كما هو واضح وماثل لنا جميعاً، فإن الأسرة هي البيئة التي يجد الإنسان نفسه محاطاً فيها بمن يحرص على سلامته وتنشئته وتربيته وتعليمه، وهي أول مجتمع يعيش فيه الإنسان؛ لذا تعتبر الأساس الذي يبني عليه الفرد علاقاته ومهاراته الاجتماعية في المستقبل.
والأسرة، مثلها مثل أي مجتمع آخر، تمر بتحديات وصعوبات، من بينها التوتر والنزاعات، التي قد تهدد تماسكها واستقرارها؛ لذا تكتسب مهارة إدارة التوتر وحل النزاعات أهمية بالغة، لأنها تُسهم في الحفاظ على وحدة الأسرة وصحة علاقاتها.
التوتر يمكن أن ينشأ نتيجة لضغوط الحياة اليومية، مثل المسؤوليات المالية، ضغوط العمل، أو التغيرات الحياتية، وعلى الرغم من أن التوتر هو جزء طبيعي من الحياة، فإن طريقة التعامل معه يمكن أن تحدد مدى تأثيره في العلاقات الأسرية، عندما يصبح التوتر غير مدار، قد يتصاعد ليؤدّي إلى نزاعات تؤثر في التفاهم المتبادل بين أفراد الأسرة؛ لذلك، يصبح من الضروري البحث عن استراتيجيات فعالة للتعامل معه، وحل النزاعات بشكل يعزز التماسك الأسري.
إحدى الاستراتيجيات الرئيسية لإدارة التوتر، وحل النزاعات، التواصل الهادئ والمفتوح؛ لذا من المهم أن يشجع أفراد الأسرة على التحدث، بصراحة، عما يزعجهم من دون خوف من الانتقادات أو التوبيخ. إن فتح قنوات التواصل بين الأفراد يساعد على تقليل التوتر، ويمنحهم الفرصة لتوضيح مواقفهم وفهم وجهات نظر بعضهم.
إضافة إلى ذلك، يجب أن يكون التواصل قائماً على الاستماع الفعال؛ حيث يستمع كل فرد إلى الآخر، من دون مقاطعة أو إصدار حكم مسبق. الاستماع بعناية يعكس الاحترام والتقدير للشخص الآخر، ويُسهم في إيجاد حلول تكون مقبولة من جميع الأطراف.
الاستراتيجية الثانية هي البحث عن حلول مشتركة، فبدلاً من التركيز على مَنْ هو المخطئ أو إلقاء اللوم، يفضل أن يتمحور النقاش حول كيفية حل المشكلة بشكل يرضي جميع الأطراف. أيضاً، في أحيان تؤدي التوقعات غير الواقعية أو غير المعلنة، إلى مشاعر الإحباط والتوتر، ومن هنا يكتسب الحوار المفتوح أهمية قصوى؛ لأنه يمنح كل فرد في الأسرة الفرصة ليعبّر عن توقعاته بطريقة واقعية ومتسقة، مما يُسهم في منع التوتر والنزاعات المستقبلية.
إن مهارة إدارة التوتر وحل النزاعات داخل الأسرة ضرورية للحفاظ على التماسك الأسري ورفاهية الأفراد، ويبقى التماسك الأسري أساس استقرار الأفراد وسعادتهم، كما أن التعامل مع التوتر والنزاعات بشكل بنّاء هو الطريق لتحقيق هذا التماسك.
0 تعليق