«كهوف رخامية»..عجائب طبيعية في باتاغونيا - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

إعداد: محمد عزالدين
على الحدود بين تشيلي والأرجنتين، في قلب منطقة باتاغونيا الباردة، تختبئ واحدة من أعظم عجائب الطبيعة، وهي كهوف مارمول، هذه الكهوف المدهشة، التي تعرف أيضاً بـ«الكهوف الرخامية» التي تطفوا على بحيرة كاريرا، ,تعد واحدة من أروع الأنظمة الكهفية في العالم، وتتميز بجمال فريد يشبه الخيال العلمي، أكثر من كونها مشهداً خلاباً على كوكب الأرض.
تقع الكهوف على حافة بحيرة كاريرا، التي تغذيها الأنهار الجليدية، وهي محاطة بمياه فيروزية شفافة تعكس ألوان الصخور الرخامية بطرق مذهلة، وعندما تتنقل هذه المياه بين أعماق الكهوف، ينعكس الضوء من الطمي الجليدي في مياه البحيرة، ما يعكس درجات من الأزرق والأخضر والوردي على الجدران الرخامية، ليخلق منظراً جمالياً مذهلاً يستحق التأمل، وتلك الأنماط الملونة التي تزين جدران الكهوف هي نتيجة التفاعل بين الضوء ومكونات الصخور الرخامية التي تشكلت على مر العصور، ما يمنحها هذه الألوان الزاهية التي تبدو وكأنها مشهد من عالم آخر.
وتعود أصول كهوف مارمول إلى ملايين السنين، إذ كانت في البداية تتكون من الحجر الجيري، لكن الحرارة والضغط الشديدين داخل قشرة الأرض حولتها إلى رخام، وبدأ تشكيل هذه الكهوف منذ حوالي 10000 إلى 15000 سنة، عندما بدأت الأنهار الجليدية في الانحسار، وبفعل عوامل التعرية المستمرة، نحتت المياه هذه الكهوف الفريدة بتشكيلاتها المتنوعة من الأعمدة، والأقواس، والغرف المنحوتة، ما يجعلها واحدة من الظواهر الجيولوجية الأكثر تميزاً.
وأوضح الجيولوجي فرانسيسكو هيرفي، أن هذه الكهوف تشكلت في درجات حرارة تراوحت بين 300 و400 درجة مئوية على عمق بين 10 و15 كيلومتراً تحت سطح الأرض، وشهدت الصخور تحولات معقدة لتصبح على ما هي عليه اليوم.
تقع الكهوف الرخامية في منطقة نائية يصعب الوصول إليها، ولا يمكن للزوار الوصول إليها إلا بواسطة القوارب، إذ تنظم رحلات بحرية من قرية بويرتو ريو ترانكيلو القريبة، التي كانت تعتمد في الماضي على تربية الماشية، وأصبحت الآن نقطة انطلاق للسياح الذين يأتون لاستكشاف هذا الكنز الطبيعي، وأفضل الأوقات لزيارة الكهوف تكون في فصلي الربيع والخريف، عندما يكون مستوى المياه والضوء في أحسن حالاتهما لخلق التوليفة المثالية من الألوان في هذه الأعجوبة الطبيعية.
خصصت منطقة الكهوف كمحمية طبيعية منذ عام 1994، وذلك لحمايتها من التدهور، ولضمان بقائها للأجيال القادمة، وهذا يعكس مدى أهمية هذا المعلم الطبيعي الفريد في العالم، الذي تستمر العناية به للحفاظ على جماله وسحره الفريد.
تعد كهوف مارمول الرخامية مثالاً رائعاً على قدرة الطبيعة على صنع عجائب مذهلة لم يتخيلها أحد، وكأنها من عالم آخر، وإن زيارتها تمثل تجربة لا تنسى، إذ بإمكان الزوار الاستمتاع بجمال الكهوف الساحر وألوانها الخلابة، وسط المناظر الطبيعية المدهشة التي تقدمها بحيرة كاريرا المحيطة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق