عذب الكلام - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

إعداد: فوّاز الشعّار
لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.
في رحاب أمّ اللغات
من بدائع الاستعارات والتشبيهات، قول ابن سهل الأندلسي:
خُذْها فَصَبْغُ الظَّلامِ قَدْ نَصَلا
وذَيلُهُ بِالسَّنا قَدِ اشْتَعَلا
وأُقْحُوانُ الرُّبى بَدا سَحَراً
وأُقْحُوانُ النُّجومِ قَدْ ذَبُلا
شبّه النجوم والربى بكائنات..
وقول البُحتريّ:
يُؤَدّونَ التَحِيَّةَ مِن بَعيدٍ
إِلى قَمَرٍ مِنَ الإيوانِ بادِ
قِيامٌ في المَراتِبِ أَو قُعودٌ
سُكونٌ في أَناةٍ واِتِّئادِ
القمر مستعار للإنسان الجميل، وتأدية التحية من ملائمات الإنسان الذي هو المشبّه.
دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر
كَتَمتُ الهَوى
العبّاس بن الأحنف
(بحر المتقارب)
كَتَمتُ الهَوى وهَجَرْتُ الحَبيبا
وأَضْمَرتُ في القَلْبِ شَوْقاً عَجيبا
ولَمْ يَكُ هَجْريهِ عَن بغْضَةٍ
ولَكِن خَشيتُ عَلَيْهِ العُيوبا
سَأَرعى وأَكتُمُ أَسرارَهُ
وأَحفَظُ ما عِشْتُ مِنهُ المَغيبا
فَكَمْ باسِطينَ إِلى وَصْلِنا
أَكُفَّهُمُ لَمْ يَنالوا نَصيبا
فَيا مَنْ رَضيتُ بِما قَد لَقيـــ
ــتُ مِن حُبِّهِ مُخطِئاً أَو مُصيبا
ويا مَن دَعاني إِلَيهِ الهَوى
فَلَبَّيتُ لَمّا دَعاني مُجيبا
وَيا مَنْ تَعَلَّقتُهُ ناشِئاً
فَشِبتُ وما آنَ لي أَن أَشيبا
لَعَمري لَقَد كَذَبَ الزاعِمو
نَ أَنَّ القُلوبَ تُجازي القُلوبا
ولَو كانَ حَقّاً كَما يَزعُمونَ
لَما كانَ يَجفو حَبيبٌ حَبيبا
وأَنَّكِ لَو تَطِئينَ التُرابَ
لَزِدتِ التُرابَ عَلى الطيبِ طيبا
من أسرار العربية
(في تَفْصِيلِ ضُرُوبٍ مِنَ الجَمَاعَاتِ)
إذا كَانُوا أَخْلاَطاً وضُروباً مُتَفَرِّقِينَ: أفْناءٌ، وأوْزاعٌ، وأوْباشٌ، وأَعْنَاقٌ، وأشائِبُ. إذا احْتَشَدُوا في اجْتِمَاعِهِمْ: حَشْدٌ. حُشِروا لأَمْرٍ مَا: حَشْرٌ. ازْدَحَمُوا يَرْكَبُ بَعْضُهْم بَعْضاً: دُفَّاع. كَانُوا عَدَداً كَثِيراً مِنَ الرَّجَّالَةِ: حاصِب. إذا كَانُوا فُرْساناً: مَوْكِبٌ. فإذا كَانُوا من أبِ واحدٍ وأمٍّ وَاحِدَةٍ: بَنُو الأعْيَانِ. إذا كَانَ أبُوهُمْ واحِداً وأُمَّهاتُهُمْ شَتَّى: بَنُو الَعَلاَّتِ. إذا كَانَتْ أُمُّهُمْ وَاحِدَةً وآباؤًهُمْ شَتَّى: بَنُو الأَخْيَافِ. إذا كانُوا ينتمون إلى أبٍ وَاحِدٍ: قَبِيلةٌ؛ قال المهلهل:
قَتَلوا كُلَيباً ثُمَّ قالوا أَرْبِعوا
كَذَبوا وَرَبِّ الحَلِّ والإِحْرامِ
حَتّى نبيدَ قَبيلَةً وَقَبيلَةً
قَهْراً ونَفْلِقَ بِالسُّيوفِ الهامِ
هفوة وتصويب
كثيراً ما ترد مثل هذه العبارة «قامَ الرجلُ باسْتدعاءِ صديقِه»، «أوقامَ بالتعليق على الأمر»... وهي خطأ، ففعل«قامَ» في صحيح اللغة يعني «وقف»، وهو فعل حركيّ، فلا علاقة له بنصّ الجملة.. والصواب القول«استدعى الرجلُ صديقه»، و«علّق على الأمر».
يقول آخرون «ذهبَ إلى العمل بدونِ أدوات»، وهي خطأ، والصواب «ذهبَ دونَ أدَواتٍ»، أو «مِنْ دونِ أدواتٍ»، فلا تسبق بحرف الجر الباء بل «مِن» أو من دون حرف جرّ. قال أبو تمّام:
ما فَوْقَ مَجْدِكَ مرْتَقَى مَجْدٍ ولا
كُلُّ افْتِخارٍ دونَ فَخْرِكَ دونُ
من حكم العرب
وكائِن تَرى مِنْ صامِتٍ لَك مُعْجَبٍ
زِيادَته أَوْ نَقْصُهُ في التَّكَلُّمِ
لِسانُ الفَتى نِصْفٌ ونِصْفٌ فُؤادهُ
فَلمْ تَبقَ إِلّا صورَةُ اللَّحمِ والدَّمِ
البيتان لزهير بن أبي سلمى، يقول إنّنا نرى بعض الناس، تُعْجبنا مظاهرهم، نظافةً وشكلاً وأناقةً، ولكن حين التعمّق في شخصياتهم ونفوسهم، لا نجد شيئاً مفيداً أو ذا أهمية..

أخبار ذات صلة

0 تعليق