البعض من رحلاتنا في الحياة لا تخلو من لحظات الهزيمة، تلك اللحظات التي نجبر فيها على الاعتراف بأن ما فعلناه لم يكن كافياً، وأن الطريق الذي اخترناه لم يكن ممهداً كما ظننا، لكن ماذا لو كانت الهزائم ليست نهاية الرحلة، بل بداية لتعريف جديد لأنفسنا؟ ماذا لو كانت الهزيمة هي النقطة التي يعيد فيها الشخص اكتشاف نفسه، ويحدد معاني جديدة للقوة والنجاح؟
الهزيمة ليست مجرد فقدان، إنها تجربة تنطوي على التعلم والنمو، في البداية، قد تبدو وكأنها شبح مظلم يطاردنا، محملة بالمرارة والخيبة، لكن مع مرور الوقت، تكتشف أن الهزيمة هي مدرسة قاسية، لكنها تعلمنا دروساً لا يمكننا تعلمها من خلال الانتصارات المتواصلة.
في قلب الهزيمة، نكتشف أعماقاً من قوتنا كانت مخفية تحت ستار الثقة الزائدة، نعرف أنفسنا من خلال الفشل أكثر مما نعرفها من خلال النجاح في كل هزيمة، تتناثر أفكارنا وعواطفنا، وتصبح لدينا الفرصة لتفكيك مفاهيمنا السابقة، الفشل يجبرنا على التوقف والتفكير في المسار الذي سلكناه، ويمنحنا فرصة لطرح أسئلة مهمة: «ما الذي يمكنني تعلمه من هذا؟»، «أين أخطأت؟»، «كيف يمكنني أن أصبح أفضل؟» الهزيمة هي لحظة إعادة بناء، حيث يتم هدم الأساسات القديمة لتبنى أسس جديدة من الحكمة والفهم.
الهزائم قد تفتح أعيننا على حقيقتنا، فالفشل يزيل الأقنعة التي نرتديها في حياتنا اليومية، نكتشف، في لحظات الهزيمة، أننا قد كنا نبحث عن النجاح في الأماكن الخطأ، أو أننا لم نكن مستعدين بما فيه الكفاية، في هذه اللحظة، يعيد الإنسان تعريف نفسه، يصبح الفشل هو المفتاح الذي يفتح الأبواب المغلقة في عقولنا.
من خلال الهزائم، نجد في أنفسنا قوة الإصرار، ربما كان لدينا حلم كبير أو هدف بعيد المنال، وعندما لم نتمكن من الوصول إليه، شعرنا بالخذلان، لكن في اللحظات التي تلي الهزيمة، تتساقط جميع الدوافع السطحية، وتظهر رغبة أقوى في المضي قدماً، الهزيمة تدفعنا للبحث عن القوة التي لم نكن نعرفها، وتعلمنا أن الإصرار ليس في أن نحقق النجاح فوراً، بل في قدرتنا على الاستمرار على الرغم من الفشل.
وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «تواضع عند النصر وكن صلباً عند الهزيمة».
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com
0 تعليق