تعكف دولة الكويت على تكريس التنمية المستدامة من خلال الاتجاه لاستخدامات الطاقة المتجددة في مختلف المجالات، لاسيما تلك المتصلة بالطاقة الكهربائية، إذ باشرت المؤسسة العامة للرعاية السكنية، بالتعاون مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، تحديد مفهوم استخدام الطاقة الشمسية.

فبعد تدشين «السكنية» لاستخدام الطاقة الشمسية في إيصال التيار الكهربائي إلى المرافق الحكومية والمراكز الخدمية في المناطق السكنية الجديدة سمحت لقاطني مدينتي المطلاع وجنوب صباح الأحمد وغيرهما من المدن الجديدة في مختلف محافظات البلاد باستخدام الطاقة الشمسية لتزويد وحداتهم السكنية بالتيار الكهربائي، وبالفعل باشر المواطنون في «جنوب صباح الأحمد» و«المطلاع» إنجاز مساكنهم باستخدام الطاقة الشمسية، حيث باتت وحداتهم تعمل بكل طاقتها من خلال التزود بهذه الطاقة، الأمر الذي انعكس إيجاباً على كثير من الأمور الخاصة بالطاقة الكهربائية من جهة، وعلى الحالة المادية للمستهلكين من جهة أخرى.

التخفيف عن الشبكة

وكان من أبرز الإيجابيات التي حدثت على هذا الصعيد هو التخفيف عن الشبكة الكهربائية العامة وتحقيق السلامة والأمان، فضلاً عن الموضوع الأهم وهو خفض قيمة الفاتورة الخاصة باستهلاك الكهرباء إلى النصف تقريباً.

وأكد عدد من قاطني «المطلاع» أن السماح لهم باستخدام الطاقة الشمسية أمر إيجابي ساهم في تحقيق الاستدامة من خلال استخدام الطاقة المتجددة والطاقة النظيفة وخفض فاتورة الاستهلاك، مؤكدين أنه بعد اكتمال البنية التحتية في المدينة سمحت وزارة الكهرباء والماء للمواطنين قاطني المدينة بتركيب الألواح الشمسية لتشغيل التيار الكهربائي عن طريق الطاقة المتجددة.

من جهته، قال رئيس لجنة المطلاع السكنية سباع الدوسري، إن استخدام الطاقة المتجددة في إيصال التيار الكهربائي للمساكن في المناطق الجديدة يعتبر نقلة نوعية تحاكي بها الكويت، ممثلة بـ «السكنية» و«الكهرباء»، مستقبل الطاقة في العالم تحقيقاً لرؤية كويت جديدة.

الدوسري: الطاقة المتجددة تخفف عن الشبكة الكهربائية العامة وتحقق السلامة

وأضاف الدوسري أنه بتوجيهات من سمو الشيخ أحمد العبدالله رئيس مجلس الوزراء وتنفيذ من «السكنية» بالتعاون مع «الكهرباء» وبلدية الكويت، رأت «المطلاع» النور بإيصال التيار الكهربائي فيها، ما دعا أصحاب المساكن إلى الاتجاه للسكن في وحداتهم الجديدة، حيث تم إيصال الماء والتيار الكهربائي لأكثر من 18 ألف وحدة من أصل 28 ألفاً، ويعد هذا المشروع الأكبر في الكويت من حيث عدد وحداته السكنية الكبيرة.

وأوضح أن «الكهرباء» تحث المواطنين في المناطق السكنية الجديدة على استخدام الطاقة المتجددة في إيصال التيار الكهربائي، وهذا ما دفع المواطنين نحو تبني استخدام هذه الطاقة في إيصال الكهرباء لمساكنهم عبر نظام ما يسمى «السولار» الطاقة الشمسية.

وتابع «أنا أحد قاطني مدينة المطلاع واتجهت إلى الأخذ بنصيحة وزارة الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية في إيصال التيار لمسكني، وقمت بوضع الألواح الشمسية على أجزاء من المنزل، وفعلاً الآن يعمل التيار الكهربائي في المنزل بنظام الطاقة الشمسية، حيث أوفر حالياً ما يتراوح بين 20 و25 في المئة من فاتورة الكهرباء، ونوفر ما بين 15 و18 كيلوواط، ومع قدوم موسم الشتاء يمكن أن نشعل كل كهرباء وإنارة المنزل كاملاً دون استخدام التكييف».

مشروع حافز

وقال الدوسري، إن وزارة الكهرباء والماء تحث المواطنين على التسجيل في برنامج مشروع «حافز» الذي يهدف الى دعم المستهلكين والاتجاه للترشيد، حيث في حال التزام المستهلك بسداد الفاتورة 12 شهراً سيخصم عليه ما بين 30 إلى 40 في المئة.

وذكر أنه تم وضع جهاز عداد ذكي بالكامل ماس خاص بالطاقة المتجددة لتعريف المستهلك بحجم الأحمال المنتجة او المخزنة لتغذية طاقة السكن، كما زودت كهرباء المنزل بنظام الطاقة الخاص بالمركبات الكهربائية، مبيناً أنه باستخدام الطاقة الشمسية المتجددة في يصال الكهرباء إلى المساكن ستخفض فاتورة الكهرباء بما بين 40 و45 في المئة مما يعود بالنفع الكبير على المواطنين الذين يستخدمون الطاقة المتجددة من خلال خفض فواتيرهم والتخفيف على الشبكة العامة الخاصة بالكهرباء في البلاد.

