المناضل اديب العيسي: مشروع التصالح والتسامح الجنوبي تحول من رمز للوحدة إلى أداة للابتزاز وإسكات للأصوات الناقدة
الاربعاء 15 يناير 2025 - الساعة:01:28:53 (الأمناء/ خاص)
أكد رئيس منتدى الشراكة الوطنية الجنوبية، المناضل أديب العيسي، أن مشروع التصالح والتسامح الجنوبي الذي كان رمزًا للأمل والوحدة عند نشأته قد تعرض لتشويه مقصود، أدى إلى تفريغه من معناه الحقيقي وتحويله إلى أداة تُستخدم لإسكات الأصوات الناقدة وتبرير الأخطاء.
وفي منشور لع على حسابه في "فيسبوك" له، أوضح العيسي أن المبادرة كانت تهدف إلى طي صفحة الماضي الأليم وبناء وطن يتسع للجميع، إلا أن الواقع أظهر استغلالها كذريعة لتكميم الأفواه وإقصاء المخالفين. وأضاف أن من يعبر عن استيائه من الوضع الراهن أو يطالب بإصلاحات يتعرض للتهميش، مما يعكس انحرافًا عن جوهر التصالح والتسامح.
وأشار العيسي إلى أن الاحتفالات الرمزية بذكرى التصالح والتسامح الجنوبي لم تعد تعكس الواقع، إذ تُرفع شعارات الوحدة بينما تمزق التصرفات المناطقية النسيج الاجتماعي. ودعا إلى ضرورة فتح قنوات الحوار بين جميع الأطراف، وإصلاح المؤسسات لضمان مشاركة عادلة تضمن حقوق الجميع.
وشدد العيسي على أن التصالح والتسامح ليس مجرد شعار يرفع في المناسبات، بل مسؤولية أخلاقية ووطنية تتطلب ترجمة عملية على أرض الواقع. ودعا إلى العمل من أجل جنوب خالٍ من الأحقاد والعنصرية، وقائم على الشراكة الحقيقية والعدالة الاجتماعية، معتبرًا أن هذا هو الحلم الذي يستحق أن يعمل الجميع من أجله.
نص المنشور:
إفراغ المعنى الحقيقي للتصالح والتسامح الجنوبي
أديب العيسي
لقد كان مشروع التصالح والتسامح الجنوبي منذ نشأته رمزًا للأمل والوحدة، ومبادرة إنسانية تحمل في طياتها تطلعات أبناء الجنوب لبناء مجتمع يقوم على التسامح ونبذ الأحقاد والصراعات. لكن مع مرور الوقت، يبدو أن هذا المشروع العظيم قد تعرض لتشويه مقصود، مما أدى إلى إفراغه من معناه الحقيقي وتحويله من رمز للوحدة إلى أداة ابتزاز وإسكات للأصوات الناقدة.
في جوهره، كان التصالح والتسامح الجنوبي دعوة لطي صفحة الماضي الأليم، والوقوف معًا لبناء وطن يتسع للجميع، بعيدًا عن الثارات والانقسامات. لكن في الواقع الحالي، أصبحت هذه المبادرة الإنسانية وسيلة تُستخدم لتكميم الأفواه وإخماد أي صوت يجرؤ على انتقاد الوضع الراهن في الجنوب. فمن يطالب بإصلاحات أو يعبر عن استيائه من الانقسامات السياسية أو الفساد الإداري، يُتهم بسرعة بأنه يعارض التصالح والتسامح، وكأنه يعتدي على مبدأ مقدس.
هذا الاستخدام الملتوي للتصالح والتسامح جعل البعض يراه مجرد شعار يفتقر إلى التطبيق الفعلي. فبدلاً من أن يكون أداة لتمكين الجميع من المشاركة في بناء الوطن، أصبح يُستخدم كسلاح لإقصاء المخالفين وإضفاء شرعية على أخطاء القوى المسيطرة.
مع حلول ذكرى التصالح والتسامح، تكثر الاحتفالات والفعاليات الرمزية التي لا تعكس حقيقة الواقع على الأرض. ففي الوقت الذي يُرفع فيه شعار الوحدة والتسامح، تستمر التصرفات المناطقية في تمزيق النسيج الاجتماعي. وبدلاً من أن تكون هذه المناسبة فرصة حقيقية لتعزيز قيم الشراكة وقبول الآخر، تحولت إلى منصة لتكرار الشعارات الجوفاء التي لا تجد صدىً في الواقع.
إن الاحتفال الحقيقي بهذه المناسبة لا يكون في تنظيم المهرجانات أو الخطابات الرنانة، بل في فتح القلوب والعقول لقبول الآخر، بغض النظر عن انتمائه السياسي أو المناطقي، وتجاوز الخلافات لبناء وطن يحترم الجميع.
لإعادة إحياء المعنى الحقيقي للتصالح والتسامح، يجب أن يتم التركيز على العمل الجاد نحو بناء مجتمع يضمن حقوق جميع أبنائه دون استثناء.
يبدأ بالاعتراف بأن الجنوب اليوم ليس كتلة واحدة، بل يضم طيفًا واسعًا من التوجهات السياسية والاجتماعية، ويجب أن تكون هناك شراكة حقيقية تشمل الجميع.
والاعتراف منا جميعا بأنه لا يمكن بناء مستقبل مستدام إذا استمرت النزاعات والأحقاد القديمة في السيطرة على العقول. يجب أن يكون هناك وعي جماعي بأن الجنوب يحتاج إلى وحدة الصف أكثر من أي وقت مضى.
وأن يكون الحوار هو السبيل الوحيد لتحقيق التصالح الحقيقي. يجب فتح قنوات تواصل بين مختلف الأطراف لمناقشة القضايا العالقة بشفافية وإيجاد حلول عادلة.
لا يمكن تحقيق التسامح الحقيقي إذا كانت المؤسسات القائمة تُدار بعقلية الإقصاء والفساد. الإصلاح الإداري والسياسي ضروري لضمان عدالة المشاركة.
إن التصالح والتسامح ليس مجرد شعار يُرفع في المناسبات، بل هو مسؤولية أخلاقية ووطنية يجب أن تُترجم إلى أفعال. يجب أن يكون هناك إدراك جماعي بأن الجنوب لن ينهض إلا إذا كان وطنًا يحتضن الجميع دون تمييز، ويمنح كل فرد فيه حقه الكامل في العيش بكرامة ومساواة.
بدلاً من استخدام هذا المشروع الإنساني العظيم كوسيلة للابتزاز أو الإقصاء، يجب أن يكون جسرًا يعبر عليه الجميع نحو مستقبل أفضل. جنوب خالٍ من الأحقاد والعنصرية، وقائم على الشراكة الحقيقية والعدالة الاجتماعية، هو الحلم الذي يستحق العمل من أجله.
0 تعليق