ملتقى الشارقة للخط.. يفيض بأنوار الجمال - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الشارقة: علاء الدين محمود
تحمل الأعمال المشاركة في ملتقى الشارقة للخط، وهجاً وقبساً من ضياء وفيوض نورانية تحتشد بها اللوحات، تعكس معاني الإيمان في منظومة جمالية نادرة تتجمل بالحرف وتكتسب ألقها من براعة الخطاطين ومقدرتهم على توظيف خلفياتهم الثقافية والدينية في صناعة اللوحة التي تحرض الناظر على التأمل في الكون والوجود والسفر في عوالم من المتعة البصرية في تجربة ملهمة تبحث عن خفايا العمل وما وراء اللوحة.
الفنان الإماراتي محمود العبادي، قدم العديد من الأعمال التي تشير إلى نضج التجربة والتمكن من الأدوات ونصوع الفكرة، فمعظم أعماله تحمل نصوصاً قرآنية وأقوالاً لشعراء وصوفيين، تعكس جمالاً روحياً شفيفاً وألقاً من خلال القدرة على توظيف الخط واستخدام الألوان التي تتناسب مع فكرة النص.
ومن تلك الأعمال التي شارك بها العبادي لوحة بخط «الثلث الجلي»، بحبر على ورق، وتحمل نصاً لواحد من كبار الصوفيين وهو جلال الدين الرومي، ويقول النص: «ما تبحث عنه يبحث عنك»، وتلك من المقولات الشهيرة التي ألهمت الكثير من الشعراء والفنانين والخطاطين فحولوها إلى رسومات خطية وتكوينات تحتفي بمعاني الفكرة والقيم الإسلامية التي تدعو لها، لتأتي اللوحة المعبرة عن ذلك النص بمثابة سفر روحي إلى عوالم من الفيوض والمدد المتوهج بالدلالات، خاصة تلك الخلفية الصفراء للوحة حيث يرمز هذا اللون في توظيفه الجمالي الإبداعي إلى التفاؤل والدفء والسعي إلى التجليات والأنوار، والحبور الذي ينتظر في نهاية رحلة البحث المضنية، فهو لون أشعة الشمس المتسلّلة من بين السحب، بينما جاء النص نفسه باللون الأسود بنقاط حمراء متوهجة، من أجل إبراز الحروف بصورة لافتة، ولخلق تأثيرات بصرية مميزة تساعد على التركيز على النص وفهم معانيه وتمثل قيمه التي تحث على الصبر وانتظار ما عند الله تعالى فهو الذي يدبر أمور العباد، حيث يبرز النص معاني الزهد والتقرب.
تمتد رحلة الفنان الإماراتي محمود العبادي أكثر من 20 عاماً في مجالات الفنون البصرية، والخط العربي، والفن التشكيلي، والنحت، والتصميم، وهو يتبنّى مزيجاً من المدارس الفنية لإبراز الجمال الكامن في الخط العربي.
*ألق
الفنان التركي مدحت طوباج، هو الآخر يصنع عوالم جمالية وروحية عبر عدد من الأعمال التي تكشف عن تجربته المميزة للفنان في الخط العربي، حيث تتمتع مشاركاته برؤية نتجت عن تأمل عميق في الوجود والغوص في القيم الدينية الإسلامية.
ومن أبرز مشاركات الفنان لوحة تحمل نصاً قرآنياً من سورة «يس»، الآية 82، وهي: «كن فيكون»، باستخدام ورق «آهار»، وباللونين الأبيض والأسود، بخلفية من درجات اللون الأصفر المتوهج.
وتأتي اللوحة وهي مسكونة بأنواع مختلفة من الجمال ما بين حكمة الآية القرآنية الدالة على قدرة الله عز وجل، وبين التعبير عنها في اللوحة الخطية، وتوظيف نوع الخط نفسه إذ إن اللوحات التي ترسم بالثلث الجلي، دائماً ما تركز على لحظة الإشراق والنور والتجلي، فالعمل يشهد على قدرة الفنان الخطية ويظهر براعته من خلال ضبط شكل اللوحة العام وتناسق ألوانها، خاصة الخطين الأسود والأبيض، على الخلفية الصفراء مع الأشكال الأخرى، لتشكل بذلك عملاً فنياً مُشرقاً، يروق للمشاهد وتصله رسالة مضمونة بسهولة ويسر.
وطوباج من مواليد 1969، عمل في مجال التجارة الحرة بعد تخرجه في كلية الهندسة الصناعية عام 1992، إلى أن اكتشف شغفه الحقيقي بالخط العربي، فتدرب على يد عدد من الأساتذة، وتكللت جهوده بالنجاح وحصل على إجازة في خط الثلث والنسخ من حسن جلبي، ثم واصل تلقي دروس الخط، وتمكن من حصد جوائز مرموقة في مسابقات الخط العربي المحلية والدولية.
*فلسفة
الفنان السعودي سعيد قمحاوي، قدم هو الآخر مشاركات نحتية رفيعة بدلالات مستلهمة من البيئة الإسلامية بمقاربات فلسفية روحية، تبحث عن طبيعة الأشياء وتحلق في عوالم جمالية تكشف عن قدرة الله عز وجل.
ومن الأعمال اللافتة التي شارك بها قمحاوي قطعة نحتية بعنوان «محفور»، وهي عبارة عن عمل فني معاصر على لوح خشبي بأبعاد فلسفية وعاطفية متعدّدة، حيث يستحضر فكرة الحفر في الذاكرة وفي الزمن، للتعبير عن المحاولات الإنسانية القديمة لتوثيق التجارب والأفكار من خلال النقش على الصخور والتي تعتبر من أقدم وسائل التعبير الفني.
وقمحاوي من مواليد 1972، وله العديد من التجارب الفنية والإبداعية والخطية، ودائماً ما يركز على الحفر والنحت في صناعة عوالمه المحرضة على التأمل.

أخبار ذات صلة

0 تعليق