تصاميم مستدامة

من جهته، أكد نائب المدير العام لقطاع التصميم والتخطيط للمؤسسة العامة للرعاية السكنية المهندس ناصر خريبط أن المؤسسة تسعى إلى تطوير البنية التحتية في البلاد وتحقيق التنمية المستدامة من خلال مشاريعها المختلفة، سواء المدن السكنية الجديدة أو إنشاء المباني الحكومية ومراكز الخدمة والضاحية في مختلف محافظات البلاد.

خريبط: تصاميم جديدة للمدارس والمباني الحكومية... ومراكز الضاحية تحاكي الاستدامة

وقال خريبط لـ «الجريدة»، إن المؤسسة ارتأت إعادة تصميم جميع هذه المباني بهدف إعادة فلسفتها من خلال سلوب وتصاميم واستدامة تحافظ على البيئة من جانب وتدعم تطوير البنية التحتية في البلاد من جانب آخر، كاشفاً عن تنفيذ المؤسسة مشروع إعادة تصميم المدارس من خلال فلسفة جديدة تحاكي التنمية المستدامة وتراقب الطلبة بالمدارس من خلال مبانٍ ذكية تعمل على الطاقة الشمسية.

وأضاف أن المدارس الجديدة في مختلف محافظات البلاد والمناطق السكنية الحديثة ستكون نقلة نوعية من خلال التصاميم المتميزة التي تعمل بالطاقة المتجددة لاسيما في مدينتي المطلاع وجنوب صباح الأحمد السكنيتين، موضحاً أن الطاقة الشمسية ستعمل في جميع المراحل الدراسية ابتداء من رياض الأطفال والابتدائي، وصولاً إلى المتوسطة والثانوية ونسعى إلى خلق بيئة مستدامة من خلال التصاميم الجديدة.

ولفت إلى أن المباني الحكومية ومراكز الخدمة والضاحية تعمل في مدينتي المطلاع وجنوب صباح الأحمد من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والطاقة المتجددة للتوفير على شبكة الدولة الكهربائية ولتحقيق الاستدامة، مشيراً إلى أن مراكز الضاحية يوجد بها مدارس ومستوصفات ومراكز بلدية وسوق مركزي، وقمنا بإعادة تصاميمها لتكون موائمة للبيئة، وتحقق بنية تحتية متطورة.

«حافز» والترشيد

«حافز» مشروع يهدف إلى تقديم حوافز تتمثل في خصم فواتير التحصيل الشهرية نظير ترشيد استهلاك الكهرباء والماء، أو تركيب منظومة الطاقة المتجددة والكهروضوئية أو كلتيهما.

وتتمثل الفئات المستحقة للحافز في العملاء المساهمين في ترشيد الاستهلاك، ويساهم هذا المشروع في خصم نسبة تصل إلى 40 في المئة من قيمة الفاتورة بالنسبة للكهرباء وخصم نسبة تصل الى 50 في المئة من قيمة فاتورة المياه.

11 مشروعاً لتعزيز الطاقة

حددت استراتيجية وزارة الكهرباء التي أعلنت في مارس الماضي 11 مشروعاً لتعزيز أمن الطاقة خلال العقدين المقبلين بسعة إجمالية تصل إلى 22100 ميغاوات، منها ما يقارب 15000 ميغاوات بالتقنيات التقليدية، و7100 بالتقنيات المتجددة على أن تطرح تلك المشاريع كفرص استثمارية لتحفيز دور قطاع الطاقة في الاقتصاد الوطني.

تسريع المشاريع

تعمل «الكهرباء» في خطين متوازيين للحيلولة دون وقوع أزمة كهرباء مستقبلية، يتمثل الأول في تسريع عجلة مشاريع الطاقة والاستفادة من الشراكات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، أما الثاني فيتعلق بدراسة الحلول السريعة القابلة للتطبيق لتعزيز إنتاج الطاقة الكهربائية لصيف 2025.

في غضون ذلك تسعى البلاد إلى تفعيل مذكرة التفاهم الاستراتيجية الموقعة بين وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة والإدارة الوطنية للطاقة في الصين للتعاون في مجال منظومة الطاقة الكهربائية وتطوير الطاقة المتجددة.

عدادات ذكية

وقعت الوزارة منذ أيام عقد توريد 500 ألف عداد كهرباء ذكي مع شركة الاتصالات الكويتية «STC» تغطي جميع المناطق والقطاعات في البلاد، بقيمة إجمالية 9.979 ملايين دينار، بما يقارب نحو 32 مليون دولار.

سياسات مستقبلية

وقعت «الكهرباء» اتفاقية لترشيد الاستهلاك وإدارة المنظومة الكهربائية بجودة عالية للحفاظ على الطاقة، علاوة على ما ستوفره من بيانات تساعد في اتخاذ قرارات سياسات الطاقة المستقبلية، ومن المرتقب أن يتشكل مشهد الطاقة المستقبلي في الكويت مدفوعاً بالأهداف الاستراتيجية التي تتعاون الجهات المعنية على تحقيقها، فضلاً عن تسخير إمكانات البحث العلمي في رسم مسارات السياسات الداعمة.