المسرح.. نافذة العقل نحو التنوير - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

عُقدت صباح، الثلاثاء، جلسة بعنوان «المسرح والتنوير» ضمن فعاليات الدورة الـ34 من أيام الشارقة المسرحية، وناقشت دور المسرح العربي في: نشر التعليم، تحصيل المعارف، الانفتاح على الآخر، تجديد الفكر، مراجعة التراث، وترقية الوعي. شارك في الجلسة الدكتور سامح مهران (مصر)، الدكتور فراس الريموني (الأردن)، أحمد عبد الصادق (ليبيا)، ومعز قديري (تونس)، وأدارها باسم صادق (مصر).
تناولت الورقة الأولى للدكتور سامح مهران مفهوم التنوير كحركة فكرية نشأت في أوروبا خلال القرن الثامن عشر، والتي اعتمدت على العقل والنقد لمراجعة التراث والمؤسسة الدينية، مؤكدة على قيم التقدم، الحرية، والديمقراطية. استعرضت الورقة تأثير مفكري التنوير مثل فولتير، كانط، وهيوم في تشكيل رؤية عقلانية للعالم، قائمة على التجريبية والعلم، مما أدى إلى تحولات فكرية واجتماعية بارزة.
وناقشت الورقة التفاعل بين التنوير والرومانسية، حيث عارضت الأخيرة الطابع العقلاني المجرد وركزت على المشاعر والخيال، مما أسهم في تطور الفن والأدب. كما استعرضت الحداثة كامتداد للتنوير، والتي أصبحت مرادفة للعصرية والتقدم، خاصة مع التطورات الصناعية والتكنولوجية. وأكدت على دور الحداثة في التحرر من التقاليد والخرافات، مشيرة إلى أن مشروع الحداثة لا يزال غير مكتمل.
*بدايات
وقدم الدكتور فراس الريموني ورقة بعنوان «المسرح والتنوير: تطور حركة التنوير كفكر فلسفي»، موضحاً أن التنوير ركز على العقل، الحرية، والتسامح كرد فعل على الاستبداد في العصور المظلمة. وأشار إلى أن التنوير العربي بدأ منذ رحلة رفاعة الطهطاوي إلى باريس، لكنه لم يتحول إلى تيار اجتماعي شامل كما حدث في أوروبا.
وتناولت الورقة رؤية المستشرق الروسي أليكسي جورافسكي، الذي أكد أن النهضة العربية استلهمت أفكارها من التنوير الأوروبي لكنها لم تحقق نفس التأثير العميق. كما ناقشت التنوير في الأردن، حيث نشأت حركة ثقافية وفنية بعد الاستعمار التركي، استخدمت المسرح كأداة رئيسية لتعزيز الهوية العربية والتصدي للاستعمار.
استعرضت الورقة تطور المسرح الأردني بعد الاستقلال، حيث أصبح أداة للتعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية، مبتعداً عن الخطابات التقليدية المنغلقة، وقدمت أمثلة لأعمال مسرحية بارزة مثل «المفتاح والجراد» و«تغريبة ظريف الطول».
ورقة المخرج والممثل الليبي أحمد عبد الصادق رصدت دور المسرح في تحقيق التنوير الاجتماعي والثقافي، مشيراً إلى جذوره في النقاش الفلسفي والسياسي منذ المسرح الإغريقي وحتى العصر الحديث. وأكد أن المسرح كان ولا يزال وسيلة فعالة في تحفيز التفكير النقدي، وطرح قضايا العدالة، حقوق الإنسان، والتكنولوجيا.
ناقشت الورقة تأثير المهرجانات المسرحية في جودة الأعمال المسرحية، مشيرة إلى أن التركيز على الجوائز قد يؤثر في الطابع التنويري للمسرح. كما تناولت تحديات المسرح في ظل التغيرات التكنولوجية وتأثير السينما، حيث أصبح التركيز على الإبهار البصري على حساب النص والأداء التمثيلي.
*استكشاف اللاوعي
بدوره بحث معز قديري في ورقة «المسرح والتنوير: جعل اللاوعي وعياً واللامرئي مرئياً» العلاقة بين المسرح والتنوير، موضحاً كيف يمكن للفن المسرحي أن يكون وسيلة لتحويل اللاوعي إلى وعي، واللامرئي إلى مرئي. وأكد أن المسرح، منذ نشأته، يكشف الحقائق العميقة، سواء كانت نفسية، اجتماعية، أو فلسفية، من خلال الأداء والتجسيد الحي للأفكار والمشاعر.
الورقة ناقشت دور المسرح في استكشاف اللاوعي، حيث يتيح للممثلين والمتفرجين مواجهة الجوانب المخفية من ذواتهم، مما يؤدي إلى إدراك داخلي وتحرر فكري. كما تتبعت كيفية توظيف المسرح لعناصره السينوغرافية، مثل الإضاءة، الحركة، والصوت، لجعل غير المرئي محسوساً.
وخلص البحث إلى أن المسرح، كفن ديناميكي، لا يقتصر على الترفيه، بل هو وسيلة عميقة للتأمل والتفكير، تتيح للإنسان فهم ذاته وعالمه بشكل أوضح. من خلال تحويل المجهول إلى معلوم، والمكبوت إلى معلن، يصبح المسرح أداة قوية للتنوير الإنساني والتحرر الفكري.
*تحديات
اختتمت الجلسة بالتأكيد على أهمية المسرح في نشر الفكر التنويري وتعزيز الوعي النقدي في المجتمعات العربية. وأكد المشاركون على ضرورة تطوير المسرح العربي ليواكب تحديات العصر، مع الحفاظ على دوره الفكري والثقافي. كما دعوا إلى دعم الحركات المسرحية والمبدعين لضمان استمرار دور المسرح في تحفيز الفكر وتشكيل المستقبل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق