من باب الحديث عن إنجازات القطاع العقاري في دبي، وحجم المبيعات العقارية المحققة في السوق، المتوقع لها أن تتجاوز نصف تريليون درهم مع نهاية العام الجاري، ومن باب التتبع لعقارب ساعة البيع لدى المطورين، وما حققوه من أرباح خلال هذا العام، وكم من مطور أعلن بيع جميع وحدات المشروع الفلاني بعد ساعات قليلة من طرحه، بديهياً قد نجد أن ارتفاع الطلب على العقارات في دبي وتزايد كثافة سكانها وارتفاع عدد المقيمين بها أسهمت في ذلك، بين هذا الدافع والدوافع الأخرى توجد نقطة وصل، أو بالأحرى يمكن القول عنها إنها تقنية جديدة أصبح يعتمدها المطورون في بيع مشاريعهم، وهي تعهيد عمليات البيع إلى شركات التسويق، من خلال عقود حصرية بين المطور والشركة. وفي الغالب تأخذ هذه الاتفاقيات قالب البيع من المطور مباشرة، بحيث إن المشتري الذي يتمكن من عقد صفقة من خلال هذه الشركة المتفق معها، لا يدفع عمولة شراء العقار، وهذا هو المفهوم الشائع والسائد حالياً في جميع تعاملات السوق العقارية في دبي، بعد أن أثبتت التجارب نجاح هذه الطريقة في بيع المشاريع العقارية.
اليوم، أصبح تعهيد عمليات البيع لشركات التسويق العقاري توجهاً ناجحاً ومتزايداً في السوق، خاصة مع إثبات فاعلية هذا النموذج في بيع المشاريع العقارية الفاخرة والمتوسطة. وهذا ما خلق بيئة عمل منظمة وفاعلة تحققت من خلالها عدة فوائد للسوق والمشترين والمطورين.
تعهيد عمليات البيع قلل من الحاجة إلى إنشاء فريق مبيعات داخلي بالكامل لدى المطور، ما خفض نسبة كبيرة من الكلف الإدارية والتشغيلية لشركات التطوير، علاوة على تقليل ميزانيات التسويق للمشروع؛ حيث أصبح أغلب المطورين اليوم يركزون على تسويق العلامة التجارية الخاصة بهم بدلاً من المشروع نفسه؛ لأن ذلك أصبحت تتولى أمرَه شركاتُ التسويق العقاري، من جهة أخرى أصبحت هذه الشركات، من أكثر الجهات المستقطبة للوسطاء العقاريين؛ حيث إنها تركز على توفير فرق متخصصة من الوسطاء المؤهلين، لضمان فاعلية استراتيجيات البيع والتسويق التي تبنتها، وتحقيق المستهدفات المتفق عليها مع المطور من المشروع العقاري، وفقاً للعقود الحصرية الموقعة بين الطرفين، والتي تضمن التزام شركة التسويق بتنفيذ استراتيجيات تسويق مكثفة وموجهة للمشروع، ما يعزز فرصة البيع السريع وتحقيق أهداف المطور.
أظهرت التجارب أن هذه الشركات قادرة على تسويق المشاريع بمختلف أنواعها بفاعلية، سواء كانت متوسطة أو فاخرة، مستفيدة من خبرتها في الوصول إلى شرائح متنوعة من العملاء، وبناء قاعدة أكبر من العملاء المحتملين محلياً ودولياً، وهذا ما حفّز الطلب وعزز حركة السوق العقارية، وزاد من سرعة بيع المشاريع الجديدة في ساعات.
مع زيادة المنافسة في السوق العقارية، من المتوقع أن يستمر الاعتماد على هذا النموذج كوسيلة استراتيجية لتحسين كفاءة عمليات البيع وتوسيع قاعدة العملاء، لكن هذا لا يلغي وظيفة الوسيط مع المطور أو يقلل من حصة توظيف الوسطاء بالسوق؛ لأن مهنة الوساطة العقارية اليوم توسعت مع دخول مفهوم شركات التسويق العقاري، وأصبحت الحاجة إلى وجود فريق وسطاء محترفين من أهم خطط هذه الشركات لتتمكن من الالتزام بالعقود التسويقية المبرمة مع المطورين.
في نقطة أخرى يمكن القول بأن هذا النموذج المتبنى حديثاً في السوق هو ما كان له الفضل في انتشار مفهوم البيع من المطور مباشرة، ويعني ذلك أن العميل غير ملزم بدفع عمولة للوسيط؛ لأن الأتعاب متفق عليها في العقد وسيتولى أمرها المطور.
0 تعليق