«الحب في موسم الكراهية».. تغوص في النفس البشرية بحثاً عن المشترك الإنساني - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

الشارقة: جاكاتي الشيخ
تعتبر رواية «الحب في موسم الكراهية»، للكاتب الدكتور أنور حمدان سجواني، من تلك الروايات الممتعة التي تعالج بعض القضايا الراهنة في عالمنا، وتغوص في النفس البشرية لتكشف عن المشترك الإنساني، الذي يحاول هذا الإنسان أحياناً التنكر له، بل وتدميره بكراهية تنحدر به إلى هوّة لا قرار لها، وهو الذي بإمكانه أن يحول تلك الكراهية إلى حب يسمو به إلى أرقى مراتب الخلاص.
الرواية التي تتناول قصة الدكتور حميد، من منطقة المريج بإمارة الشارقة، تسرد سلسلة من الأحداث المشوّقة والمثيرة، التي تجعل القارئ يبتسم أحياناً وتدمع عيناه أحياناً أخرى، حتى لينتابه شعور بأنه يشترك في تلك الأحداث، أو يقف عن كثب شاهداً عليها. 
مبادئ إنسانية
بطل الرواية حميد هو وحيد عائلته، وله عدة أخوات، يعيش في أسرته كأي شاب إماراتي طيب، يطمح إلى أن يجسد القيم التي تعلّمها في محيطه العائلي واقعاً في مستقبله، وفي المرحلة الجامعية يدرس في كلية الطب بالشارقة، حيث يجتمع الطلاب من جنسيات مختلفة، وهي مرحلة مهمّة في تكوين شخصية البطل، ولذلك تناولها الكاتب بالتفصيل، مبرزاً أهم الصعوبات التي تواجه طالب الطب، لتجعله مستعداً لكل ما سيواجهه في حياته المهنية، ولتُؤكّد ما تعلمه في عائلته من ضرورة التضحية للالتزام بأسمى المبادئ الإنسانية.
وبعد تخرجه في كلية الطب، يترك حميد خلفه عائلته المُحِبَّة وحياته المريحة في الشارقة، ويذهب للتدريب، فيختار العمل متطوّعاً في مخيمات اللاجئين في السودان، ثم مصر، فالأردن وهناك يلتقي طبيب قلب أردنياً من أصل فلسطيني، حيث يعلمه الكثير عن جراحة القلب، وحينها يكتشف حميد هدفه الأسمى وشغفه لتسخير الطب في خدمة اللاجئين المنكوبين والمتأثرين بالفقر والحروب، ليذهب بعد ذلك خفية إلى دَرْعَا السورية، بعد أن طلب منه أحد الأشخاص القدوم للعمل معهم هناك في مستشفى للمعارضة، وفي الليلة التي كان يخطط فيها لمغادرة دَرْعا يتعرض مسكنه للقصف، لتختطفه إحدى المجموعات المتطرفة، وتجبره على العمل معها، وفي أحد الأيام يطلب منه زعيم المجموعة القدوم لعلاج زوجته الرابعة، والتي يتفاجأ بأنها زميلته الفرنسية «ماي»، التي كانت تدرس معه في كلية الطب بالشارقة، فيخططان للهرب، ويصلان إلى دمشق، حيث مركز سيطرة الحكومة السورية، ليذهب بعد ذلك لإكمال دراسته في ألمانيا، ويعود إلى مخيمات اللاجئين في لبنان ليلتقي نفس الصديقة «ماي» المتطوّعة هناك، وتنشأ بينهما قصة حبّ تفضي إلى زواجهما.
أسلوب رصين
تكشف هذه الرواية للقارئ، فيما يدركه بطلها حميد بعد كل الآلام التي مرّت به، والمخاطر التي واجهها، أن أي كراهية قد تحمل لنا في النهاية حُبّاً، وأن القيم الإنسانية السامية المشتركة تؤدي بنا إلى نفس المصير.
وقد استطاع الكاتب أن يمرّر فيها العديد من الرسائل بسلاسة الكاتب المتمكّن من أدواته، حيث لم تمنعه مجريات قصته من إبراز قدراته العالية في فنّ السّرد، فمن خلال الفترات التي يقضيها البطل عند كل واحد من الفرقاء السوريين الثلاثة المتقاتلين على حكم البلد؛ حاول الكاتب أن يكشف طريقة التفكير، ورؤية الحياة الإنسانية لدى كلٍّ من أولئك الفرقاء، في تسلسل مثير للأحداث، وهو ما فعله مع البطل في كل مراحل حياته، مستخدماً في ذلك تقنية الفلاش باك التي بدأ بها الرواية، كما نجح في مستويات التخييل، رغم معالجته لموضوع واقعي معاصر، وشائك، وكانت لغته جميلة، وجمله منثورة في أسلوب أدبي رصين. 
إضاءة
الدكتور أنور حمدان سجواني هو كاتب وطبيب عيون استشاري إماراتي، حائز على عدة جوائز، سعى لاكتساب المعرفة الطبية والخبرة من خلال زياراته لعدة دول، بما في ذلك باكستان، ولبنان ومصر، وأيرلندا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وقد دفعه شغفه بمعالجة المرضى إلى التطوع في مخيمات طبية مختلفة، وهو عضو في الكلية الملكية للعيون بإنجلترا، أما في الكتابة فهو من الروائيين الباحثين الذين يذهبون إلى أماكن القضايا التي يكتبون عنها، حتى ينقلوا للقارئ صورة دقيقة، تجعله في قلب أحداث العمل السردي، فكتب أربع روايات باللغة الإنجليزية، هي: «الحب في موسم الكراهية» التي نشرت سنة 2020، وترجمت ونشرت سنة 2025 باللغة العربية، وروَايَتَا «البحث عن حياة جديدة»، و«قلبان وحرب»، اللتان نشرتا، ولم تترجما بعد، فيما لم تنشر بعد روايته الرابعة «زيارة إلى الأرض المسروقة».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق