دمشق - أ ف ب - في باحة منزل تراثي دمشقي، يناقش ناشطون دور المجتمع المدني في المرحلة الانتقالية في سورية. بعد معاناة لعقود في ظلّ حكم عائلة الأسد، هم عازمون على العمل للحؤول دون وصول أي حكم استبدادي في المستقبل.
منذ تولي الإدارة الجديدة بقيادة "هيئة تحرير الشام"، السلطة في الثامن من ديسمبر الماضي، عقب هجوم مباغت أدّى الى انهيار حكم بشار الأسد، تشهد دمشق اجتماعات عامة مكثّفة كانت محظورة حتى وقت قصير مضى، منها لقاءات مؤثّرة بين نشطاء في الداخل وأولئك العائدين من المنفى.
منذ ساعتين
منذ ساعتين
وعاد هؤلاء إلى البلاد للمرة الأولى منذ سنوات بعدما غادروها بسبب الحرب التي بدأت بانتفاضة سلمية من أجل الديمقراطية عام 2011، قبل أن تتحول إلى نزاع دام بعد قمع الأسد للمحتجين، وسجنهم وقتلهم بأعداد كبيرة، فيما فرّ الملايين من البلاد.
مع سقوط الأسد، يسعى الناشطون الذين قادوا الثورة آنذاك إلى ضمان أن تكون أصواتهم مسموعة.
والتقى مسؤولون من منصة «مدنية» التي تضمّ عشرات المنظمات من المجتمع المدني، قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع في الرابع من يناير ليعلنوا مطالبهم بوضوح.
خلال اللقاء، أكّدت منصة «مدنية» على «الدور الجوهري الذي يلعبه المجتمع المدني في الفضاءات السياسية، وتحديداً في فترات الانتقال السياسي»، وفق بيان تلته المديرة التنفيذية للمنصة سوسن أبوزين الدين خلال مؤتمر نظّمته المجموعة في دمشق.
وأضافت أن النقاش مع الشرع تناول «استحقاقات المرحلة الحالية المرتبطة بصياغة عملية انتقال سياسية تشاركية تمثّل تطلعات السوريين»، و«عدم الاكتفاء بتعيينات اللون الواحد».
وقالت الدين التي التقت الشرع مع مؤسس منصة «مدنية» رجل الأعمال السوري البريطاني أيمن أصفري، إنهما تحدثا خلال الاجتماع عن «ملف المقاتلين الأجانب في تشكيلات وزارة الدفاع» وضرورة «التعامل» معه.
فراغ دستوري
وطالبت «مدنية» كذلك، وفق أبوزين الدين، بـ«الكثير من الشفافية» في التحضير لمؤتمر الحوار الوطني الذي ستنظمه السلطات، لا سيما في اختيار المشاركين.
وأعلن وزير الخارجية أسعد الشيباني الأسبوع الماضي، أنّ الإدارة الجديدة تعمل على تشكيل لجنة تحضيرية موسّعة تمثّل مختلف أطياف الشعب لتعدّ لمؤتمر الحوار الذي سيشكّل، وفق قوله، «الحجر الأساس» لمستقبل البلاد.
ويقول المحامي عبدالحي سيّد «نحن في حالة فراغ دستوري، ونعيش في مرحلة انتقال بعد 62 عاماً من حكم البعث من ضمنها 54 عاماً من حكم عائلة الأسد».
وسيّد هو بين 300 موقّع على عريضة تطالب بانتخابات حرة لنقابة المحامين، بعد أن سمّت السلطات الجديدة نقيباً جديداً بدل النقيب الذي كان معيناً من السلطات السابقة.
ويرى أن هذا المؤتمر «بالغ الأهمية»، شرط أن يتمثّل فيه المجتمع المدني والنقابات، لتكون بمثابة «سلطة مضادة» قائمة على «علاقة قوة» مع السلطة الجديدة لمنع تكرار تجارب الماضي.
ويضيف المحامي «ينبغي لهذا المؤتمر أن يعدّ خريطة طريق لقانون انتخابات، تنتج عنه لجنة تأسيسية تعمل على صياغة دستور. وتكلّف هذه اللجنة صياغة دستور دائم وبإمكانها لاحقا أن تتحوّل إلى برلمان».
وأكّد الشرع خلال مقابلة مع قناة «العربية» في أواخر ديسمبر، أن تنظيم انتخابات عامة قد يتطلّب «أربع سنوات».
الحركة النسوية
ومنذ وصول السلطة الجديدة الى دمشق، يكرّر موفدون دوليون، أهمية أن تكون العملية السياسية جامعة تكفل احترام الحقوق المدنية والحريات الأساسية.
ويخشى سوريون كثر من توجّه إلى إقامة نظام حكم ديني وإقصاء مكوّنات سورية واستبعاد النساء من العمل السياسي، رغم رسائل طمانة من المسؤولين إلى مختلف المكونات السورية وبينها الأقليات الدينية وإلى المجتمع الدولي.
ونقلت «الحركة السياسية النسوية السورية» هذه الرسالة خلال مؤتمر عقدته في الثامن من يناير.
وقالت المحامية جومانا سيف التي تعمل على جرائم الحرب في سورية «نحن نطالب ونحلم (...) بدولة مواطنة فيها حقوق متساوية، وواجبات متساوية».
وأكدت المحامية التي سجن والدها النائب رياض سيف في عهد بشار الأسد، أن للنساء «دوراً كبيراً جداً، وسنقوم به»، مضيفة «نحن نطالب أن نكون عضوات فاعلات في مؤتمر الحوار» الوطني.
وقالت الكاتبة والناشطة وجدان ناصيف التي سجنت ثم هاجرت من سورية، خلال المؤتمر، «لا نريد أن تتكرر الفترة السابقة القاسية، لا نريد مستبداً جديداً».
وتضيف «لا نريد أن نرى معتقلات، حقّنا أن تكون لنا مشاركة في مرحلة جديدة».
0 تعليق