لا خلاف على أن الأطفال هم الحلقة الأضعف في كل النزاعات، بدءاً من بسيطها، وهو الدائر داخل الأسر، وصولاً إلى أعقدها وأكثرها تأثيراً، أي الحروب والنزاعات الدائرة في أكثر من مكان حول العالم.
وليس من الرفاهية بحال تخصيص مساحات أو مناسبات لنقاش واقع الأطفال في ظل هذا الاضطراب العالمي، ليس انطلاقاً من أحقيتهم في النظر في حاضرهم وإحاطته بأكبر قدر ممكن من الرعاية والأمان فحسب، وإنما أيضاً تحصيناً لمستقبلهم. وتحصين المستقبل الذي يمثله الأطفال الآن هو في الحقيقة صون لغد الدول والمجتمعات التي لا يمكن أن تنهض على سواعد شخصيات ممزقة وآتية من معاناة تفاقمها الحماقات السياسية وأنانية مهيمنتين على صناعة القرار.
من هنا، اكتسبت أعمال المنتدى السادس للشبكة العالمية للأديان من أجل الأطفال في أبوظبي أهميته وموقعه وسط الموضوعات الملحة التي ينبغي التصدي لها كغيرها من التحديات التي تواجه العالم وتتهدد مستقبله.
المنتدى الذي استضافه تحالف الأديان من أجل أمن المجتمعات في العاصمة الإماراتية انتهى بإصدار «نداء أبوظبي»، وهو صرخة قادة أديان ومفكرين ومتخصّصين بعد ثلاثة أيام من التحاور والتنبيه إلى حتمية البحث عن حلول للمخاطر المحدقة بأطفال العالم.
والمنتدى والنداء الصادر عنه من أبوظبي هما وجه التعقل في مواجهة الإفراط بالتضحية بالأطفال في صراعات الكبار بأكثر من شكل. وهما أيضاً تحذير من مغبة الاستمرار في تجنيد الصغار في المعارك، واستهدافهم خلالها، وحرمانهم من فرص التعليم والتداوي وبقية الحقوق الأساسية، وتعريضهم لويلات لا ينمحي أثرها بمرور السنين.
إن الأرقام التي تتوالى من ساحات الحروب تحتم التعامل مع الأمر بجدية أكبر، والانتباه إلى مثل هذه النداءات التي تأتي من ممثلي الأديان والمجتمع المدني في ظل عجز المؤسسات الأممية المعنية بواقع الأطفال عن تقديم ما هو أكثر من الإحصائيات والتحذيرات.
كثيرة هي الأرقام والتقارير المفزعة المتعلقة بواقع الأطفال في اليمن والسودان وفلسطين، وتحديداً غزة، ولبنان وأوكرانيا وبقية المناطق التي تشهد أياً من أشكال الاقتتال أو الخروج على القانون. والأنكى أن الصغار يساقون بعدد أكبر إلى المجموعات المسلحة في بعض البلدان. وأحدث ما قالته منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» في هذا الشأن هو أن عدد الأطفال الذين تجندهم عصابات مسلحة ارتفع بنسبة 70% في هايتي، على سبيل المثال، خلال عام واحد، وأنهم يشكلون نحو نصف أعضائها.
وهذا مثال للظلمات التي يساق إليها الأطفال، فضلاً عن الفقر والحرمان من كل الحقوق وفقدان أسس المستقبل الآمن. وفي تحذيرها من هذا الواقع في هايتي تنبّه «يونيسيف» إلى أهمية أن تكون سلامة الأطفال ورفاههم أولوية لجميع الأطراف.
وتلتقي المنظمة في ذلك مع ما جاء في «نداء أبوظبي» بتأكيد قيمة الالتزام الجماعي بضمان حق كل طفل في مستقبل آمن ومستدام، ما يعني بناء عالم مفعم بالأمل للأطفال.
0 تعليق