في هذا السياق، تولي هذه الدول أهمية قصوى لمسألة تطوير التعاون بينها للتغلب على هذه التحديات، حيث أعطت السياسة الخارجية لأوزبكستان في آسيا الوسطى دفعة إيجابية لتعزيز التفاعل بين الدول في القطاعين الزراعي والغذائي، وأثمرت توقيع حزمة قوية من الاتفاقيات المتعلقة بالقطاع الزراعي الصناعي.
ولم تخرج مفاوضات رئيسي كازاخستان وأوزبكستان، شوكت ميرضيائيف وقاسم جومارت توكاييف في 8 أغسطس من هذا العام عن هذا السياق، فقد تم توقيع اتفاقية لتعزيز التعاون بين البلدين في مجال الزراعة. ويمكن اعتبار زيارة رئيس كازاخستان إلى طشقند في نوفمبر 2022 واحدة من أكثر الزيارات إنتاجية من حيث التعاون في القطاع الغذائي. فقد تم إبرام اتفاقيات حول الإنتاج المشترك للأسمدة المعدنية، واعتماد برنامج للتعاون الثنائي لزيادة التجارة المتبادلة وتنفيذ مشاريع مشتركة في مجال الإنتاج الزراعي بقيمة 1.3 مليار دولار.
وبالمثل، في الفترة من يناير إلى مارس 2023، عقب زيارات وفود رفيعة المستوى والمفاوضات بين أوزبكستان وقيرغيزستان، تم توقيع 8 اتفاقيات تعاون في القطاع الزراعي الصناعي، تشمل مجموعة واسعة من القضايا المتعلقة بالتعاون في مجال الزراعة، والتنظيم الصحي النباتي، وتوريد المنتجات الزراعية المتبادل.
كما طورت أوزبكستان اتصالات مع طاجيكستان وتركمانستان، فقد وقعت في السنوات الأخيرة عدة "خرائط طريق" مع هذه الدول لتعميق التعاون بين الأقاليم، والاستخدام الرشيد لموارد الأنهار العابرة للحدود، وتعزيز التجارة عبر الحدود. وخلال الفترة من 2017 إلى 2019، تضاعف حجم التبادل التجاري بين أوزبكستان ودول آسيا الوسطى تقريبًا من 2.7 إلى 5.2 مليار دولار.
وفي الوقت نفسه، زادت التجارة مع كازاخستان بمعدل 1.6 مرة، ومع قيرغيزستان بمعدل 2.3 مرة، ومع تركمانستان بمعدل 3.1 مرة، ومع طاجيكستان بمعدل مرتين. ووفقًا للخبراء، هناك إمكانات كبيرة غير مستغلة لزيادة حجم التبادل التجاري بشكل أكبر.
وتُعد كازاخستان رائدة في حجم التبادل التجاري الخارجي لأوزبكستان في المنتجات الغذائية بآسيا الوسطى، فقد استوردت أوزبكستان على سبيل المثال في 2022 حوالي 3 ملايين طن من القمح من كازاخستان، بينما بلغت صادراتها من الفواكه والخضراوات إلى كازاخستان 216 مليون دولار.
وتشكل دول آسيا الوسطى المستهلك الرئيسي للقمح الكازاخستاني. ويشمل ذلك أوزبكستان بنسبة حوالي 60 بالمئة، وطاجيكستان 18 بالمئة، وقيرغيزستان 14 بالمئة، وتركمانستان 6 بالمئة.
غير أن المياه تتراجع في المنطقة، التي تعدّ 75.5 مليون نسمة، حيث انخفضت مساحة الأراضي المروية لكل فرد في السنوات الـ15 الماضية بأكثر من 25 بالمئة. ومن المتوقع أن ينخفض حجم المياه في أحواض نهر سيحون وأموداريا، التي تُعد مصادر حيوية للري على مساحة 10 ملايين هكتار، بنسبة 15 بالمئة.
وأمام هذه المخاطر، يدعو الخبراء دول وسط آسيا إلى تعزيز التعاون في مجالات عبور البضائع، والخدمات اللوجستية، والإنتاج الزراعي الصناعي؛ فضلا عن مراقبة وتحسين الوضع البيئي في المنطقة، وإدخال خدمات النظم البيئية؛ وتبادل الخبرات لتحسين كفاءة نظم وتقنيات الري، مما سيسهم في تعزيز الأمن الغذائي للمنطقة.
ودعا ممثلو برنامج التعاون الاقتصادي الإقليمي لآسيا الوسطى هذه الدول إلى العمل على تطوير سلاسل إنتاج وتوزيع غذائي مشترك، بما في ذلك خدمات التخزين والمعالجة، خصوصا أن خسائر الفواكه والخضراوات المحصودة تصل في المنطقة إلى 25 بالمئة.
وشددوا على ضرورة تحسين الوضع الغذائي في المنطقة عبر زيادة تدفق الاستثمارات المتبادلة، وإنشاء مجموعات مشتركة تعمل على أساس اتفاقيات تقاسم الإنتاج بين الدول؛ وتطوير التخصص في المجمعات الزراعية الصناعية الوطنية وتقسيم العمل بين الدول، مع مراعاة المزايا النسبية.
0 تعليق