جدل بين 4 مفكرين حول المستقبل - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

يتضمن كتاب «هل أفضل أيام البشر قادمة؟» (ترجمة نصير فليح) مناظرة بين أربعة مفكرين: آلان دو بوتون، وستيفن بنكر، ومالكولم غلادويل، ومات ردلي، وتبدأ المناظرة باستطلاع رأي نحو 3 آلاف شخص من الجمهور حول موضوع المناظرة، أي ما إذا كانوا يعتقدون أن أفضل أيام البشر قادمة أم لا.
تبدأ بعدها المناظرة بين فريقين، يضم كل منهما شخصين: فريق المؤيدين للأطروحة، أي الذين يعتقدون أن أفضل أيام البشر قادمة، وهما ستيفن بنكر، ومات ردلي، وفريق المتحفظين الذين لا يُقرّون بذلك، ويضم آلان دو بوتون ومالكولم غلادويل.
تبدأ مجريات المناظرة بإعطاء كل من المتناظرين الأربعة 8 دقائق لتقديم كلمته الافتتاحية، ثم يعطى كل منهم 3 دقائق للرد، بعدها تتحول المناظرة إلى نقاش بين المتناظرين، ثم يكون هناك استطلاع ثانٍ للجمهور لبيان ما إذا كانت المناظرة أحدثت تغييراً في قناعاتهم وإجاباتهم لصالح هذا الطرف أو ذاك، كما يتضمن الكتاب لقاءات مع المتناظرين الأربعة قبل بدء المناظرة، وتعقيباً عليها أيضاً.
*ارتباطات
هل أفضل أيام البشر قادمة؟ السؤال الذي تتناوله المناظرة في هذا الكتاب سؤال كبير جداً بالطبع، وككل الأسئلة الكبرى، فإنه يمد تفرعات كبيرة جداً في مختلف المجالات الفكرية والروحية والمادية، فالتساؤل عن المستقبل وما إذا كان سيأتي بأيام أفضل للبشر أم لا، يرتبط بالعلم والدين والتنوير والعقل والعقلانية والتكنولوجيا والفلسفة والأخلاق والسياسة والفرد والمجتمع والبيئة، وبالتالي يعتمد على المنظور العام الذي ينظر من خلاله لهذه المواضيع مجتمعة.
إن المسار الذي سارت فيه حال البشر في القرون الأخيرة والواقع الحالي موضع خلاف شديد على مستوى الفكر العالمي، فهناك من يعتبر التقدم أمراً جارياً على قدم وساق، وسيفضي إلى تحسن في أحوال البشر، وهناك من يتحفظ على ذلك أو يرى أن المنطلقات التي انطلق منها التنوير والعلم والعقلانية في العالم الحديث لا غبار عليها من حيث المبدأ، لكنها جرت بطريقة جعلتها تتضمن وجهين أحدهما سلبي والآخر إيجابي، فرغم تحسن أوضاع البشر في بعض المجالات، فهي لا تزال متدهورة في أخرى، وثمة مخاطر من نوع جديد باتت على الأبواب مما لا تعرف له البشرية في السابق مثيلاً.
إحدى المزايا المهمة لمثل هذه الكتب أنها تقدم وجهات نظر متباينة بشأن مواضيع، قد يتصورها كثير من القراء محسومة أو بديهية أو مفهومة، وبالتالي فإن تقديم معرفة قطعية وتعددية حول مواضيع بهذه الدرجة من الأهمية والشمولية لا بد أن يسهم في توسيع الأفق المعرفي، ويصب في مجرى التنوير (المقترن بحرية العقل والتفكير بالضرورة) والروح النقدية التي لا تقبل شيئاً قبولاً تاماً على علاته، أو ترفضه رفضاً مسبقاً أيضاً، وهو ما سيراه القارئ في الحوارات الذكية والدقيقة بين أربعة من ألمع مفكري عالمنا المعاصر، ممن يقدمون آراءهم ببراعة وعلى قاعدة قوية من المعرفة، رغم تعارضها أشد التعارض.
من بين المشكلات التي تطرحها المناظرة، مخاطر الأسلحة النووية ومخاطر التغيرات المناخية، والمتناظرون في هذا الكتاب رغم اختلافاتهم الكبيرة يتفقون على أنها أخطر المشكلات، بما في ذلك فريق المتفائلين أو المؤيدين، مثل ستيفن بنكر الذي يقول عن التغير المناخي «ربما هو أعظم تحد واجهته البشرية».
*نظرة
يشير الكتاب إلى أنه لأجل تفهم موضوع المناظرة بشكل أكبر لا بد من تقديم نظرة سريعة إلى القرنين الماضيين من الزمان والجدل الفكري والعلمي حول ما يطرح من مواضيع فيها لتقديم إطار فكري عام يمهد لاستقصاء هذه المناظرة بتشعباتها العديدة الضمنية والمعلنة.
يوضح الكتاب أنه بعد فترة من التطور الإيجابي المشجع في مجالات الاقتصاد والعلم والتكنولوجيا في القرن التاسع شعر ظهرت حالة من الثقة العالية بالعلم وقدراته الثورية في تغيير حياة البشر، لكن العلم نفسه ما لبث أن تعرض مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين إلى تغيرات ثورية أدت إلى تراجعات في اليقين العلمي، وتغيرات في مفهوم الحقيقة العلمية نفسه بالارتباط مع تطورات فيزياء الكوانتم والنظرية النسبية.
منذ ذلك الحين أمسى العلم بالتدريج أكثر تواضعاً في طموحاته ووعوده.

أخبار ذات صلة

0 تعليق