في عالم تسوده السرعة وتنتشر فيه التكنولوجيا، أصبح السؤال الذي يطرحه الكثير هو: هل الكتاب المطبوع سيختفي؟ وبصيغة أخرى: هل سيظل للورق مكان في المستقبل، أم أننا أمام عصر جديد تكتب فيه القصص وتُحكى الحكايات من خلال الشاشات فقط؟ السرديات الرقمية ليست مجرد تطور تقني، بل هي تجربة جديدة تشكّل مفاهيمنا عن القراءة والكتابة، وتعيد تعريف العلاقة بين القارئ والمحتوى.
عندما ظهرت الكتب الإلكترونية، كان الكثير يعتقدون أنها مجرد موضة ستزول مع الوقت، وأن الكتاب الورقي سيظل ملكاً للقراءة، لكن مع مرور الزمن وتوسع الاستخدامات الرقمية، أصبح من الواضح أن العالم يتغير بسرعة، الكتب الإلكترونية اليوم أصبحت متاحة في كل مكان، يمكن للقارئ تحميل كتابه المفضل في ثوانٍ معدودة، وهو جالس في مكانه، وإذا نظرنا إلى اتجاهات القراءة، فسنجد أن الهواتف الذكية، الأجهزة اللوحية، وحتى القارئات الإلكترونية مثل «Kindle»، قد أصبحت الوسائل الأكثر شيوعاً لاستعراض النصوص وقراءتها.
هذه التقنية لا تقتصر على الكتب فقط، بل تشمل أيضاً السرديات الرقمية، مثل المدونات، القصص التفاعلية، والكتب الصوتية، فالأدوات الحديثة تمكّن القراء من التفاعل مع القصص بشكل جديد، من خلال إضافة الصور، الصوت، والفيديو، أو حتى من خلال اتخاذ قرارات تغير مسار القصة نفسها، ما كان في السابق مجرد صفحة ثابتة، أصبح اليوم تجربة متعددة الأبعاد؛ حيث يمكن للقارئ أن يغمر نفسه في قصة يتفاعل معها بطريقة غير مسبوقة.
لكن السؤال يبقى: هل يهدد ذلك الكتاب المطبوع الورقي؟ هناك العديد من الجوانب التي تبين أن الكتاب الورقي لن يختفي، وسيجد نفسه في مكان جديد، بالنسبة للكثير من محبي الكتب. تحمل النسخة الورقية قيمة عاطفية ورمزية لا يمكن استبدالها، صوت ورق الكتاب، رائحته، وحتى اللمسة التي تتيح لك الإحساس بتطور القصة مع كل صفحة تقلبها، هي تجارب لا يمكن أن تقدّمها شاشة الهاتف أو الحاسوب.
في الحقيقة، لا يبدو أن الكتاب الورقي سيختفي تماماً، قد يقلّ الإقبال على بعض الأنواع، لكن الكتب المطبوعة التي ترتبط بالثقافة والذكريات ستظل قائمة.
وكما هو معروف، فإن الناس دائماً يبحثون عن طرق جديدة لإيصال أفكارهم ومشاعرهم، والرقمية منها تعزز تجارب القراءة بأساليب مختلفة، لكن الكتاب الورقي يحافظ على مكانته. سيظل الكتاب المطبوع موجوداً بجانب الكتب الرقمية، كجزء من تنوع لا ينتهي في الطريقة التي نروي بها القصص ونعيشها.
0 تعليق