أقصر طريق للمواجهة - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تثبت التجارب شبه اليومية أن استهداف دول بعينها في المنطقة بالشائعات وخلط الحقيقي بالزائف أصبح عبئاً يستلزم مواجهة واعية ويقظة، وفي بعض الوقائع سريعة، لكنها السرعة التي لا تستجيب للابتزاز، ولا يكون هدفها الأول مجرد الرد، بل المتسلحة بالحقيقة والإصرار عليها، رغم أية محاولة للابتزاز.
وليس جديداً القول إن هذا الاستهداف هو جزء من الحروب الجديدة، وإن في قلبها الإعلام، خاصة وسائطه العصرية التي يختلط فيها حابل الأمور بنابلها، وهو اختلاط مقصود في كثير من الأوقات.
لا يمكن تصوّر أن كل هذا التدفق اللحظي للمعلومات مجرد لهو من شباب أو غيرهم من أصحاب الحسابات واضحة الهوية أو المتخفية، ولا يصحّ التعامل مع الأمر أنه مجرد تفاعل مع الأحداث والتطورات ابتداء من مباريات كرة القدم، وانتهاء بالقضايا الكبرى في المنطقة..
إذا استثنينا جزءاً بسيطاً يمكن إخراجه من دائرة التوظيف، فلا مبالغة في القول إن معظم ما يدور في هذه الوسائط الحديثة هو استغلال لما يتوفر لها من إمكانات من جماعات وقوى متعددة. وهذه الجهات لا تستمد قوتها وحضورها في هذه الوسائط من سلامة قناعاتها أو صدق توجهاتها أو ارتباطها بمصالح وطن أو المنطقة، وإنما تمرّسها في نسج ما لا أصل له وتحويله إلى حقيقة، أو خلط القليل من الحقيقي بكثير من المصطنع وإطلاقه في فضاءات متحررة من أية قيود، وآمنة من المساءلة، بفضل انتشارها في بقاع جغرافية عدة جول العالم.
وهذا نهج قديم للجماعات الخارجة عن الإجماع الوطني، لكنّ غيابها عن الإعلام التقليدي كان ييسّر التصدي لادعاءاتها، غير أن المعادلة اختلفت، فبالتزامن مع الاختفاء من الواقع والرفض الشعبي لوجوه هذه الجماعات وخطابها، وجدت في التطور التقني المتسارع ضالتها، خاصة مع تفرّق أعضائها في البلاد، وتمرّنهم الواضح على استخدام الأدوات الجديدة.
هذا التمرّن أفرز كثيراً من رموز التضليل، ويتبعها بشكل عنقودي، على طريقة بناء التنظيمات المتطرفة، شبكات من المروّجين التي تتلقف المحتوى المضلل، وتتفرغ لإغراق المنصات به، إصراراً على إكسابه صفة الحقيقة.
ومن أسف، أن كثيراً مما يشاع على هذا النحو يطغى على محاولات تصويبه، خاصة أن آخرين لا يتبعون هذه الجماعات قد يُسهمون في ترويجه، إما جهلاً، أو انقياداً لهوى، أو انخداعاً في محتوى يدّعي وصلاً بقضية مهمة أو دفاعاً عنها..
ورغم ذلك، تؤكد التجارب أن الطريق الأقصر والأصدق لأية دولة أو جهة تُرمى بالشائعات أو التزييف المتعمد للوقائع هو الإصرار على مواجهة ذلك بالحقيقة وحدها، وعدم التهاون أمام أية محاولات للابتزاز، فالصمت والتجاهل في بعض الحالات لا يجديان، خاصة إذا تعلق الأمر بمحاولات النيل من ثوابت وطن أو ضرب نسيجه المتماسك، أو التغطية على جهوده في ملف بعينه. وكلما اتسع هذا الفضاء الإلكتروني والمعلوماتي، ألحّت الحاجة إلى تطوير أسلحة الوجود فيه، وتقوية جبهات مقاومته.

[email protected]

0 تعليق