تقرير: عهود النقبي
تثبت دولة الإمارات العربية المتحدة للعالم، اليوم وفي كل يوم، أن صحة بناء الأسرة هي عماد سلامة واستقرار المجتمع، وأساسه، والهدف الأسمى في ما تتطلّع إليه، وتسعى إلى التأكيد عليه الحكومة الرشيدة، ووزارة الصحة ووقاية المجتمع، في تعزيز بناء مجتمع إماراتي صحيح يُلائم التطلعات الوطنية ومتطلبات مستقبل الدولة، فمنذ انطلاق برنامج الجينوم الإماراتي في يناير عام 2021 الذي يعد أكبر برنامج جينوم سكاني في العالم، من حيث حجم العينة والتكنولوجيا المستخدمة، والقيادة الرشيدة تواصل جهودها في تحقيق نتائجه التي لم تكن محصورة في جمع العينات من المواطنين فقط، بل لبدء تطبيق ما يمكن أن يحد من الأمراض الجينية.
منذ ما يقارب العام، تناولت «الخليج» قضية تحت عنوان «زواج الأقارب.. بين الضرورة الاجتماعية ومخاطر الإنجاب» وتم استعراض أهم المشاكل الطبية التي تنجم عن الأمراض الجينية، التي لم يكن هناك ما يثبت وجودها خلال الفحص التقليدي لما قبل الزواج وبناء الأسرة، والتي تحمل مستقبلاً صحياً مُهدّداً للأبناء بعلاجات مكثفة وباهظة التكاليف.
أما الآن، ونظراً لما يمثله الاختبار الجيني للمقبلين على الزواج من درع حصين يقي ويحمي الأبناء من الأمراض مستقبلاً، وما يمثله من توجه مدروس يدفع بالقطاع الصحي نحو الريادة والسلامة، وفي تسلسل هو الأسرع، وبعد تطبيق الاختبار الجيني في أبوظبي، وفي إطار جهودها لتعزيز القدرة على اتخاذ القرارات الصحية الواعية، أعلنت دائرة الصحة في أبوظبي إدراج الاختبار الجيني ليُصبح جزءاً أساسياً من برنامج فحوص ما قبل الزواج لكافة المواطنين المقبلين على الزواج في الإمارة، في تاريخ 1 أكتوبر 2024.
وجاء ذلك بعد النجاح الذي حققته المرحلة التجريبية، والتي حصل خلالها أكثر من 800 زوج على الدعم اللازم، وقاموا بالاختبار الجيني لتمكينهم من اتخاذ قرارات واعية حول مستقبل صحة أسرهم، حيث أظهرت بيانات البرنامج بأن 86% من الأزواج نجحوا بالتحقق من التوافق الجيني، في حين احتاج 14% منهم فقط لتدخل إضافي ووضع خطة مناسبة لتأسيس أسرتهم بناءً على نتائجهم الجينية.
وعقب ذلك، صدر قرار مجلس الإمارات للجينوم الذي جاء ضمن الاجتماعات السنوية لحكومة الإمارات، بإعلان وزارة الصحة ووقاية المجتمع عن بدء التطبيق الإلزامي للاختبار الجيني ضمن برنامج فحوص ما قبل الزواج لجميع المواطنين المقبلين على الزواج على مستوى الدولة اعتباراً من بداية يناير 2025، في خطوة تمثل استباقية دولة الإمارات في دفع القطاع الصحي نحو الريادة، ويُعد الاختبار الجيني ضمن فحوص ما قبل الزواج إجراءً صحياً وقائياً يتيح للمقبلين على الزواج الخضوع لفحوص جينية، لتحديد فيما إذا كانوا يحملون طفرات جينية مشتركة وقد ينقلونها لذريتهم مستقبلاً، وقد تتسبب لأطفالهم بأمراض وراثية يمكن الوقاية منها.
ويغطي الاختبار الجيني 570 جيناً لأكثر من 840 حالة طبية، ويعدّ إجراءً في غاية الأهمية كونه يساعد المقبلين على الزواج في تقييم مخاطر إنجابهم لأطفال مصابين بأمراض وراثية، وتدعمهم لاتخاذ قرارات مدروسة واعية عند التخطيط لتأسيس الأسرة.
وهذه الرؤية الحكيمة لا تنطلق إلا من حرص صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الذي أطلق الاستراتيجية الوطنية للجينوم، بهدف وضع منظومة متكاملة لتطوير برامج الجينوم، ما يكثف من كفاءة قطاع الرعاية الصحية في الدولة، من خلال برامج الطب الوقائي.
ويشرف على البرنامج بشكل مباشر، مجلس الإمارات للجينوم، برئاسة سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، رئيس المجلس التنفيذي، ويعمل البرنامج تحت مظلة وزارة الصحة ووقاية المجتمع ومؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، ودائرة الصحة - أبوظبي، وهيئة الصحة بدبي ومؤسسة دبي الصحية.
إضافة المؤسسات الأكاديمية والطبية والتكنولوجية الشريكة وتتضمن جامعة خليفة، وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وجامعة الإمارات العربية المتحدة، وجامعة نيويورك - أبوظبي، وجامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، وجامعة الشارقة بجانب «جي 42 للرعاية الصحية»، ومركز أبوظبي للخلايا الجذعية، وكليفلاند كلينك أبوظبي، وشركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة».
الفحص التقليدي والجيني
وردت عدة تساؤلات عن الفارق بين الفحص التقليدي المتعارف عليه لما قبل الزواج، وإدراج الفحص الجيني ضمن تلك الفحوص، وعن ماهية الأمراض التي قد يوضحها هذا الفحص الجيني الجديد من نوعه في الدولة، فالفحص التقليدي كان يتضمن اختباراً للأمراض المعدية، مثل فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد B وC، والحصبة الألمانية وأمراض الدم وتوافق فصائلها، ومن خلال هذا الفحص يتم الكشف عن تاريخ الأمراض الوراثية للعائلتين ومن ثم توجيه وإعطاء المشورة للخطيبين.
أما بالنسبة لفحص الجينوم، فهو فحص دقيق للحمض النووي والجينات، يغطي 570 جيناً لأكثر من 840 حالة طبية، التي من الممكن أن يحملها الفاحص، والتي يمكن أن يتم نقلها للأبناء في المستقبل، وهنا تكمن أهمية هذه النقلة في هذا النوع من الفحوص، حيث سيصبح الاختبار الجيني كاشفاً طبياً وتنبيهاً واقعياً لما قد يحملهُ المستقبل للمقبلين على الزواج، حيث سيترك هذا الفحص فرصة مهمة لتفادي العديد من الأمراض وعلاجها بشكل استباقيّ ودقيق.
0 تعليق