واسيني الأعرج يتجول بين أحلام ألف ليلة - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

دبي: علاء الدين محمود
ضمن فعاليات أسبوع الرواية العالمي، نظمت مكتبة محمد بن راشد في دبي، جلسة حوارية استضافت فيها الروائي الجزائري واسيني الأعرج، الفائز بجائزة «نوابغ العرب»، عن فئة الأدب، وجاءت الجلسة بعنوان «واسيني الأعرج.. السيرة والتاريخ – من ألف ليلة وليلة إلى عطر الرواية»، وقدمتها الإعلامية د. بروين حبيب.

الجلسة تجوّلت في عدد من المحطات المهمة في مسيرة الأعرج؛ حيث تناولت التجربة الأدبية للكاتب الكبير وعلاقته بالرواية والحكاية في التراث إلى لحظة السرد المعاصر، إذ قدمت الجلسة إضاءات حول الرحلة الباكرة للأعرج مع عالم القصص منذ الطفولة وأثر البيئة والواقع الاجتماعي في تكوين ذائقته، ودور التراث العربي في تشكيل وعيه السردي وتأثيره على أعماله الروائية، حيث أسهم الأعرج بصورة كبيرة في إحياء التاريخ عبر الرواية، وقام بتأليف كتاب يحكي عن تجربته مع السرد بعنوان: «عطر الرواية... هذا أنا كما عرفتني».
واستعاد الأعرج، في حديث الذاكرة، لحظات من الماضي كان لها خصوصيتها ودورها الحاسم في تكوينه، وأن يسلك طريق الأدب والكتابة الإبداعية، منذ لحظات الطفولة الباكرة حيث «المدرسة القرآنية»، والتي كان يدرس فيها الطلاب في الجزائر في ذلك الوقت من أجل تعزيز علاقتهم بالقرآن الكريم واللغة العربية، خاصة أن المدارس الرسمية كانت فرنسية حينها، وكانت تلك المدارس والمؤسسات القرآنية تحفظ الهوية وتوثق علاقة الطلاب بتاريخهم وجذورهم الثقافية.
*نهوض العنقاء
وتحدث الأعرج عن كتابين كان لهما الفضل في عشقه للأدب واختيار طريق الكتابة الإبداعية في ما بعد، والأول هو «ألف ليلة وليلة»، الذي خلق للكاتب علاقة وجدانية باللغة العربية، وهو كتاب يحتشد بالكثير من القيم الإنسانية الفاضلة «العابرة للقارات والنفوس»، ويتناول بشكل عميق مسألة السلطة والحكم والمعرفة؛ حيث إن الكتاب قوبل أحياناً بالعداء من قبل البعض وأحرق، لكنه كان كما العنقاء ينهض في كل مرة من جديد من بين الرماد الملتهب وهو أكثر ألقاً وأثراً، وذلك هو سر سحر «ألف ليلة وليلة»، الذي يمتلك غواية لم تدرك، وفيه كذلك كثير من التقنيات السردية من حيث القصة الإطار الأساسية وهي حكاية شهرزاد مع الملك، إلى جانب القصص المروية بواسطة شهرزاد، فهناك عملية ذهنية محكمة في السرد، إلى جانب أن القصص تتناسل بطريقة غريبة، بحيث أن كل واحدة منها تضمّ مجموعة من الحكايات والشخوص، ولا عجب أن يتأثر الكثير من الكتاب والمؤرخين في الغرب والشرق بهذا الكتاب الفريد.
*دون كيشوت
ويلفت الأعرج إلى أن الكتاب الآخر الذي شكّل وجدانه الإبداعي، هو: «دون كيشوت»، للأديب الإسباني ميغيل دي ثيربانتس، والذي تعرف إليه الأعرج في المدرسة حيث كان المعلم الفرنسي يتلو على الطلاب مقاطع من الكتاب، وكان الأعرج يشعر أن هذا الكتاب عربي؛ لأنه قريب من الوجدان، حيث لم تكن علاقته بالكتاب حكائية فقط بل وكذلك وجدانية وتاريخية، خاصة أن علاقة قوية تربط الأعرج بالأندلس عبر جدته وجده اللذين حضرا من هناك، ولفت إلى أنه تعلم اللغة الإسبانية حباً في هذا الكتاب، موضحاً أن كلاًّ من «دون كيشوت»، و«ألف ليلة وليلة»، هما بمثابة نصوص مرجعية، والمعلوم أن النص المرجعي يمتلك قوة حقيقية تؤثر في الإنسان، والكيان الأدبي دائماً ما يصاغ من مثل هذه النصوص.
وتناول الأعرج علاقته بعائلته وأسرته، وأشار إلى أشخاص بعينهم كان لهم الأثر الكبير في تجربته الأدبية، كما عرج بالحديث على عدد من الروائيين والكتاب العرب المعاصرين والقدامى، متناولاً جانباً من تجاربهم السردية، كما تناول أثر الجوائز في تعزيز المشهد الروائي وجملة من المواضيع المتعلقة بالحراك العربي الثقافي ومشهد السرد فيه.
*إصدار وتوقيع
وأصدرت مكتبة محمد بن راشد بهذه المناسبة مطوية عن أثر «ألف ليلة وليلة»، على الأدب والأدباء، بعنوان «فلما كانت الليلة»، وهي بادئة استخدمت في حكايات الكتاب.
وعلى هامش الجلسة، شهدت المكتبة حفل توقيع جماعي على الكتب الروائية لأكثر من عشرين كاتباً وكاتبة، من أصحاب الإصدارات الأدبية الأولى، وهو شكل من أشكال الاحتفاء بإبداعات الأقلام الشبابية، وقد اشتملت على مؤلفات في شتى أنواع وأشكال السرد الروائي.
وفي الختام كرَّم محمد أحمد المر، رئيس مجلس إدارة المكتبة المشاركين من الكتَّاب والمبدعين؛ تقديراً لإسهاماتهم الأدبية.
*مناسبة لافتة
ويعدّ «الأسبوع العالمي للرواية»، واحدة من المناسبات الثقافية التي أطلقتها منظمة اليونسكو عام 2021، وتبدأ من 13 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، تقديراً للدور الكبير للسرد في حياة البشر؛ إذ أصبح من الفنون التي تجد اهتماماً كبيراً من قبل القراء حول العالم، ويهدف الأسبوع إلى دعم تقدير الأدب كشكل من أشكال التعبير عن الإبداع الإنساني، وإلى الحث على القراءة وإذكاء الوعي بالدور المهم الذي يؤديه الكتَّاب، بوصفهم مساهمين أساسيين في تبادل المعرفة والتنوع الثقافي، وذلك تمشّياً مع اتفاقية عام 2005 لحماية، وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي، حيث يعزز الأسبوع العالمي للرواية إسهامات الروائيين والشعراء وكتَّاب المسرح ونقاد الأدب والناشرين وآخرين كثيرين في التفاعل بين الثقافات، ويدعم حقوقهم وصناعات الكتاب حول العالم، وهو بمثابة دعوة من قبل «اليونسكو»، للاحتفاء بالكتَّاب وبما يقدمونه للبشرية من إبداع وتنوع وسبل للوصول إلى الثقافة والمعرفة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق