قصائد موشاة بالدهشة في مهرجان الشعر العربي - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

الشارقة: علاء الدين محمود
شهد قصر الثقافة بالشارقة يوم أمس الأول الأربعاء أمسية شعرية وندوة نقدية مصاحبة لمهرجان الشعر العربي في دورته ال 21، أما الأمسية الشعرية فقد انعقدت بمشاركة نخبة من المبدعين العرب وهم: أحمد بخيت (مصر)، ونجاة الظاهري (الإمارات)، وقاسم الشمري (العراق)، وشقراء مدخلي (السعودية)، والواثق يونس (السودان)، وحسن إدريس (ليبيا)، وقدم للأمسية وعرّف الشعراءَ الشاعر عمر أبو الهيجاء (الأردن).
حضر الأمسية عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، ومحمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، والشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر، وجمهور كبير من الشعراء والمثقفين والأكاديميين.
افتتح الأمسية المصري أحمد بخيت، وقرأ من قصائده: «ما يوجع النون» و«الحواس» و«الهدهد»، و«لا أفق لي»، وكانت القراءة مشحونة بالعاطفة، يقول:
لا أُفق لي إنَّني الراؤون.. والأفقُ صَمتُ الجبال التي في ظلّها صعقوا
لمّا أَضاؤوا نجوماً، في غُضونِ دُجىً أَجَّلت موعد إِشراقي، ليأْتلقوا
إِنّي لفرط حناني، كُلَّما كذبُوا أَشفقتُ منهم، عليهم، قائلاً: صدقوا
أسئلة
الأسئلة كانت هي العنوان العريض لنصوص نجاة الظاهري التي قاربت الموضوع اليومي والحياتي وتأملت في دروب تفاصيل الحياة الصغيرة مما يجعل النص عامر بالدهشة والمفارقات. وتقول في إحدى قصائدها:
ككل المساكين قد لا أنام وأمضي إلى عملي في الصباح
وأطعم في الدرب بعض الطيور أعالج في الدرب بعض الجراح
أواسي صديقاً إذا حل ليل وألعن وحدي الشقاء المباح
وألهو بموسقتي للأماني وأرقص حتى تنام الرياح
أما قاسم الشمري فتغنّى بأناشيد ارتدت ثوب الأحزان، لكنه حزن نبيل، وشجن يبذل فيه بديع العبارات، وتحمل بعض قصائده قصة تجارب مع الموت، لكنها ليست مجرد مرثيات بل تحمل أبعاداً فكرية تغوص في فكرة الحياة نفسها، وقرأ من قصيدته (هكذا اكتملت):
يا نَخلةَ الدار حيثُ الدارُ خاويةٌ قبل اندلاعك أطلالاً بغيرِ عمدْ
يا رجفةَ القلبِ يا ابن الشيبِ يا سبباً به اكتملتُ ونبضاً في العروقِ صعدْ
إن الزمان بك استوفى النذورَ فَكُنْ عيناً أراني بها والكون محضُ رمدْ
أما شقراء مدخلي فقدمت من خلال جرأة في الطرح، وبحس وجداني عميق بعضاً من قصائدها، التي مالت إلى الغنائية أحياناً، وقالت:
لم أحسن الحب لكني منحت دمي للغاديات وهبت الغيب بوصلتي.
في خافقي طائر الإنشاد يخبرني أني ارتقيت لأن الشعر أجنحتي
وأن قيظ فؤادي ليس يطفئه إلا المجاز الذي ترويه ملهمتي
صور بلاغية
بدوره أنشد الواثق يونس قصائده بحسٍّ لا يخلو من الدهشة والمتعة والفكرة والمعنى، وبعض قصائده قدمت مقترحاً جمالياً لعالم جديد من محبة ونور، ومن قصيدته «كوردة فقدت وردتها» يقول:
كصورة أنفقت في زهوها الشبها أنفقتُ أعذب أوهامي وأغربها
قلبي أُصيب بداء العابرينَ فَكم أفنى لُحوناً لمن نادته مُطربها
أما حسن إدريس قدم باقة من القصائد الحافلة بالصور البلاغية والتعبيرات المحيطة بالأفكار التي رصدتها النصوص، ويقول في إحدى قصائده:
يقصّ عليّ الليل بعض اكتئابه
ويعرف أن ما بي شبيه بما به
عجيب سواد الليل يدري بأنني
كثيراً أنادي كي أمر ببابه.
وفي ختام الأمسية، كرم عبد الله العويس ومحمد القصير بحضور محمد البريكي، الشعراء المشاركين.
وعقب الأمسية تم توقيع ديوان الشاعر حسين العبد الله «سوريا»، والذي حمل عنوان «سفير من قلب أمي».
ندوة نقدية
وجاءت الندوة الفكرية المصاحبة للمهرجان بعنوان «الشعر العربي من الثبات إلى التحوّل»، وأقيمت على جلستين تحدث في الأولى د. محمد أبو الشوارب (مصر)، ود. سلطان الزغول (الأردن)، ود. ولد متالي لمرابط (موريتانيا)، وترأستها الناقدة التونسية د. سماح حمدي، وشارك في الجلسة الثانية: د. عبدالله الخضير (السعودية)، ود. إيمان عصام خلف (مصر)، وترأسها د. عبدالرزاق الربيعي (عُمان).
وفي الجلسة الأولى، تحدث الباحث د. أبو الشوارب تحت عنوان «أوّلية الشعر العربي»، واستعرض تاريخ نشأة القصيدة، والفرضيات التي اتصلت بها، وحلل بنية القصيدة العربية المكتملة العناصر اللغوية والصوّرية والشكلية، وخلص إلى كونها تعتمد بشكل رئيس على مقولة القيم الخلقية والاجتماعية بوصفها أساساً لإنتاج الخطاب الشعري.
التّناصّ الشعري
وقدم د. سلطان زغلول ورقة بعنوان «التّناصّ الشعري بين القديم والحديث»، واختار أن يحلّل تأثير النص القديم في التجارب الشعرية المعاصرة، ودور التاريخ في التمهيد لنظرية التناص، وأشار إلى ضرورة وجود حس تاريخي لدى الشاعر عبر عرض نماذج تعكس أهمية هذه العملية الاطلاعية، وأكد أن الشعراء العرب أبدعوا في استلهام التراث الشعري العربي وإعادة إنتاجه إبداعياً عبر التناص.
وتناول د. ولد متالي لمرابط بورقته «الرمز وتحوّل الدلالات»، إحدى أهم ركائز الشعر، وهي الدلالة ومايتصل بها من استخدام الرمز، وفاعلية الانزياح والغموض والمفارقة وغيرها، ويبين قيمتها وما لحق بها من تحولات، وتباين استخدامها بين مختلف التجارب الشعرية المعاصرة.
في الجلسة الثانية، استهل د. عبدالله الخضير الحديث تحت عنوان «العتبات النصيّة من التقليد إلى التجديد».
وأوضح الخضير:«إنّ لكلّ بناء مدخلاً، ولكلّ مدخل عتبة، ولكلّ عتبة هيئة، مشيراً إلى أن الدراسات النقديّة تنظرُ إلى العتبات على أنّها مفتاحٌ مهمٌّ في دراسة النصوص».
واعتبر أن العتبات النصيّة في الدرس النقدي الحديث والمعاصر هي امتداد لما بعد البنيوية، التي حوّلت نظرتها إلى النصّ من كونه بِنية مُغلقة تحركها علاقات داخلية إلى بِنية مفتوحة.

القصيدة وتحولات وسائط النشر والتلقي
تحدثت د. إيمان عصام خلف عن «القصيدة وتحولات وسائط النشر والتلقي»، معتبرة أن ذلك يأتي انطلاقاً من إرساء قواعد التأصيل النظري للوقوف على تطورات التحول من الشفاهي إلى الكتابي في القصيدة العربية، وأن هذه المحاولة لكشف أسس الإبداع الفني للقصيدة العربية وتحولاتها عبر التطور الزمني والتدوين التاريخي والشكل الكتابي للقصيدة العربية من القديم إلى الحديث.
وأوضحت أن المتأمل لمسار القصيدة العربية منذ النشأة الشفاهية، مروراً بالحقبة الورقية، ووصولاً إلى عصرها الرقمي- يجدها مرّت بالكثير من التحولات الجوهرية، مما كشف لنا أبعادها المختلفة، والتأثيرات التي طرأت على بنيتها وأساليب تلقيها، فأدى ذلك إلى إعادة تشكيل علاقتها بجمهورها، ما أسهم في إعادة توزيع الأدوار بين الشاعر والقارئ على حد سواء، بناءً على هذه الرؤية.
وقالت: «مرّ الشعر العربي بمراحل تحول جذري، من الشعر الشفاهي، وصولاً إلى الشعر المكتوب، كما منح التدوين الورقي القصيدة العربية بُعداً جديداً يتمثل في الثبات والنقل عبر الأجيال».

أخبار ذات صلة

0 تعليق