هناك حديث مستمر عن مخرجات التعليم، وهل هو مواكب للتطورات التقنية والتكنولوجية، ومثل هذه الحوارات والنقاشات مستمرة، حول هذا الموضوع، وهذا طبيعي وبديهي، فالتعليم جزء من الحياة التي نعيشها، واهتمامنا به لأنه حجر الزاوية في هذه الحياة، لذا هو من المواضيع والاهتمامات التي تقع في أعلى الهرم لدى المجتمعات والأفراد.
هناك جدل، يتداخل فيه المعلمون والتربويون والمختصون في هذا المجال، والآباء والأمهات، وحتى الطلاب، وهو عن التعليم النظري والتعليم العملي، وأننا نفتقر للتعليم العملي، وأن غيابه هو السبب في ضعف مخرجات التعليم، وهو موضوع يكاد يكون له الأولوية قبل مواضيع مماثلة أخرى، مثل إلقاء اللوم على المناهج الدراسية، أو عدم تطور طرق التدريس... إلخ.
لذا، أعتقد أنه من المهم، بادئ ذي بدء، أن نعرف ونفهم الفرق بينهما، فالتعليم النظري يعتمد بشكل أساسي على توصيل المعلومات والحقائق والأفكار من خلال الشرح والتفسير. لذا، يعتبره أنصاره ينمي قدرات الطلاب الذهنية، ويحفزهم على التفكير النقدي والتحليل، من خلال الاستماع إلى المحاضرات أو قراءة النصوص. وإن ما يميز هذا النوع من التعليم أنه يتيح للمتعلمين فهم المفاهيم المجردة، وتطوير المعرفة الأكاديمية.
لكن أنصار التعليم العملي، أو المتحمسين له يقولون، إنه أهمّ لأنه يرتكز على إكساب المتعلمين المهارات العملية، من خلال تطبيق المفاهيم النظرية في مواقف واقعية، وأنه يتيح الفرصة للطلاب للعمل المباشر والتفاعل مع الأدوات أو الموادّ ذات الصلة بمجال دراستهم، وأن هذا يُسهم في تعزيز فهمهم للمحتوى، وتطوير مهاراتهم التقنية والاجتماعية. وكل فريق يمتلك قائمة طويلة من البراهين والحجج، التي تثبت كلامه وما يذهب له.
والحقيقة أننا لو أمعنّا التفكير، لوجدنا أن التعليم النظري، والتعليم العملي، كأنهما جناحا الطائر، لا يمكن أن يطير ويحلق إلا بهما، وبسلامتهما وقوتهما، وإذا حدث أيّ خلل بينهما أو عدم توازن، فإن هذا الطائر لن يستطيع الطيران، وكذلك نحن، نحتاج للتعليم أن يكون نظرياً، وأن يكون عملياً، وألّا نفصل بينهما، بل نمنحهما معاً الفرصة للنمو والتوسع في عقل الطالب، وأن يكون ذلك جزءاً من تعليمه وسقي المعرفة له.
وأخيراً، ثمّةَ مقولة تنسب إلى الفيلسوف الكونفوشيوسي الصيني جوانغ تسي، قد توضح أهمية مثل هذا الترابط، جاء فيها: «المعرفة من دون تطبيق لا فائدة منها، والتطبيق من دون معرفة خطِر».
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com
0 تعليق