وسط الزحام اليومي وانشغالنا بالسعي وراء أهدافنا، نادراً ما نتوقف لنلتفت إلى أولئك الذين يسهمون في جعل حياتنا أكثر سهولة وراحة. هؤلاء هم «أبطال القصص التي لا تروى»، أشخاص يعملون بصمت، يتحملون أعباء ثقيلة دون أن يطلبوا تقديراً أو ينتظروا إشادة، حياتنا مليئة بهم، ومع ذلك، كثيراً ما تمر جهودهم دون أن نلاحظها أو نقدرها.
هؤلاء الأبطال قد يكونون أقرب مما نتخيل، إنهم كثيرون، منهم المقربون منا جداً، مثل الأمهات والآباء، الذين يعملون بلا كلل لتأمين حياة أفضل لأبنائهم، وربما يخفون عنهم متاعبهم لكيلا يشعروا بثقل المسؤولية. هم أيضاً من عمال النظافة الذين يعملون على أن تبقى شوارعنا وأحياؤنا نظيفة، دون أن ندرك مقدار الجهد الذي يبذلونه في ظروف قد تكون قاسية. هم المعلمون الذين يتفانون في غرس القيم والمعرفة، في أجيال متلاحقة من الطلاب والطالبات، وغالباً ما ينظر إلى عملهم على أنه أمر مسلم به.
في عالم أكثر اتصالاً، هناك أيضاً العاملون خلف الكواليس في قطاعات لا نراها، مثل المزارعين الذين يزرعون غذاءنا، وسائقي الشاحنات الذين ينقلون السلع إلى متاجرنا، وفرق الدعم الفني التي تضمن استمرار خدماتنا الرقمية بسلاسة، وجنودنا البواسل الذين سلموا أرواحهم فداء لوطنهم، والأطباء، وأطقم الرعاية الصحية، الذين يمضون الساعات عند رأس مريض، يحتاج إلى المتابعة والرعاية.
هؤلاء الأفراد لا يظهرون على منصات التواصل الاجتماعي ولا يسعون للفت الأنظار، لكنهم يشكلون العمود الفقري لحياتنا اليومية، وهناك غيرهم الكثير، زادهم الله وكثر من خيراتهم.
إن عدم تقديرنا لهؤلاء الأبطال قد لا يكون مقصوداً، بل نتيجة انشغالنا أو اعتيادنا على وجودهم، نحن نميل إلى التركيز على الإنجازات والأشخاص الظاهرين، متناسين أن الكثير من هذه الإنجازات لن تكون ممكنة لولا جهود أولئك الذين يعملون خلف الستار، خلف الكواليس كما يقال.
التقدير لا يعني بالضرورة كلمات ضخمة أو إشادة علنية، أحياناً يكون التقدير في كلمة شكر بسيطة، في الاعتراف بالجهود التي نبني عليها حياتنا، وفي إعادة النظر في الطريقة التي نتفاعل بها مع هؤلاء الأشخاص. التقدير يبدأ من إدراكنا أن لكل دور قيمة، وأن الأعباء التي يحملها الآخرون نيابة عنا تستحق الامتنان.
«أبطال القصص التي لا تروى» يذكروننا بأن العالم لا يبنى فقط على الأضواء، بل على الأكتاف التي تحملنا عندما نكون مشغولين بمطاردة أحلامنا، ربما حان الوقت لنروي قصصهم، ليس بالكلمات فقط، بل بالتقدير الحقيقي الذي يستحقونه.
0 تعليق