السياحة في سلطنة عمان.. رافد اقتصادي واعد بين الفرص والتحديات - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

أهمية تطوير البنية الأساسية والاستراتيجيات التسويقية

تعد السياحة من أبرز القطاعات الاقتصادية التي تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة في سلطنة عمان، حيث تمثل فرصة واعدة لاستقطاب الاستثمارات وتنويع مصادر الدخل الوطني بعيدًا عن النفط. ورغم الإمكانيات الكبيرة التي يتمتع بها هذا القطاع، إلا أن هناك العديد من التحديات التي تواجهه، مثل الحاجة إلى تطوير البنية الأساسية السياحية وتعزيز الاستراتيجيات التسويقية العالمية، ومن هذا المنطلق يبرز دور الجهات الحكومية والخاصة في تحفيز النمو السياحي، مع التركيز على تعزيز السياحة البيئية وتطوير المشاريع السياحية المستدامة، واستخدام التكنولوجيا الحديثة لتوسيع نطاق السياحة العمانية على الساحة الدولية، وفي هذا الاستطلاع الصحفي الذي أجرته "عُمان" نلقي الضوء على الفرص والتحديات التي يواجهها القطاع السياحي في سلطنة عُمان، والسبل الممكنة لتحقيق التنمية المستدامة لهذا القطاع الحيوي.

ثروات طبيعية

المكرمة الدكتورة شمسة بنت مسعود الشيبانية عضوة مجلس الدولة، قالت إن السياحة في سلطنة عُمان تمتاز بعدد من العوامل التي تعزز من جاذبيتها كمقصد سياحي عالمي، كالتنوع الجغرافي والطبيعي الذي يشمل الجبال الشاهقة والصحاري الواسعة والشواطئ الخلابة التي تميز سلطنة عمان، إضافة إلى الإرث الثقافي والتاريخي الغني الذي تتمتع به السلطنة، كالمعالم الأثرية والمواقع التاريخية والأسواق التقليدية التي تعكس تاريخا عريقا. كما أشارت إلى أهمية الاستقرار والأمن الذين تتمتع بهما سلطنة عمان، وهما من العوامل الرئيسية التي تسهم في جذب السياح من جميع الدول، كما أن الموقع الجغرافي الاستراتيجي للسلطنة الذي يربط بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، يجعلها وجهة مثالية للسياح من مختلف أنحاء العالم.

وأكدت الشيبانية أن السياحة تسهم بشكل كبير في تعزيز التنوع الاقتصادي بعيدا عن النفط، فهي توفر فرص عمل جديدة في مجالات متنوعة مثل قطاع الضيافة والنقل والخدمات المرتبطة بها، كما تسهم في زيادة الإيرادات غير النفطية، من خلال إنفاق السياح على مختلف الخدمات مثل الإقامة والترفيه، كما أنها محفزًا لريادة الأعمال، حيث تشجع على تأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تركز على الخدمات السياحية المتنوعة، مثل تقديم المأكولات التقليدية أو تنظيم الجولات السياحية.

وسلطت الشيبانية الضوء على عدد من المعالم السياحية التي تجعل سلطنة عمان واحدة من الوجهات الرائدة في المنطقة كالجبل الأخضر وجبل شمس اللذان يمثلان وجهات جبلية مثالية لعشاق الطبيعة والمغامرات، كما أن وادي شاب ووادي بني خالد يمثلان نماذج للمواقع الطبيعية التي تجذب السياح للاستمتاع بمناظرها الخلابة، وتطرقت أيضا إلى مسجد السلطان قابوس الأكبر الذي يمثل معلمًا دينيًا وثقافيًا بارزًا في عُمان، وأوضحت أنه لصيف عُمان سحر خاص، حيث تشتهر ظفار وخاصة في موسم الخريف بظروف جوية استثنائية تجعلها مقصدًا سياحيًا رئيسيًا، بالإضافة إلى مناطق أخرى كـ"رأس الجنز"، الذي يعد وجهة رائعة لمراقبة السلاحف البحرية في موسمها.

وشددت على ضرورة تعزيز البنية الأساسية السياحية لتلبية احتياجات السياح، مشيرة إلى أهمية تطوير المطارات وزيادة الرحلات الجوية الدولية لتسهيل وصول السياح إلى عُمان، مؤكدة ضرورة تحسين الطرق والمواصلات العامة لتسهيل التنقل بين مختلف مناطق سلطنة عمان، وضرورة إنشاء المزيد من الفنادق والمنتجعات السياحية الحديثة لتلبية احتياجات السوق السياحي المتنامي، وأكدت أهمية توظيف التكنولوجيا الحديثة لتوفير المعلومات والخدمات السياحية للزوار بطريقة ميسرة وفعالة.

استراتيجيات حكومية

وأوضحت الشيبانية أن الحكومة العمانية تلعب دورًا كبيرًا في دعم قطاع السياحة من خلال وضع استراتيجيات وخطط طويلة الأمد تهدف إلى تنمية هذا القطاع الحيوي، مشيرة إلى أن الجهات الحكومية تقدم تسهيلات مهمة للاستثمارات السياحية الأجنبية والمحلية، وتشجع على تنظيم فعاليات دولية للترويج للسياحة العمانية على الساحة العالمية، مؤكدة دعم الحكومة للكوادر العمانية من خلال برامج تدريبية مهنية في مجال السياحة، بهدف تأهيلها للعمل في هذا القطاع.

ولفتت إلى أن السياحة تسهم بشكل مباشر في زيادة الإيرادات الحكومية، من خلال الرسوم والإتاوات السياحية، مما يعزز من القدرة المالية للدولة وتعزيز التجارة المحلية من خلال زيادة الطلب على المنتجات الحرفية المحلية كالملابس التقليدية والمصنوعات اليدوية، وكذلك تسهم في تقوية العملة الوطنية بفضل العملات الأجنبية التي يجلبها السياح.

وأكدت الشيبانية أن التنوع الكبير في التراث الثقافي والطبيعي في عُمان يجعلها وجهة فريدة للزوار، فالتراث العُماني الغني يسهم في جذب السياح الذين يرغبون في استكشاف الثقافة العريقة، بينما تشكل المناظر الطبيعية المتنوعة من جبال وشواطئ وصحاري جذبًا لعشاق المغامرة والطبيعة، كما أن الفعاليات المحلية مثل المهرجانات تعد فرصة كبيرة للترويج للسياحة وتعزيز الجذب السياحي.

التغلب على التحديات

وشددت الشيبانية على ضرورة معالجة التحديات التي يواجهها قطاع السياحة في سلطنة عُمان، مثل نقص الكوادر المدربة في القطاع السياحي، واعتماد السياحة بشكل كبير على المواسم، حيث أشارت إلى ضعف الترويج السياحي عالميًا كأحد العقبات، ولتجاوز هذه التحديات اقترحت استثمار الحكومة في التعليم والتدريب لتأهيل الكوادر المحلية، وتطوير السياحة طوال العام من خلال تنويع الأنشطة السياحية، وكذلك إطلاق حملات تسويقية مبتكرة تستهدف أسواق سياحية جديدة، وأوضحت أن القطاع الخاص له دور محوري في دعم نمو السياحة في سلطنة عُمان، من خلال إنشاء واستثمار المشاريع السياحية مثل الفنادق والمنتجعات، وتطوير حلول رقمية للسياحة مثل التطبيقات الذكية التي تسهل على الزوار استكشاف عُمان. وشددت على أهمية دعم الفعاليات الثقافية والرياضية التي تسهم في جذب المزيد من السياح، وتطرقت الشيبانية إلى الأثر الإيجابي الكبير للسياحة على المجتمعات المحلية، حيث تسهم في خلق فرص عمل جديدة وتحسين مستويات الدخل، كما تؤدي السياحة إلى تعزيز الوعي الثقافي والتفاهم بين الثقافات المختلفة، كما أنها تدعم المشاريع الحرفية والمنتجات المحلية، مما يعزز من الاقتصاد المحلي، وأكدت أهمية تعزيز السياحة البيئية والمستدامة في عُمان، وضرورة وضع قوانين لحماية البيئة والمواقع السياحية الطبيعية، وتشجيع السياحة البيئية مثل رحلات التخييم والمغامرات، ودعت إلى رفع الوعي بأهمية الحفاظ على الطبيعة بين الزوار والسكان المحليين، لضمان استدامة السياحة في سلطنة عُمان.

البنية الأساسية والتكنولوجيا

من جانبه أشارسعيد بن عبدالله العزري أحد المغامرين ومهتم بالسياحة الداخلية: بأن القطاع السياحي في سلطنة عمان يعد من القطاعات الواعدة التي تحمل إمكانات كبيرة للتأثير بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني، ويستطيع أن ينافس القطاع النفطي في المستقبل. وأوضح أن من أهم العوامل التي تعزز قدرة السياحة على تحقيق هذا النجاح هو تطوير البنية الأساسية السياحية وتزويدها بالمقومات الأساسية التي تسهل تنفيذ المشاريع السياحية، كما أشار إلى ضرورة تسهيل الإجراءات الرسمية للمستثمرين الأجانب، مما يجعلهم أكثر إقبالًا على الاستثمار في هذا القطاع الحيوي، ويسهم في زيادة حركة النمو في السوق السياحي المحلي.

كما شدد العزري على الدور المتزايد للذكاء الاصطناعي في تحفيز الحركة السياحية حول العالم، مؤكدًا أن التقنيات الحديثة تعد أداة قوية لتعزيز التجربة السياحية وتسهيل الوصول إلى المعلومات والخدمات، كما دعا إلى استخدام التطبيقات الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكثر فاعلية، مما يسهم في إعادة تشكيل المفاهيم المتعلقة بالسياحة ويسهم في الوصول إلى أسواق سياحية جديدة، وهو ما سيعود بالنفع الكبير على سلطنة عمان من خلال زيادة تدفق السياح الأجانب. كذلك طالب العزري الجهات المختصة إلى ضرورة التحرك بسرعة لتفعيل هذه الأدوات التكنولوجية، بحيث تعود بالنفع على خزينة الدولة من خلال جذب السياح وزيادة الإيرادات من العملات الأجنبية وتحفيز السياحة المحلية.

وأوضح العزري أن السياحة تقدم فوائد متعددة للمجتمعات المحلية في سلطنة عُمان، إذ تعمل كقوة دافعة للنشاط التجاري في الأسواق المحلية، وتسهم في زيادة الحركة الشرائية، كما أوضح أن هذه الحركة تفتح المجال أمام أصحاب المشاريع المنزلية الصغيرة في المناطق السياحية لبيع منتجاتهم وعرض خدماتهم، ما يسهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد المحلي، وأشار إلى أن القطاع السياحي يوفر فرص عمل جديدة للباحثين عن عمل خلال المواسم السياحية، مما يعزز روح الابتكار والإبداع ويوفر فرصًا لتطوير مهارات القوى العاملة في مختلف المجالات.

وأشار العزري أيضًا إلى أن السياحة في سلطنة عُمان تسهم في نشر الثقافة العمانية العريقة على مستوى العالم. فزيارة السياح الأجانب للمواقع الأثرية والتاريخية في عُمان تتيح لهم الفرصة للتعرف على تاريخ سلطنة عمان العريق والتراث الثقافي الغني، حيث إن هذا التفاعل يعزز صورة عُمان في الخارج، ويسهم في تكريس قيمها الثقافية والتاريخية على الساحة الدولية، مما يسهم في تحسين سمعتها كوجهة سياحية فريدة ومتميزة.

وأكد العزري أن العوامل المتعددة التي تتمتع بها سلطنة عُمان، مثل موقعها الجغرافي الفريد وتنوع بيئاتها الطبيعية والثقافية، تجعلها مؤهلة لتصبح واحدة من أبرز الوجهات السياحية في العالم. داعياً إلى تكثيف الجهود من قبل كافة الجهات المعنية لدعم وتطوير هذا القطاع بما يضمن استدامته وتوسعه في المستقبل.

من جهته أكد سالم بن سعيد السعيدي أن السياحة تمثل أحد العوامل الأساسية التي تؤثر بشكل كبير في المجتمعات المحلية في سلطنة عُمان، مشيرًا إلى أن تأثيرها يمتد بشكل خاص إلى الجوانب المتعلقة بالتطور العلمي والتقني، وكيفية الاستفادة من هذه التقنيات الحديثة في خدمة المجتمعات المحلية. وأوضح السعيدي أن استخدام البرامج الإلكترونية بشكل مبتكر يُعد عنصرا مهما في تطوير السياحة العمانية وتعزيز مكانتها على الساحة العالمية، كما أضاف إن هذا التطوير يعكس صورة إيجابية للسلطنة في المحافل الدولية، مما يساهم في تعزيز السمعة الطيبة لها على المستوى العالمي، مشيرا إلى أن تنشيط القطاع السياحي يزيد من الحركة الشرائية في المجتمعات المحلية، مما يسهم في تحسين دخل الفرد والأسرة العمانية بشكل ملحوظ.

ولفت السعيدي إلى أن السياحة البيئية والسياحة المستدامة تمثل أفقًا واعدًا لتطوير القطاع السياحي في سلطنة عُمان، حيث يمكن تعزيز هذه السياحة من خلال الترويج الفعال للمواقع السياحية البيئية الفريدة التي تتمتع بها السلطنة، حيث إن هذه المواقع تحظى باهتمام كبير من المغامرين والمستكشفين، وعلماء الجيولوجيا، مما يجعلها محط أنظار السياح من مختلف أنحاء العالم. مؤكدا ضرورة تكثيف الجهود لتسويق هذه المواقع بشكل أفضل على المستوى العالمي، مما يساهم في جذب السياح وتعزيز إيرادات الدولة من العملات الصعبة.

كما أوضح أن أهمية السياحة في سلطنة عمان لا تقتصر فقط على رفد خزينة الدولة بالأموال، بل تمتد لتشمل دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة. وطالب بضرورة الاهتمام بتطوير هذه السياحة من خلال تحسين البنية التحتية وتوفير كافة الخدمات اللازمة في المواقع السياحية، بالإضافة إلى اعتماد التطبيقات الذكية التي تسهم في تسهيل تجربة السياح وتنظيم رحلاتهم بطريقة فعّالة وآمنة.

مشددا على ضرورة تكثيف الجهود من قبل الجهات المعنية لزيادة الوعي بأهمية السياحة في سلطنة عمان، والعمل على تطوير كافة المواقع السياحية المستهدفة وتزويدها بالبنية الأساسية المتطورة والخدمات المتميزة، بما يضمن للسلطنة مكانة رائدة في مجال السياحة على المستوى الدولي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق