السنيورة لـ«الراي»: العودة إلى «نحن انتصرنا»... استخفاف بعقول اللبنانيين ومصالحهم ومستقبلهم - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف


- إسرائيل هي العدو ولكن في 2006 و2023 الحرب بدأت بمبادرة من «حزب الله»
- لبنان يفتقد اليوم شبكة الأمان العربية التي كانت لديه في 2006
- لا يجب أن يشعر أي فريق لبناني أنه انهزم وفريق آخر أنه انتصر
- زج لبنان في هذه المعركة العسكرية كان قراراً متعجلاً حساباته غير دقيقة
- ثبت في المحصلة أن الحزب لم يتمكن من تقديم الردع لإسرائيل ولا أيضاً الحماية للبنان ولا حتى حماية نفسه
- «حزب الله» اتجه إلى أن يكون جيشاً لا مقاومة ونفّذ تعليمات إيران بالتدخل في سورية والعراق واليمن
- نحن نمر بما يسمى حالة انكار لدى البعض لا سيما لدى قاعدة «حزب الله»
- تبين أن إيران تتصرّف كدولة ولها مصالحها واعتباراتها وبالتالي تريد أن تحمي بلادها وأن تحمي أبناءها
- يقولون إنهم قادرون على دفع 70 ألفاً للنزوح... «على راسي بس ما حدا سأل شو بيصير باللبنانيين؟»
- هذه قصة مليارات السعودية للجيش... محور المقاومة هاجم المملكة وشكّك بمبادراتها
- لسنا من الدول الكبرى وبالتالي علينا أن نعرف حجمنا... عندما يعرف الشخص نفسه يكون قوياً
- لبنان لن يتخطى هذه المرحلة لا بالتهويل ولا بالمزايدات ولا بالانحراف عما التزمه
- الوضع الآن أخطر مما كان في 2006... استمرار تمسك «حزب الله» بسلاحه نتيجته الأضرار التي لحقت اللبنانيين
- نريد رئيس جمهورية لا يلهث وراء مكاسب من هنا ومن هناك بل يكون حارساً للدستور
- كنت أتمنى ألا يعتكف الرئيس الحريري... والإجابة عن عودته عنده

اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية السابق فؤاد السنيورة، إن «لبنان أصبح يفتقد شبكة الأمان العربية التي كانت لديه في العام 2006»، مشدداً على أن «حال الانكار التي يعيشها البعض يجب أن تصل إلى نهايتها».

ووصف السنيورة في لقاء لـ«الراي»، الوضع الحالي في لبنان «بأنه أخطر مما كان عليه في 2006»، داعياً «حزب الله» إلى «استخلاص العبر، لكي يعود حزباً سياسياً فقط، له الحق في أن يمارس عمله السياسي وأن يدافع عن وجهة نظره، من خلال مؤسساتنا الديمقراطية»، معتبراً أن «الإصرار على أن يستمر بسلاحه، لن يؤدي إلّا للمزيد من الأضرار باللبنانيين».

نازحون لبنانيون يعبرون حفرة سببتها غارة إسرائيلية في نقطة المصنع الحدودية مع سورية (أ ف ب)

منذ ساعة

غروسي خلال مؤتمر صحافي في فيينا أمس (أ ف ب)

منذ ساعة

وانتقد السنيورة السردية التي اعتمدها «حزب الله»، بأنه يؤمن الردع في مواجهة إسرائيل، ويؤمن الحماية للبنان، و«ثبت في المحصلة، أنه لم يتمكن من الردع، ولا في حماية للبنان، ولا حتى حماية نفسه، وهذا ظهر واضحاً من خلال ما جرى عام 2006».

وشدد على أن «حالة الانكار يجب أن تصل إلى نهايتها، وعلينا أيضاً تعلم الدروس لكي نحمي لبنان، وألا نعود للإعلان... نحن انتصرنا، ولا يجوز أن نلجأ مجدداً للاستخفاف بعقول اللبنانيين أو بمصالحهم ومستقبلهم».

- بين حرب 2006 وحرب 2024... ما هي نظرة دولة الرئيس للوضع وما أُفق الحل في لبنان؟

• بداية هناك بعض التماثل وكثير من الفروقات ما بين الحربين.

التماثل هو في أن في الحالتين كانت العملية بمبادرة من«حزب الله». طبعاً كلنا ندرك أن إسرائيل هي العدو وهي التي ترتكب كل الاعتداءات، أكان ذلك بالنسبة للبنان أو بالنسبة أيضاً لقطاع غزة والضفة الغربية، لكن في الحالين كما ذكرت، أنها بدأت بمبادرة من «حزب الله».

الفرق أيضاً في ذلك، أن الحكومة اللبنانية عام 2006 أكدت مباشرة أنها لم تكن تعلم، وأنها لا تتبنى، وستبادر إلى أن تأخذ الأمر على عاتقها وتتولى كل الجهود من أجل إيقاف الاجتياح الإسرائيلي، وهو الأمر الذي لم يحصل في 2023، حيث إن الحكومة لظروف تمر بها، لم تبادر لأن تعلم الجميع بأنها لم تكن تعلم وهي فعلياً لم تكن تعلم، وأنها لم تتبرأ من الذي حصل، ولم تبادر إلى القول إنها ستأخذ الأمر على عاتقها.

باستثناء ذلك، فالظروف مختلفة ما بين 2006 و2023، كلياً... كان هناك رئيس جمهورية في 2006 بينما ليس لدينا رئيس جمهورية اليوم.

وعلى العكس للبنان يمر منذ بداية 2022 وإلى الآن، في أزمة سياسية كبيرة جداً، حيث لم يتمكن مجلس النواب من انتخاب رئيس جمهورية، ولم يجر تأليف حكومة لتتولى السلطة في البلاد. كما أن لبنان مر في 2023 وما زال بأزمة اقتصادية خطيرة، أضف إلى أنه هناك مشكلة كبيرة أيضاً، تتمثل في عدد اللاجئين أو النازحين السوريين بشكل كبير. وأيضاً، لبنان أصبح يفتقد شبكة الأمان العربية التي كانت لديه في 2006... شبكة أمان عربية ودولية.

الآن أصبحنا هنا، والتالي العمل يجب أن ينصب من أجل وقف النار، ونعلم أنه قد مضى الآن أكثر من نحو 13 شهراً والحرب مستمرة على لبنان، مثلما هي مستمرة حتى الآن على غزة، وأيضاً سياسة التضييق التي تمارسها إسرائيل على الضفة الغربية.

وأثبتت الأيام أن هناك ضرورة ليس فقط لوقف إطلاق النار، بل لكي يستعيد لبنان دولته وسلطته الحصرية على كل أراضيها، وأن يصار إلى انتخاب رئيس جمهورية جديد من أجل إعادة تكوين المؤسسات الدستورية.

والآن كلنا نعلم أنه في 2006 جرى التوصل إلى وقف الأعمال العدائية على أساس قرار مجلس الأمن الرقم 1701 والذي يقضي بألا يكون هناك من وجود مسلح على الإطلاق في منطقة جنوب الليطاني لـ«حزب الله»، كما وأن يصار أيضاً إلى ألا يكون هناك من دخول أي نوع من أنواع السلاح إلى لبنان عبر معابره البرية والجوية والبحرية لأي طرف باستثناء الدولة اللبنانية، وهو في بناءاته يتحدث عن اتفاق الطائف، وعن القرارات الدولية الأخرى التي صدرت بالنسبة للبنان، ولذلك كل هذه الأمور يجب أن تؤخذ بالاعتبار من أجل التوصل إلى وقف سريع لإطلاق النار.

لم يعد بالإمكان أن يتحمل لبنان استمرار الاعتداءات والتي تؤدي إلى المزيد من الضحايا والشهداء والجرحى والتدمير المنهجي لأنحاء كثيرة في لبنان، ولاسيما أن إسرائيل تلجأ الآن إلى عملية تفريغ مناطق واسعة من جنوب لبنان، عبر تدمير كامل للعديد من القرى والبلدات، وهذا الأمر يؤدي إلى العدد الكبير من النازحين الذين يفوق عددهم الآن المليون و200 ألف... تقريباً نحو ربع السكان نزحوا من ديارهم، وهذا يشكّل عبئاً كبيراً وضخماً على الدولة وعلى اللبنانيين.

ملاذ الدولة

- تخرج إشارات من دول الخليج ودول أخرى، بأن اعادة إعمار لبنان ستكون هذه المرة مشروطة بتنفيذ السلطة القرارات الدولية، وأهمها 1559 الذي ينص على تجريد حزب الله من سلاحه. هل تعتقدون بواقعية أن تطبيق هذا القرار ممكن؟

• هناك قرارات دولية، وهناك قرارات لبنانية... والقرار اللبناني هو اتفاق الطائف والذي ينص على ألا يكون هناك سلاح غير سلاح الشرعية.

والأمور تتطلب في هذه المرحلة الكثير من الجهد والتبصر، وأيضاً الحزم من أجل استعادة الدولة لسلطتها الكاملة على كل الأراضي اللبنانية، مع التأكيد على أهمية احتضان اللبنانيين لبعضهم بعضاً، لاسيما وان«حزب الله» متجذر في لبنان ولديه مناصروه ومريدوه، وهذا الأمر يتطلب بعد هذه التجربة المؤلمة، ان نستخلص جميعاً أن هناك حاجة لأن يعود اللبنانيون جميعاً إلى الدولة وبشروطها، فهي الملاذ الحقيقي والتي تشكّل الحماية للجميع.

وبالتالي لا يجب أن يؤدي ما يجري حتى الآن، إلى أن يشعر أي فريق بأنه انهزم، وان هناك فريقاً قد انتصر.

على العكس، المطلوب أن يشعر الجميع بأنهم منتصرون بعودتهم إلى الدولة التي تحميهم جميعهم، ليستطيع لبنان أن يتخطى الأزمات الخطيرة الموجودة أو التي نشأت بسبب العدوان الإسرائيلي، والذي أدى إلى هذا القدر من التدمير والضحايا والجرحى والعدد الكبير من النازحين.

وليس هناك من إمكانية أن تستمر الأوضاع، وأن هناك فريقاً مسلحاً وفريقاً آخر غير مسلح... وحتماً ليست هذه دعوة من أجل أن يتسلح الآخرون.

على العكس من ذلك، لا يجب أن يكون هناك، من سلاح بيد أي فريق لا حزب ولا فريق ولا طائفة. الذي يحمي اللبنانيين هي الدولة العادلة صاحبة السلطة الوحيدة على كل أراضيها.

قرار متعجل

ويجب أن ننظر إلى ذلك الأمر من زاوية عملية تكوين القناعة لدى الجميع، بأن ليست هناك عملية انتقامية من أحد، وأن يشعر الجميع بأنهم منتصرون.

الصيغة اللبنانية تقوم على فكرة العيش الواحد المشترك، ما يعني أن الجميع سواسية أمام القانون. وبالتالي ليس هناك من ميزة لفريق على فريق، ولا أن يكون هناك فريق مسلح يفرض إرادته على الآخرين... هذا الأمر لم يعد مقبولاً ولا بشكل من الأشكال.

خلال هذه الفترة طرأت متغيرات أساسية، أكان ذلك على الصعيد اللبناني أم على صعيد المنطقة، وبالتالي على الصعيد العالمي، لذلك على الجميع ان يدرك ان هناك ضرورة لأن نأخذ هذه المتغيرات بالحسبان.

وزج لبنان في هذه المعركة العسكرية، كان قراراً متعجلاً، لم يقم على حسابات دقيقة، وبالتالي أدى إلى ما نحن عليه حالياً.

ارتداد إلى الداخل

- يتردد أنه بعد وقف النار من الممكن أن يرتد «حزب الله» إلى الداخل بغية تكريس معادلة جديدة تحفظ له مبدأ فائض القوة الذي كان عليه. كيف يمكن مواجهة ذلك؟

• كل فريق يحاول أن يرى كيف يتذاكى، ويحاول أن يحتفظ بأفضلية معينة، وهذا الأمر ليس في صالح استمرار الصيغة النموذجية من أجل إدارة العيش المشترك في مجتمعات متنوعة.

بداية لنقولها صراحة، إن السردية التي اعتمدها «حزب الله» بأنه يُؤمّن الردع في مواجهة إسرائيل، ويُؤمّن الحماية للبنان، ثبت في المحصلة، أنه لم يتمكن من الردع، ولا في حماية لبنان، ولا حتى حماية نفسه، وهذا يظهر واضحاً من خلال ما جرى عام 2006.

الحرب وصلت إلى نهاية، والتي أنا بمفهومي أن لبنان استطاع أن يمنع إسرائيل من الانتصار آنذاك، ولا يقلل أحد على الإطلاق من أهمية ما استطاع لبنان من خلال الصمود ومن خلال أيضاً بسالة المقاومة، ومن خلال عمل الحكومة استطاعت أن تجمع كل اللبنانيين وتحقق هذا الإنجاز الكبير بأننا منعنا إسرائيل من الانتصار... لكن كان هناك رأي آخر، أن هذا هو «الانتصار الإلهي».

لقد طرأت مستجدات من 2006 حتى الآن، إسرائيل أعادت تنظيم أوضاعها الداخلية والعسكرية وعززت من قوتها، ليس فقط النارية والجوية بل وقوتها الاستخباراتية والتكنولوجية. «حزب الله» من طرفه، ذهب لتعزيز قواته، بحيث إنه أصبح متجهاً إلى أن يكون جيشاً لا مقاومة وعمليات كوماندوس، ثم انطلق إلى مهمات أخرى بعد 2006 حيث بدا وكأنه تحوّل قوةً تنفذ تعليمات من إيران، بالتدخل في الأوضاع في سورية والعراق واليمن، وبالتالي صارت له مهمات إقليمية ودولية، وهذا الأمر أدى إلى الكثير من المشكلات، إضافة إلى أن هذا السلاح أصبح موجهاً نحو صدور اللبنانيين عندما قام بالعمليات التي قام بها في بيروت في 2008 وفي مناطق لبنانية أخرى.

حالة انكار

فهذه الأمور يجب أن تؤخذ بالاعتبار، بهدوء وليس في إطار عمليات لوم أو انتقاد أو بمحاولة ما يسمى تجريم فريق أو آخر، بهدف التوصل إلى نتيجة مجدية للبنان.

وبالتالي ندرك، أن البعض يمر بـ«حال انكار» لا سيما لدى قاعدة «حزب الله»... وبعد أن تهدأ الأمور علينا أن نواجه التداعيات، أكان ذلك في ما خص النسيج اللبناني، وفي ما خص إعادة الإعمار، وبالنهاية عودة الدولة.

كما يجب أن نأخذ في الاعتبار، المتغيرات في المنطقة والعالم، ما الوضع بالنسبة لإيران وسورية والداخل اللبناني، وأيضاً على الوضع العالمي خصوصاً بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.

خلال الفترة الماضية كانت مقولة الردع لدى «حزب الله»، أننا قادرون على أن نصل إلى أي نقطة في إسرائيل وأن نصيبها في أي مكان. كان هناك تضخيم للقدرات التي لدى الحزب وتضخيم للتوقعات لدى اللبنانيين حول ما يمكن أن يقوم به، وتضخيم أيضاً للدور الذي تمكن أن تلعبه إيران في لبنان، وأنها حاضرة من أجل أن تنجد «حزب الله» عندما يحتاجه. تبين أيضاً أن إيران تتصرف كدولة ولها مصالحها واعتباراتها، وبالتالي تريد أن تحمي بلادها وأن تحمي أبناءها من أن يتعرّضوا إلى مخاطر، وهذا الأمر سمعناه من المسؤولين الإيرانيين.

أنا كنت أسأل، أننا قادرون أن نرسل صواريخ إلى إسرائيل، وأن بعضها يصيب مناطق ويلحق أضراراً. هل سأل أحد آنذاك ماذا يمكن أن تلحق إسرائيل بلبنان، لم نسمع أبداً ولا من واحد يسأل نحن ماذا يصير فينا؟

ومن البديهي أنه عندما يقرر أحد أن يخوض حروباً فإنه لا بد أن يكون سأل، ما هي الكلفة؟ ما المردود السياسي؟ ما المردود أيضاً الوطني؟ وما التكلفة التي يمكن أن نتحملها؟

لم يسأل أحد عن اللبنانيين ماذا يحل بهم، والله نحن قادرون نخلي 60 أو 70 ألفاً من المستوطنين الإسرائيليين ينزحون عن المستوطنات القريبة من الحدود مع لبنان، «طيب على رأسي بس ما حدا سأل شو بصير باللبنانيين»؟ وكم يصبح لدينا من نازحين لبنانيين؟ وكم هذا يؤثر على لبنان؟

والآن آن الأوان أن ندرك في محصلة هذه العملية، ماذا كانت النتيجة بالنسبة للبنان، وفي الداخل وعلى الاقتصاد وعلى اللبنانيين وعلى الأرواح التي أزهقت وعلى عدد الجرحى، وعلى حجم القهر الذي يشعر به اللبنانيون الذين اضطروا إلى النزوح قسراً عن بلداتهم، وهؤلاء اللبنانيون الذين خسروا في قرى أُبيدت من أساسها جرى مسحها عن الخريطة، هؤلاء الناس لا نسأل عنهم؟

والحقيقة أن القوة الحقيقية للبنان هي في وحدة أبنائه، وفي تعزيز هذا النسيج اللبناني المتضامن المتكافل مع بعضه بعضاً من أجل حماية بلاده. فهذا الأمر هو الذي يجب أن نؤكد عليه الآن، وليس أن نتلهى بأمور أثبتت أنها لم تقدم الحماية أو أن نعيد الكَرّة ونعتمد على أساليب وعناصر لم تَثبت صحتها. فإذا أَعَدْنا الكَرّة، أعتقد أننا لا يمكن أن نصل إلى أي نتيجة.

وعلينا أن نُعْمِلَ العقلَ والمصلحة التي تجمع اللبنانيين من أجل أن نواجه إسرائيل. ونستطيع أن نواجهها بالعديد من الأمور التي يتميز بها لبنان، وبأن نأخذ في الاعتبار الموقف العربي، أما الذي جرى حتى الآن، فقد أدى إلى ما أدى إليه، وبالتالي علينا أن نستخلصَ الدروسَ الحقيقية وألا نضيّع الفرص كما فعلْنا في الماضي، وعلينا أن نتوجه من أجل أن نسارع بدايةً إلى تحقيق وقف النار، وبالتوازي العمل على تطبيق القرار 1701 بكل بنوده، وأن نعود إلى الدولة بشروط الدولة، وبالتالي ألا يكون هناك أي السلاح في لبنان غير سلاح الدولة اللبنانية.

الدعم السعودي

طبيعي لبنان بحاجة إلى تعزيز قواته العسكرية والأمنية. ولا يجب أن ننسى أن لبنان عرض عليه في وقت معين من قبل المملكة العربية السعودية التي قدمت مبلغ مليار دولار من أجل تعزيز قواه العسكرية والأمنية، ومبلغ ثلاثة مليارات دولار من أجل أن يصار إلى تمكينه من الحصول على كل المعدات والتجهيزات اللازمة لتعزيز قدراته الحمائية.

آنذاك انبرى عدد من الفرقاء والأحزاب المنتمية إلى محور المقاومة لانتقاد السعودية ولمحاولة التشكيك بمبادراتها، الأمر الذي دفع السعودية إلى أن تسحب هذا العرض، وبالتالي فقدناه.

يعني بعبارة أخرى بإمكان لبنان أن يحصل على الدعم من أشقائه ومن أصدقائه من أجل تعزيز قدراته الحمائية، وبالتالي لا يعتقد أحد أن الجيش اللبناني لا يقدر عندما يتعرض لتحد معين. القضية تحتاج بداية إلى قرار بأن نعود إلى الدولة، وتعود السلطة الشرعية استناداً إلى هذا العمل الوطني القائم بجمع اللبنانيين على موقف وطني واحد يستطيع أن يحميهم.

الاتفاق والتنصل

- مررتم بتجربة أن الحزب ومن خلفه ايران مع أي صيغة لاتفاق وقف النار بغية التقاط الأنفاس وإعادة تجميع عناصر القوة ثم التنصل تدريجياً من الاتفاق. حصل ذلك معكم في 1701 ثم خرجت أصوات التخوين وجرت أحداث وسط بيروت ثم تم تفريغ الاتفاق عملياً من مضمونه. هل يمكن أن يحصل ذلك مع أي اتفاق جديد؟

• لست من قراء الفنجان، لكن أنا أقول إن هذه التجربة الماضية التي شهدنا فيها قدراً عالياً من التذاكي، ومحاولة التهرب مما يسمى الالتزامات التي أبدى لبنان استعداده من أجل التقيد بها، ليس بإمكان ولا دولة القيام بها، فكيف بالدول الصغيرة.

نحن لسنا من الدول الكبرى ولسنا من الدول صاحبة العضوية الدائمة في مجلس الأمن، وبالتالي علينا كما يقول أرسطو«اعرف نفسك»، يجب أن نعرف حجمنا، حجمنا طبيعي نحن أدرى به، ويجب أن نكون أدرى به، وأن نتصرف على أساس منه. وبالتالي عندما يعرف الواحد نفسه يكون قوياً، يعرف ما إمكانات قدراته، وأين عنده الميزات التفاضلية اللازمة، وكيف عليه أن تتصرف، وألا يعيد الكرة مرة ثانية للتذاكي.

اللبنانيون يعيشون استناداً إلى عيشهم المشترك، واستناداً إلى علاقاتهم مع بعضهم بعضاً، وإلى أن لبنان تاريخياً كان دائماً يلتزم بقرارات الشرعيتين العربية والدولية، ولكن خلال هذه الفترة، مرّ لبنان بمرحلةٍ انخفض فيها منسوب ثقة العالم العربي والعالم به.

في 2006 التي حصل فيها القرار 1701، صحيح أن إسرائيل لم تلتزم بتطبيق القرار، لكن أيضاً «حزب الله» لم يلتزم بتطبيق المقررات التي صدرت في 1701، وهذا الأمر بالنسبة لنا هو أمر خطير جداً، وبالتالي صار هناك ما يسمى نوع من التصرف اللامسؤول الذي لا ينم عما تقتضيه مصلحة لبنان في أن يلتزم بالمقررات الدولية... وكانت النتيجة أن مقدار التجاوب مع لبنان انحسر.

هناك فجوة، علينا أن ننظر إليها بكل شجاعة وبكل جرأة من أجل أن نعيد نسج هذه العلاقات لكي تعود قوية، نحن بحاجة إلى إخواننا وأشقائنا في العالم العربي وإلى أصدقائنا في العالم لكي يقفوا إلى جانب لبنان.

لبنان بحاجة إلى أن يتخطى هذه المرحلة الصعبة، ولا يتخطاها لا بالتهويل ولا بما يسمى بالمزايدات ولا أيضاً الانحراف عما التزمه. هذا هو التحدي الذي علينا أن نقوم به، وأن نكون في مستوى هذا التحدي، يجب علينا أن نرتقي جميعاً لأن نبني على وحدة اللبنانيين وعلى تصميمهم على العودة إلى الدولة بشروط الدولة، وعلى أهمية أن يصار إلى أن تكون للدولة سلطتها الحصرية على الجميع من دون استثناء، وأن الذي يحمي لبنان واللبنانيين، القوة الداخلية، وأيضاً العلاقات القويمة المبنية على الثقة مع الأشقاء العرب والمجتمع الدولي.

الانكشاف الأمني

- كيف تشخصون ظاهرة الانكشاف الأمني الأقرب إلى الخيال التي أدت إلى تمكن إسرائيل من تصفية قادة وكوادر«حزب الله»؟

• خلال الفترة الماضية كانت إسرائيل تعمل على تعزيز قدراتها الهجومية والاستخبارية، وبالتالي كان لديها معلومات كاملة عن الحزب وأفراده، وكانت تنفذ عمليات اغتيال وليس فقط القصف العشوائي. كانت تتقصد من ذلك اغتيال عناصر معينة، وهذا الأمر بحاجة لمزيد من التبصر واستخلاص الدروس والعِبر.

بإمكاننا التصدي لإسرائيل وعدوانيتها من خلال وحدة اللبنانيين وعملهم المشترك وحرصهم على أمن وسيادة لبنان، وأن نضع الأمور في نصابها، فالقوة الحقيقية للبنانيين في وحدتهم وتضامنهم وفي دفاعهم عن لبنان وفي قدرتهم على أن يحترموا دستوره وليس من خلال معادلات أثبتت الأيام عدم صوابيتها.

اليوم التالي

- ماذا عن اليوم التالي؟ هل برأيك سيعلن «حزب الله» الانتصار إذا ما تم التوصل لاتفاق وقف النار؟

- هذا يعني أن نعود كما كنا من قبل، كما يقول المثل العامي«اللي جرب المجرب بيكون عقله مخرب». وبالتالي آن لنا أن نستخلص العِبر والدروس مما مررنا به، فلم يعد من الممكن استغفال اللبنانيين بأشياء معينة شهدوها بأنفسهم.

ومن دون أدنى شك عندما تحول «حزب الله» إلى أن يصبح جيشاً، نحن نعلم أنه غير قادر على أن يكون متوازياً مع القوة النارية والجوية والتكنولوجية والاستخباراتية الإسرائيلية، فالآن هو عندما يصد الهجمات البرية فإنه يحقق انجازاً حيث يدافع عن أرض يعرفها ويوجد فيها، لكن الآن بعد كل ما حدث، علينا العودة للطريق الصحيح، فقد دخلنا في«أزقة وزواريب»، وعلينا العودة للطريق الواسعة، وهو الانقياد لما يحتمه الدستور ويؤكد عليه اتفاق الطائف ومصلحة الدولة وعودة سلطة القانون والنظام.

وحالة الانكار يجب أن تصل إلى نهايتها، فهناك أمور حدثت بالسابق منها، مثال وتجربة: الرئيس عبدالناصر بعد عام 1967 وقف واعترف بأنه حدثت مشكلة وهذه نتيجتها وعلينا أن نتعلّم الدروس منها. كما أن (الإمام) الخميني قام بتجربة، وقال بعدها...«انا أريد تجرع كأس السم». ونحن علينا أيضاً تعلم الدروس لكي نحمي لبنان، وألا نعود للإعلان «نحن انتصرنا». لا يجوز أن نلجأ مجدداً للاستخفاف بعقول اللبنانيين أو بمصالحهم ومستقبلهم.

الانتخابات الرئاسية

- من يعوق فعلياً انتخاب رئيس جمهورية؟ وهل تتوقع أن يحصل ضغط عالمي لانتخاب رئيس مصحوب بالتلويح بعقوبات؟

• أتمنى ألا نصل إلى هذه المستوى. لا يمكن إعادة تكوين مؤسساتنا الدستورية إذا لم يحصل انتخاب رئيس جمهورية، وأن تتكون حكومة مسؤولة أمام اللبنانيين، وأمام المجتمعين العربي والدولي. حتى بالنسبة لتطبيق الـ 1701 فمن سيأخذ على عاتقه أن يؤكد للمجتمع الدولي، أننا نحن المسؤولون ونحن الذين سنتحمل المسؤولية ونحن من سينفذ القرار.

آن لنا استعادة الثقة المتبادلة بيننا وبين أشقائنا والعالم. فبالتالي قبل أن نصل إلى مرحلة العقوبات، من الأجدر بنا أن نعرف أين مصلحتنا. وهل تستمر أوضاعنا مثلما هي الآن؟ من سينقذ لبنان؟

ما أنقذ لبنان في 2006، أن اللبنانيين اجتمعوا وكوّنوا هذا الموقف الموحد، وأيضاً ما قامت الحكومة، وبسالة المقاومة أدت إلى هذا المجموع المتضامن المتكافل مع بعضه البعض إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه. واستطعنا أن نعيد التلاميذ إلى المدارس في بداية نوفمبر 2006 بما فيه الجنوب والمناطق التي دمرت.

الوضع الآن أخطر مما كان عليه في 2006، وبالتالي يقتضي من اللبنانيين ومن المسؤولين، وأيضاً من المعنيين لدى«حزب الله» استخلاص العبر، لكي يعود«حزب الله» حزباً سياسياً، له الحق أن يمارس عمله السياسي وأن يدافع عن وجهة نظره، من خلال مؤسساتنا الديمقراطية.

أما الإصرار على أن يستمر بسلاحه، فهذا الأمر لم يؤد إلى نتيجة إلا المزيد من الأضرار التي لحقت باللبنانيين.

قائد الجيش والرئاسة

- هل ترون أن قائد الجيش جوزف عون يحظى بإجماع يؤهله للرئاسة؟

• لست مؤهلاً للإجابة عن هذا السؤال. أنا لست عضواً في مجلس النواب ولا أنتخب. كل ما أريد قوله إنه يجب المسارعة إلى انتخاب رئيس للجمهورية على الأسس التي يحددها الدستور.

وليس هناك من إمكانية للخروج من المأزق الذي أصبحنا فيه، طالما استمر هذا التعطيل والتذاكي على اللبنانيين، وأننا نريد رئيس جمهورية يحمي ظهر المقاومة، رئيساً يتماشى مع ما تريده المقاومة.

نريد رئيس جمهورية يكون فعلياً رئيساً للدولة، وهو رمز وحدة الوطن، أي الذي يستطيع أن يجمع اللبنانيين على حماية لبنان وعلى تحقيق النهوض المنشود.

رئيس جمهورية ليس فقط فوق كل السلطات، بل أيضاً لا يَلهث وراء مكاسب من هنا وهناك. رئيس جمهوريةٍ ليس كما يتصوّر البعض، يبحث عن حصة من «كم» وزير ونائب وموظف وغيره. ليس هذا رئيس جمهورية. رئيس جمهورية لديه سلاح نووي (سياسي) بأنه هو الذي يحمي لبنان من خلال أن يكون الحارسَ لتطبيق اتفاق الطائف والدستور. ومن خلال هذه الميزات يستطيع هو والحكومة التي تتمتع بثقة مجلس النواب، أن يدفعا نحو أن يستعيد لبنان ألَقَه ودوره بين أشقائه وفي العالم.

عودة الحريري

- هل تعتقدون أنه آن الأوان أو أن الظروف اكتملت لعودة الرئيس سعد الحريري للبنان وانخراطه مجدداً في مسار السلطة والحكم؟

• لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال. أنا كنت أتمنى ألا يعتكف الرئيس الحريري، وأنه كان بالإمكان أن يكون هناك أسلوب معين يعتمد لكي يستمر، لأن لديه محبة لدى اللبنانيين، فهو ابن رفيق الحريري، وبالتالي لديه الرمزية التي ليست موجودة لدى أحد آخر... فمتى يقرر هو العودة أنا لا أستطيع أن أجيب عن ذلك.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق