تتهرب العديد من الجماعات الترابية من تنفيذ هذه الأحكام الفضائية أو تتأخر وتتماطل في تنفيذها، وهو ما يؤثر سلبا على ميزانياتها، كما يؤثر سلبا على ذوي الحقوق.
وفي هذا الصدد، طالب حزب التقدم والاشتراكية، في سؤال كتابي، وزارة الداخلية بالتدخل لدفع الجماعات إلى احترام مسطرة تنفيذ الأحكام القضائية عليها، وذلك بالاستناد إلى الفصل 126 من الدستور الذي ينص على الزامية تنفيذ الأحكام القضائية النهائية على الجميع سواء كانوا أشخاصا ذاتيين، أو معنويين وفي مقدمتهم الإدارة المغربية.
وأكدت لبنى الصغيري نائبة برلمانية عن حزب التقدم والإشتراكية بمجلس النواب في سؤال كتابي موجه لوزير الداخلية، أن “الأحكام القضائية ضد الجماعات الترابية وبالخصوص جماعة الدار البيضاء، بلغت 3465 قضية، من بينها 2552 قضية مرفوعة فقط خلال سنة 2024 وحدها”.
وأشارت النائبة البرلمانية إلى أن “دستور المملكة، ينص في الفصل 126 منه، على إلزامية تنفيذ الأحكام القضائية النهائية على الجميع، سواء كانوا أشخاصا ذاتيين أو معنويين، أو أشخاصا يمثلون القانون العام، وفي مقدمتهم الإدارة المغربية”.
وأفادت أن “أقدم الملفات ضد الجماعة، يعود بنا إلى 24 سنة خلت لملف “ستوب بزار” العدد المذيل بالصيغة التنفيذية والمؤيد استئنافيا بقرار، صادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، والذي لايزال ذوو الحقوق ينتظرون تنفيذ الحكم الذي صدر لصالحهم ضد الجماعة، بعد ما قضى أزيد من 24سنة بدهاليز المحاكم، مر فيها من جميع درجات التقاضي ليصل إلى الباب المسدود أي باب التنفيذ”.
واعتبرت النائبة البرلمانية أن “هذا الواقع يطرح مشكل تنفيذ الأحكام القضائية، خصوصا مع تطور الاجتهاد القضائي، ذلك من أجل البحث عن الوسائل والضمانات الكفيلة بتحميل الجماعات الترابية مسؤولية تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضدها”.
وساءلت البرلمانية الوزير عن “الإجراءات والتدابير التي ستتخذها الوزارة في اتجاه تفعيل احترام مسطرة تنفيذ الأحكام القضائية”.
وكان وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت قد وجه دورية رقم 1747D بتاريخ 22 دجنبر 2021، إلى السيدات والسادة ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم ورؤساء مجالس الجماعات الترابية، حول تدبير المنازعات القضائية للجماعات الترابية.
وجاءت الدورية بمجموعة من المقتضيات التي يتعين الحرص على تطبيقها لضبط منازعات الجماعات الترابية وضمان دفاع جيد عن منازعاتها، لاسيما فيما يتعلق بالتأكيد على المسؤولية القانونية الملقاة على عاتق رؤساء مجالس الجماعات الترابية في تدبير منازعاتها، بناء على القوانين التنظيمية التي أسندت لهم مسؤولية التمثيل والدفاع عن الجماعات الترابية أمام المحاكم تحت طائلة ترتيب مسؤوليتهم عن كل تقصير أو إخلال.
كما حث وزير الداخلية رؤساء الجماعات، في حالة المنازعة، على الحرص على التأكد من مدى صحة ادعاءات المدعين، حيث أن تتبع المنازعات القضائية أظهر لجوء بعض المتقاضين إلى رفع دعوى ضد هذه الأخيرة، بسوء نية، وذلك من أجل استصدار أحكام قضائية بأداء مبالغ مالية لفائدتهم، داعيا الجماعات إلى المبادرة في مثل هذه الحالات، إلى رفع دعوى في مواجهة المعنيين، وذلك من أجل المطالبة باسترداد هذه الأموال وعند الاقتضاء، تحريك الدعوى العمومية في مواجهتهم.
ودعت الدورية كذلك إلى ضرورة الحرص على التقيد بالمساطر القانونية المعمول بها في جميع تصرفات الجماعات الترابية، إذ سردت الدورية أهم المجالات موضوع المنازعات والتي تستوجب تتبعا وحرصا بليغا، خاصة في مجالات التعمير وتدبير الممتلكات، والصفقات وتدبير المرافق العمومية، وتسوية الوضعية الفردية.
كما أبرزت الدورية الدور الهام الذي يضطلع به الوكيل القضائي للجماعات الترابية الذي تم إحداثه بمقتضى القوانين التنظيمية وتم تعيينه بموجب قرار وزير الداخلية رقم 1555.20، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6899 بتاريخ 13 يوليوز 2020. والمتمثل في توفير المساعدة القانونية والقضائية للجماعات الترابية وهيئاتها لتعزيز الأمن القانوني لأعمالها ومواكبتها في مجال تدبير منازعاتها ودعم دفاعها، خاصة بالنسبة للدعاوى التي تستهدف مطالبتها بأداء دين أو تعويض.
كما ركزت الدورية على ضرورة تفعيل الحلول البديلة في حل منازعات الجماعات الترابية، ودعت السيدة والسادة الولاة والعمال إلى الحرص على تفعيل الوساطة في إطار مسطرة الوصل التي نصت عليها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، حيث يمكنهم في هذا الإطار القيام بدور الوساطة في إطار مقتضيات قانون المسطرة المدنية (الفصول من 55-327 إلى 69-327).
وفي الختام، أكدت الدورية على ضرورة الحرص على تسجيل الأحكام القضائية النهائية في ميزانيات الجماعات الترابية لزوما باعتبارها نفقات إجبارية وعند الاقتضاء حذف نفقة غير إجبارية. وفيما يخص الأحكام التي قد تواجه الجماعات الترابية صعوبات مالية في تنفيذها، يمكن للسيدة والسادة الولاة والعمال استثمار آليات التنفيذ الودي لهذه الأحكام باقتراح صيغ ميسرة للتنفيذ.
0 تعليق