حسابات ثقافية غير عادية - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هل تظن أن أدمغة المثقفين العرب قد طافت بهذه المحاور الحيوية؟ الأرجح أنهم في هذه الأفلاك لا يسبحون. هل رأيتَهم يوماً يستخدمون الإحصاءات والإحصائيات، إن وجدت، في حسابات الزائد والناقص في شؤون مجالهم؟
من القضايا الخلافية التي تُعسّر ولا تُيسّر الحلول، تحجيم مديات الدراسات الثقافية. كعدم رؤية آثار استفحال الأمّية في الثقافة شأناً جديراً بالتحقيق. الأمّية تلوح للبعض مضادّة للثقافة، فكيف تُدرَس أو تُغرّس في حقولها؟ هذا شبيه بالقول إن الفيروسات ليست من الجسم حتى نبحث سلوكها التخريبي في جهاز المناعة.
لك أن تقطع بأن المثقفين واللغويين، لم يخطر ببالهم عقد مؤتمر لإعلان حالة الطوارئ القصوى وتحديد مستوى الاستعدادات المطلوبة. هل معنى ذلك أن نستلقي وأرجلنا في الماء، وأن نتقرفص مكتوفي الأيدي، وأن نردد: «بردت قهوتنا.. وانتهت قصتنا»؟ أم أن نهبّ هبّة رجل واحد كسيح؟ أيتها النخب، هل فكرتم، منذ هجوم المغول الجدد على قلعة الرشيد، وتداعي الغزاة على سوريا وليبيا وغزة ولبنان... في انعكاسات الانهيارات في دول تداعت فيها أحجار الدومينو، على حاضر اللغة والثقافة العربيتين ومستقبلهما؟ هل ستكون الأمور كأن شيئاً لم يكن؟ هل تلك البلدان بلا وزن في الميزان؟ قد يزعم البعض أن مدرستي النحو البصرية والكوفية باتتا شيئاً من الماضي، وأن الشعر العراقي، منذ ما قبل المتنبي إلى ما بعد نازك والسياب والبياتي، لا يحتاج تخزينه إلى بغداد، فهو محفوظ في الخوادم العملاقة، في السويد، الولايات المتحدة والصين.
هل توجد تحقيقات معزّزة بالأرقام عن الخسائر المادية والمعنوية، التي تكبدتها ثقافتنا، جرّاء تشريد الألوف من المبدعين وأهل الفكر والفن؟ أمّا هجرة العقول منذ القرن العشرين، فالكل يعلم ولا أحد يفعل شيئاً. لكن لا يجوز لأحد التجاسر علينا بالمثل: «أرحام تدفع، وأرض تبلع». المسألة مؤقتة مثل المثل الإيراني «المئة سنة الأولى صعبة».
ثمّة الخسائر اللاّمرئية للحسابات اللاّمنظورة. التنميات المتعثرة لا تولي هذه المسائل أهمية، والأوساط الثقافية كذلك. هل فكرت تلك المؤسسات في أن عشرات الملايين من ضحايا الأمّية والبطالة والتشرد، فيها ألوف المواهب والكفاءات، لو حظيت بتنشئة تحترم كرامة الفرد وحقه المشروع في الوصول إلى الإبداع والاختراع والإشعاع. تلك ثروات وكنوز مادية تمثل سلالم إلى ذرى التنمية الشاملة.
لزوم ما يلزم: النتيجة الجهنمية: من يقتل مئات ألوف الأطفال في العراق وغزة ولبنان، يعرف جيّداً معنى وأد البذور.

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق