دراما رمضان.. بومة أم يمامة؟ - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

مثلما يقولون المكتوب يُقرأ من عنوانه، ومن اليوم الأول للدراما التلفزيونية في رمضان كان لافتاً عرض ثلاثة أعمال: «البطل»، و«تحت سابع أرض»، و«معاوية»، وجميعها أعمال سورية تقوم على ممثلين سوريين إلاّ في أدوار استثنائية قليلة، وبعد ذلك، وكالعادة، صراخ وهبوط وتهريج مخجل، كأن هذا العنوان التلفزيوني ثابت من ثوابت العروض في رمضان.
أصبح رمضان شهر التلفزيون بامتياز، كما هو ظاهرة فرجوية شعبية في كل أنحاء الوطن العربي، غير أن هذه الظاهرة في حقيقتها هي ظاهرة ثقافية تؤشر على وجهين، الوجه الأول: الأسلوب الذي يفكر فيه صنّاع المسلسلات التلفزيونية، والفكر الذي يحملونه بل الثقافة التي تحكمهم كأفراد قبل كياناتهم المؤسسية. والوجه الثاني: الكيفية الشعبية التي يستقبل بها الناس هذا الكم الهائل من المسلسلات، وما مدى الثقافة النقدية لدى الجمهور بحيث يفرز فرزاً صارماً بين الأبيض والأسود في كل هذا الحلف التسلسلي الذي يلتهمه الوحش التلفزيوني في رمضان.
في الوجه الأول أو في الحالة الأولى: قليلاً ما نشاهد مسلسلاً تلفزيونياً جرى إنتاجه وفق خلفية ثقافية مقنعة أو وفق رؤية ثقافية فكرية للمنتج الذي يتحكم عادة في سوق المسلسلات التلفزيونية في رمضان أو في سوى رمضان، وفي الغالب، كما نقرأ في الصحافة يحمل الكثير من المنتجين ثقافة متوسطة أو أقل من متوسطة، ويتبعون دائماً معادلة الربح والخسارة، أي أن الهاجس التجاري هو الأساس في أعمالهم الفنية.
في الوجه الثاني أو في الحالة الثانية لهذه الظاهرة الثقافية التلفزيونية نراهن دائماً على الجمهور الذي أصبح بعد سنوات من صناعة الدراما وصناعة المسلسلات التلفزيونية بشكل عام جمهوراً مثقفاً أو نقدياً سرعان ما ينصرف عن الأعمال الهابطة، ويتحوّل في علاقته اليومية مع التلفزيون إلى ما يقنعه جمالياً وإبداعياً وثقافياً وسط بحر من العروض التي تتيح له المشاهدة والمقارنة والنقد.
جمهور التلفزيون، أو جمهور الدراما التلفزيونية والسينما والمسرح اليوم بات قطاعاً شعبياً مثقفاً في هذه المجالات الجمالية البصرية، وذلك في ضوء العدد الهائل من الفضائيات العربية والأجنبية التي تعرض الكثير منها مواد تلفزيونية إبداعية راقية. وبالطبع، هناك ما هو رخيص وسطحي أيضاً على الكثير من شاشات العالم، غير أن هذه «العالمية التلفزيونية»، إن جازت العبارة، أسهمت في تثقيف الجمهور العربي إلى حدّ ما، بخاصة الجمهور الذي يعرف أكثر من لغة حية عالمية.
رؤية العالم من خلال التلفزيون وبأعين عربية عملت على كشف الكثير من سوءات وعورات الأعمال التلفزيونية العربية الضحلة، إلى جانب أن بعض هذه الأعمال العربية هي نسخ مفضوح عن تلفزيونات العالم على شكل تقليد أعمى كما يقولون، وسوف يكتشف المشاهد العربي المتعلم والمثقف هذا التقليد المفضوح.
مرة ثانية.. الرهان النقدي معقود على الجمهور أولاً وأخيراً، فهو مرآة للتلفزيون وللدراما ولكل أشكال الفنون المرئية، وبعينه المثقفة يعرف كيف يميّز بين البومة واليمامة.
[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق