعمل الدولتان على نسج شبكة من العلاقات مع مختلف دول العالم، خاصة تلك التي لا تعلن انحيازها لطرف على حساب الآخر، ومن ثم كانت الدولتان فاعلتين ومؤسستين لمنظمات إقليمية ومنتديات تعاون من قبيل منظمة شنغهاي للتعاون وتجمع البريكس.
ليس من مصلحة العالم تفرد قوة واحدة بالقرار في ما يخص شؤون العالم المعقدة وقضاياه المتشابكة، ومن المهم أن تتوافر لمختلف الدول القدرة على الاختيار في ما يتعلق بأنماط التنمية والسلوك الخارجي، وهذا ما تؤكد عليه كل من بكين وموسكو.

أخبار ذات صلة

0 تعليق