الشارقة: «الخليج»
تكلل برنامج «خلوة الكتّاب»، المعني بتطوير مهارات المواهب الشابة، الذي أقيمت دورته الثانية في أغسطس الماضي، في إطلاق مجموعة قصصيّة مُشتركة بعنوان «حكايا البيت»، من إصدار دار «روايات» التابعة لـ«مجموعة كلمات»، واحتفت الدار بإصدار المجموعة خلال معرض الشارقة للكتاب، بمشاركة المؤلفين العشرة للمجموعة والدكتورة فاطمة البريكي، أستاذة مشاركة في البلاغة والنقد في جامعة الإمارات، والتي أشرفت على تدريب المشاركين البرنامج على مدار سبعة أيام في «فندق ذا تشيدي البيت - الشارقة» التراثي بمنطقة «قلب الشارقة»، والتقوا بالشيخة بدور القاسمي، المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لـ«كلمات»، ومبارك الناخي، وكيل وزارة الثقافة، حيث استمعا إلى تجربة المشاركين في الخلوة.
وقالت الشيخة بدور القاسمي: «لطالما ركزت مجموعة كلمات على إثراء المحتوى العربي وتعزيز جودة الأعمال المكتوبة باللغة العربية، بما يتوافق مع رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ما يدفعنا إلى دعم كافة العاملين في صناعة الكتاب، كتّاباً وناشرين وموزّعين ومترجمين، وتوفير بيئة حاضنة لهم، ومدّهم بسبل الدّعم كافّة من موارد وأدوات تسهم في النهوض بقدراتهم».
وأضافت الشيخة بدور القاسمي: «لم تتوقّف دولة الإمارات يوماً عن ولادة المبدعين وأصحاب المواهب من الأدباء والمسرحيين والشعراء الذين أثروا المكتبة الإماراتية ووضعوا بصمتهم في المشهد الأدبي العربي، مجسدين هويتنا الثقافية وتاريخنا الأدبي، لذلك أطلقنا البرنامج، لمساعدة المبدعين الواعدين على تطوير مهاراتهم في الكتابة الإبداعية واللحاق بركب كوكبة أدبائنا الكبار، واليوم نرى ثمار البرنامج بين أيدينا بهذا الإصدار المتميز، وأهنئ كتّابه وأثمّن جهودهم المميزة».
* منصة
من جانبه، قال مبارك الناخي: «إن هذه الخلوة ليست مجرد فعالية ثقافية، بل هي منصة تتيح للكتّاب والناشرين فرصة التفاعل وتبادل الأفكار، بما يسهم في تعزيز الإبداع الأدبي وتطوير صناعة النشر وتسليط الضوء على إسهاماتهم في الحفاظ على الهوية الوطنية والثقافة العربية من خلال الأدب والفنون. نحن نؤمن بأن الثقافة هي أساس بناء المجتمعات، وأن دعم الإبداع الأدبي والفني يسهم في تعزيز الانتماء الوطني بما يتماشى مع رؤية القيادة الرشيدة، والتي تضع الثقافة والإبداع في صميم التنمية المجتمعية والاقتصادية، لا سيما أن الاقتصاد الإبداعي يُعدّ ركيزة أساسية للتنمية المستدامة».
وتابع: «نحرص في وزارة الثقافة على التعاون مع الشركاء في توفير بيئة تشجع على الابتكار والإنتاج الأدبي، وتعزيز الروابط بين أفراد المجتمع الإبداعي، وفتح آفاق جديدة أمام الكتّاب والناشرين لاستكشاف فرص التعاون وتطوير أعمالهم. هذه المبادرة تعكس روح الشارقة الثقافية التي تدعم التفاعل الإبداعي على المستوى المحلي والعالمي وتؤكد مكانتها كوجهة رائدة للثقافة والإبداع»
* منهج متميز
تضمن برنامج «خلوة الكتّاب»، ورش عمل تدريبية مكثفة في «الكتابة الإبداعية» تجاوزت 35 ساعةً تدريبية نظريةً وتطبيقيةً، و26 تمريناً كتابياً، ناقشت صنعة الكتابة والأسلوب اللغوي، والتقنيات الأدبية المستخدمة في الكتابة، باحترافية عالية. إذ لمس التعاون والانسجام بين المؤلفين الواعدين خلال الكتابتين الفردية والمشتركة، إلى جانب جلسات الإرشاد والتوجيه تحت إشراف نخبة من الكتاب، مثل: الروائية أحلام مستغانمي التي حلت ضيف شرف على البرنامج، والروائية بشرى خلفان، والكاتبة إيمان اليوسف، والكاتبة نادية النجار، والشاعر حسن النجار، والكاتب والناشر جمال الشحي.
* ندوة حوارية
وأقيمت ضمن البرنامج ندوة حوارية أدارتها مديرة برنامج خلوة الكتاب أمل إسماعيل، بحضور المشاركين وفريق التنظيم، حيث سلطت الندوة الضوء على تجربتهم. وأكد المشاركون أن الخلوة أسهمت في تطوير مهاراتهم وتوسيع آفاق أفكارهم ومخيلتهم وملكاتهم الإبداعية، ومكنتهم من اتخاذ الخطوة الأولى نحو احتراف الكتابة، حيث يعد كتاب «حكايا البيت» شهادةً حيّةً على نجاحهم وتميزهم.
وأكدت الدكتورة فاطمة البريكي، أن الكتاب المشاركين يمتلكون مواهب استثنائية، مشيرة إلى أنهم ثمار ناضجة قطفتها الخلوة بإيلائها الرعاية المناسبة، وأشادت بجهد «مجموعة كلمات» ووزارة الثقافة وكل الذين أسهموا في تشكيل ملامح هؤلاء الكتّاب، وإنجاز مجموعة قصصية في فترة زمنية قياسية، واضعين أقدامهم على أول طريق احتراف الكتابة الإبداعية.
* ملجأ
وحول نظرتهم إلى الكتابة بعد الانضمام إلى الخلوة، تنوعت أفكار المشاركين، بين اعتبار الكتابة عملية إبداعية لإيصال صورة ورسالة معينة، وعملية شجاعة يبادر إليها الكاتب الشجاع، وتستدعي الإصرار، وأن القراءة ملجأ ورحلة استشفاء يرى الكاتب من خلالها العالم بعينيه وأفكاره ومشاعره، وأن الكتابة حاجة نفسية وإنسانية ووجدانية، وطريقة مثلى للتعبير عن شخصه وفكره، فالكاتب يعبّر عن نفسه قبل أن يكتب للناس.
وأشار المشاركون إلى أن الكتابة صوت من لا صوت له، وأنها ليست وحياً أو إلهاماً، بل عملية استمرار وإلحاح، وأن امتلاك أدوات الكتابة ليس كافياً، إنما يجب أن يحب الكاتب ما يفعله، وأن يؤمن بسمو الكتابة ورفعتها وبعدها كل البعد عن المظاهر، فهي عملية جدية لا مجرّد خروج من ضغوطات الحياة والمشاغل، وأن جدلية الكتابة بين الموهبة والصنعة تُحسم بالتدريب الذي يصقل الموهبة، ويثبّت أقدامها.
* وعد
وبسؤال المشاركين عن الوعود الشخصية والعهود الوطنية التي قطعوها في «خلوة الكتّاب» على أنفسهم، جاء جوابهم مؤكداً طموحهم بأن يصبحوا كتّاباً يؤثرون في المشهد الإماراتي والعربي، والتخصص في جميع الألوان الأدبية بما فيها أدب الأطفال واليافعين، والاستمرار في الكتابة وعدم التوقف عنها بما يواكب توجهات الإمارات لوصول كتّابها إلى المحافل العالمية، وأن تحصد الكتب الإماراتية جوائز عالمية، إلى جانب إبراز التراث والهوية الإماراتية، والكتابة بصدق وأمانة وشفافية أمام أنفسهم وأمام الآخرين، مع إبراز جماليات اللهجة الإماراتية، والإسهام في المشهد الثقافي الإماراتي والعربي.
0 تعليق