عبداللطيف الزبيدي
بماذا تشبّه إنشاء وزارة الأسرة في دولة الإمارات؟ يقيناً، هي أكبر من أن تكون مشروعاً مهمّاً، وأبعد مدى من أن توصف بأنها إنجاز كبير. يمكن القول إن إحداث هذه الوزارة إنما هو تجديد وتعزيز لحجر الأساس في بناء الدولة، لأن الفكرة بنيوية بكل الأبعاد والمقاييس.
من الضروري العودة قليلاً إلى توجيهات وجيهة سابقة، أصدرها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بضرورة بدء الرعاية التربوية للطفل منذ مولده. الآن اكتمل المشروع بإنشاء الوزارة التي ستؤهل الأسرة للاضطلاع بدورها ومسؤوليتها في احتضان المولود إلى حين انتقال الأمانة إلى نظام التربية والتعليم.
إنشاء الوزارة يعني في حد ذاته وبكل المقاييس أن المشروع يتجاوز بكثير توفير الوسائل المادية والمعيشية لنهوض الأسرة بالأعباء المترتبة على العناية بالطفل، فمثل هذا النطاق الضيق لا يحتاج إلى أكثر من مؤسسة خدمات اجتماعية أو جمعية للمساعدات. هنا ندرك أن الغايات البعيدة هي تأهيل الأسرة وإعدادها بمناهج علمية في ميادين العلوم التربوية والصحية والنفسية والاجتماعية، حتى لا تضيع سنوات ما قبل المدرسة في انتظار دخول الصفوف المدرسية، ولا تقتصر على العناية بالطفل غذائياً وصحياً.
عند التفكر في أبعاد إنشاء الوزارة تتجلى لنا ثلاثية بنيوية حيوية هي فردية، اجتماعية وسياسية، متلازمة وتراتبية. هذه الثلاثية تعيدنا إلى الصين قبل ستة وعشرين قرناً، في ذلك الزمان البعيد أطلق الحكيم كونفوشيوس رباعيته الشهيرة، وهي من أهم تعاليمه، يقول: «الفرد الجيّد يبني الأسرة الجيدة، والأسرة الجيدة تبني المجتمع الجيد، والمجتمع الجيد يبني الدولة الجيدة». الفرد، الأسرة، المجتمع، الدولة.
عطفاً على إنشاء وزارة الأسرة يكون لزاماً على هذه المؤسسة التأسيسية ألاّ تكون مرحليةً، بمعنى ألاّ تقتصر مسؤولياتها على سنوات ما قبل المدرسة، أو أن تكتفي بمتطلبات الأسرة في حياتها اليومية. عندها يكون الهدف الأسمى تأهيل الآباء لأن يكونوا مدرسةً موازيةً على الدوام، بلا انقطاع، لجعل الأسرة بكاملها في مسيرة ارتقاء فكري ثقافي تربوي علمي وصحي، مواكبةً لكل التحولات الإيجابية في الدولة والعالم.
لزوم ما يلزم: النتيجة التنمويّة: أعظم إنجاز يفتح آفاق المستقبل بشمم، هو ربط التعليم بالتنمية، أمّا ربط الأسرة بالتنمية فتلك جنان الازدهار.
0 تعليق