لا نشتريها بالمال - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في عالم تغلب عليه المظاهر المادية، وأرقام الحسابات البنكية، أصبح المال مقياس النجاح الأبرز. نحن نركض للسكن في منزل فاخر، ونشتري سيارات فارهة، ونقضي عطلاً باهظة، معتقدين أن هذه الجوانب هي مفتاح السعادة. وبينما ننشغل بجمع المال، ننسى أن هناك جوانب لا تشترى بأي ثمن، مثل العلاقات الحقيقية، والصحة النفسية، واللحظات التي تشعرنا بأننا أحياء.
العلاقات الإنسانية، على سبيل المثال، كنز نادر لا يمكن شراؤه. صداقات حقيقية، عائلة متماسكة، أو شريك يفهمك دون أن تنطق كلمة، كلها أصول لا تقدر بثمن، ومع ذلك، نجد أنفسنا غالباً نقلل من قيمتها، غارقين في دوامة العمل أو منشغلين بوسائل التواصل الاجتماعي، نعتقد أن الوقت يمكن تعويضه لاحقاً، ولكن الحقيقة المؤلمة هي أن العلاقات مثل النباتات تحتاج إلى رعاية، وإهمالها قد يؤدي إلى ذبولها وفقدانها للأبد.
الصحة النفسية هي أيضاً من الجوانب التي نفشل في تقدير قيمتها حتى تنهار، في سباقنا المحموم لتحقيق أهداف مادية، نستهلك أنفسنا دون وعي، الإجهاد المستمر، السهر الطويل، والضغط النفسي، أصبحت روتيناً يومياً نبرره بالسعي للنجاح، ولكن ما الفائدة من المال إذا كنا نشعر بالفراغ الداخلي؟ لا توجد ثروة في العالم تستطيع استعادة سلامك النفسي إذا فقدته.
نحن ننسى قيمة هذه الحاجات، لأننا نعيش في عالم يجعلنا نعتقد أن ما نملك أهم مما نشعر به، صور الحياة المثالية التي نراها على وسائل التواصل الاجتماعي، تجعلنا نركز على المظهر بديلاً عن الجوهر، ننسى أن الحب الحقيقي لا يحتاج إلى مظاهر، وأن الراحة النفسية لا تأتي من الأشياء التي نشتريها، بل من اللحظات الصادقة التي نعيشها.
إعادة تقدير الأشياء التي لا تشترى بالمال تبدأ من التوقف قليلاً في هذا السباق المحموم، خصص وقتاً لمن تحبهم، استمع إليهم، وكن حاضراً معهم بجميع حواسك، اعتنِ بنفسك، امنحْها الراحة، والاهتمام الذي تستحقه، السعادة لا تكمن في الأشياء التي نملكها، بل في الشعور بالامتنان لما هو، بالفعل، بين أيدينا.
قد يكون المال وسيلة لراحة حياتنا، لكنه ليس الغاية، العلاقات الحقيقية والصحة النفسية هما الثروة الحقيقية التي تمنح الحياة معناها وجمالها، إذا كنا نرغب في حياة مليئة بالرضا، فعلينا أن نتوقف عن الركض وراء ما يمكن شراؤه، ونبدأ بالاعتناء بما لا يمكن تقديره بأي ثمن.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

أخبار ذات صلة

0 تعليق