فخري قعوار.. 50 عاماً من الأحلام - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الشارقة: عثمان حسن
يعتبر رحيل الكاتب والقاص فخري قعوار (1945-2024) خسارة كبيرة للساحة الثقافية العربية، وقعوار اسم له وزنه في الثقافة والأدب والإعلام الأردني، عايش فترة الستينات شاباً طموحاً، رغم ما عاناه من فقر وتعب على المستوى العائلي والشخصي، ومع ذلك، فقد كان شغوفاً بتغيير الحال، حيث تنقل بعد حصوله على الثانوية العامة في أكثر من بلد عربي، وكانت ميوله الأدبية في سن مبكرة قد جذبت إليه الكثير من القراء والنقاد، منذ صدور مجموعته القصصية الأولى «لماذا بكت سوزي كثيراً» التي صدرت في 1973، حيث نجح قعوار في لفت الانتباه إلى كل ما يكتب، مروراً بتوالي مجموعاته القصصية «ممنوع لعب الشطرنج» 1976، «أنا البطريرك» 1981، «أيوب الفلسطيني» 1989، «درب الحبيب» 1966 وغيرها.
جسد فخري قعوار، عبر كتاباته ومواقفه الكثيرة ما يستحق أن يتذكره الكتّاب والمبدعون، فقد كان بحق شخصية مميزة في كافة المستويات، وليس من السهل نسيان آثارها حتى بعد غيابه، هو باق في مواقفه وسيرة أحلامه المدهشة في جانبها الثقافي والأدبي خاصة في كواليس رابطة الكتّاب الأردنيين، التي ترأس مجلس إدارتها أكثر من مرة، وفي محطات ترؤسه للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب منذ بدايات تسعينات القرن الفائت، وفي كل هذه المحطات ظل فخري قعوار يدهش الجميع بكتاباته وأحلامه التي تسعى لعدالة وحرية وهوية الإنسان العربي.
يكتب الناقد الأردني الدكتور محمد عبيدالله ملخصاً التجربة القصصية لقعوار في جانبها الفني بقوله: «اتسعت مدونة قعوار القصصية لعوالم ومناخات وشخصيات شديدة التنوع، فكان في كل مرحلة من مراحل تجربته يضيف إلى رصيده الفني والموضوعي، ويجدد في أسلوب كتابته وفي صياغته القصصية من دون أن يخرج عن الانحياز للكادحين والبسطاء».
كان فخري قعوار قامة إبداعية وإنسانية بكل ما للكلمة من معنى، فهو اسم بارز يصطف ضمن مجموعة كبيرة من الأدباء المؤسسين والمؤثرين على مدى أجيال مثل: محمود الإيراني، أمين شنار، غالب هلسا، عيسى الناعوري، بدر عبد الحق، خليل السواحري، مؤنس الرزاز، رجاء أبو غزالة، وغيرهم الكثير.
*نزعة إنسانية
انطوت كتابات الراحل الكبير فخري قعوار على نزعة إنسانية لافتة، فقد حرص دائماً على تصوير المدى المقفر والحظ العاثر للناس في مجموعاته الأدبية، حيث غاص بعمق في أحوال ومقامات الطبقات المهمشة.
كان قعوار معروفاً عند الأدباء والقراء العرب، قبل أن يظهر إنتاجه في كتب أو مجموعات منشورة، وكان شغوفاً بالرسم والتشكيل، وقد دأب على نشر إنتاجه القصصي منذ بداية عقد الستينات من القرن الماضي، وخصوصاً في مجلة «الأفق الجديد» المقدسية (1961-1966)، ومجلة «القصة» المصرية، ومجلة «الأديب» اللبنانية، إلى جانب نشر قصصه في الصحف الأردنية والعربية.
وكان الفقيد على صلات وطيدة مع أبرز نجوم الثقافة والأدب العربي على رأسهم الأديب نجيب محفوظ، وقد برزت نتاجاته الأدبية في عدة مجلات عربية ضمن بدايات جيل الستينات على المستوى العربي، وقد ظل في دائرة الوهج الأدبي والإبداعي أكثر من خمسين عاماً.
في سنواته الأخيرة، انسحب فخري قعوار من الحياة الأدبية، بسبب عارض صحي، ومع ذلك، فقد واظب أصدقاؤه سواء كانوا كُتاباً أو غيرهم على زياراته المتكررة، حيث كان على الدوام بشوشاً وضاحكاً، وكأنه في بداية مشواره النابض بالحياة، في حقول الكتابة والإعلام والسياسة، فهو رجل تمسك دائماً بالحياة وبأصدقائه، حتى تلك اللحظة التي قرر فيها الانسحاب بهدوء تام، وعلى حين غفلة باغتت جميع محبيه ومن ارتبط معهم بعلاقات صداقة وزمالة وحياة بكل ما فيها من حلاوة ودهشة وحيوية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق