مهرجان الإبداع - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

د. باسمة يونس

كان المسرح ولا يزال يلعب دوراً رئيسياً في تشكيل الذائقة الفنية والأدبية المجتمعية وهو ما وضعه على رأس الاهتمامات الثقافية في دولة الإمارات، كما لا يزال جزءاً من تطورها الإبداعي على مدار عقود حتى أصبح هناك ما يزيد عن ثمانية مهرجانات سنوية تقام في إمارة الشارقة، ومن بينها تبرز مسارح الطفولة والمسرح المدرسي كأداة أساسية لتوجيه الأجيال الشابة وصقل إبداعاتهم ورفع مستوى وعيهم الثقافي والفني في المجتمع.
ومنذ انطلاقته الأولى وعلى مدار رحلته التي تصل إلى 15 عاماً من الفن والإبداع واستكشاف المواهب والحوار بين الأجيال، أثبت مهرجان دبي لمسرح الشباب بأن الدعم والترويج المقدمين له ليسا فقط استثماراً في المواهب الشابة، لكنه استثمار أكبر وأهم في مستقبل الأدب والفن والفكر ككل.
وكما انطلق المسرح من بوابة حاجة الشباب إلى فضاءات واسعة تمكنهم من التعبير عن أنفسهم والتفاعل مع المجتمع أصبح أحد أهم مهرجانات المسرح في الدولة ومنبراً أساسياً لتعزيز القيم الإيجابية وترسيخ مبادي الهوية الوطنية والانتماء ومحطة مهمة لإطلاق المواهب الشابة وإعطاء الفرص للعديد من الموهوبين، بحيث نقل معظمهم لمهرجانات المسارح الاحترافية الكبرى لتقديم أعمال طموحة تعكس قضايا المجتمع وتطلعاته.
وبات مهرجان دبي لمسرح الشباب، واحداً من أبرز المنصات الثقافية في دولة الإمارات التي تهدف إلى دعم المواهب الشابة في مجال الفنون المسرحية، وقد حقق منذ انطلاقه العديد من هذه الأهداف وعلى رأسها اكتشاف المواهب الشابة لتقديم أعمال إبداعية على مسارح محترفة، بالإضافة إلى تعزيز مكانة المسرح كأداة تعليمية وثقافية.
و تمكن المهرجان من دعم العديد من الماهرين في أكثر من عمل ومجال وترسيخ معنى التعاون بين أكثر من عنصر لصنع عروض مسرحية مؤثرة، وتقديم خبراتهم وتطوير مهارات المواهب الجديدة في مكان واحد.
ومن بين الإنجازات الأخرى التي حققها المهرجان دوره في رفع مستوى نتاج الشباب وبناء قدراته بفضل الورش التدريبية والدورات التي ينظمها لتمكين المشاركين من تعلم المزيد عن تقنيات المسرح الحديثة، سواء في ما يتعلق بالإخراج، أو التمثيل، أو الإضاءة والصوت وهذا المستوى من التدريب والدعم الفني ساعد على تحسين جودة العروض المسرحية، ما جعلها أكثر احترافية وجاذبية للجمهور.
ولم يكن المهرجان مجرد منصة للعروض، بل كان أيضاً مجالاً للحوار والنقاش حول أهمية المسرح في المجتمع، وسبل تطويره واستدامته من خلال الندوات والحوارات التي تُعقد على هامش الفعاليات وتميكن المهتمين بالشأن المسرحي، على مدى ما يزيد عن العقد ونيف من عمر المهرجان من تبادل الأفكار والخبرات، ما ساعد في إيجاد حلول للتحديات التي تواجه المسرح الشبابي في الإمارات، وبالتالي تحقيق نقلة نوعية في هذا المجال.
وبالنظر إلى ما حققه المهرجان حتى الآن، يمكن القول أن المستقبل يحمل الكثير من الفرص والتحديات، وقد يكون أبرز ما هو متوقع زيادة انتشار هذا النوع من المسارح في جميع أنحاء الدولة، بحيث لا يقتصر وجوده على دبي أو المدن الكبرى فقط بل تمتد تجربة مسرح الشباب إلى العديد من المراكز الثقافية والمدارس حتى يتمكن كل شاب من الوصول إلى فرصته الإبداعية.
ويلعب تعزيز الشراكات بين الجهات الثقافية والتعليمية دوراً في ضمان استدامة هذا المهرجان وغيره من المبادرات المشابهة، وقد يكون إنشاء صندوق خاص لدعم المسرح الشبابي من بين الطموحات المستقبلية التي ينبغي التركيز عليها، إضافة إلى أهمية تطوير النصوص المسرحية المحلية التي تتناول القضايا الراهنة في المجتمع الإماراتي وتقديم أعمال مسرحية تعبر عن هموم وتطلعات الجيل الجديد.

[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق