لماذا تظل التوقعات إيجابية للتصنيف الائتماني لسلطنة عُمان خلال 2025؟ - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

مع بداية عام جديد، تستعد وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى لتحديث تصنيفاتها للجدارة الائتمانية لسلطنة عُمان، ومن المتوقع أن يواصل التصنيف التحسن خلال عام 2025، حيث يمهّد قيام وكالة ستاندرد آند بورز برفع التصنيف إلى درجة الجدارة الاستثمارية خلال العام الماضي لقرارات مماثلة من قبل الوكالات الأخرى، خاصة مع استمرار تحسن المؤشرات المالية ونمو الاقتصاد، ومواصلة الحكومة خططها لإدارة الالتزامات المالية وخفض مستويات الدين العام، وتعزيز الإيرادات غير النفطية.

ويتضمن التصنيف الائتماني الذي تصدره وكالات التصنيف العالمية عددًا من فئات التصنيف، بدءًا من فئة تصنّف التطورات المالية والاقتصادية للدولة عند مستوى متردٍّ غير مشجّع على جذب الاستثمار، وصولًا إلى أعلى فئة في التصنيف من خلال حلول الدول في الفئة الجاذبة جدًا للاستثمار، وبينهما فئات متفاوتة يبدأ أفضلها من دخول الدول إلى فئة الجدارة الائتمانية المشجعة للاستثمار، وهو الإنجاز الذي حققته سلطنة عُمان من خلال التحسين المتواصل في تصنيفها الائتماني خلال السنوات الماضية لتصل إلى أول درجات الجدارة الاستثمارية خلال العام الماضي، وضمن كل من هذه الفئات للتصنيف، تعطي الوكالات درجة محددة للتصنيف مع نظرة مستقبلية تتفاوت بين السلبية أو المستقرة أو الإيجابية، وبالتالي فإن قرار خفض النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية، على سبيل المثال، حتى دون تغيير درجة التصنيف، يعني وجود عوامل سلبية تُرجّح خفض درجة التصنيف مستقبلًا، والعكس صحيح؛ فتحسين النظرة المستقبلية حتى مع تثبيت الدرجة يمهّد لرفع درجة التصنيف على مدى زمني قد يكون قريبًا أو متوسط المدى وفق التطورات الإيجابية في الجوانب المالية والاقتصاد، وهذا التحسين هو ما يحققه التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان بشكل متواصل خلال السنوات الماضية.

وخلال العام الماضي، قامت وكالة ستاندرد آند بورز برفع التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان مرتين، الأولى في شهر مارس، حيث تم تعديل النظرة المستقبلية من مستقرة إلى إيجابية مع إبقاء درجة التصنيف دون تغيير، وبعد ذلك قامت الوكالة في سبتمبر 2024 برفع درجة التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان من +BB إلى -BBB مع نظرة مستقبلية مستقرة، وكان ذلك تقدمًا مهمًا استعادت به سلطنة عُمان جودة تصنيفها الائتماني الذي كان قد تراجع بشكل كبير وسريع خلال فترة الأزمة المالية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط.

وفيما يتعلق بتطورات التصنيف المتوقعة من قبل ستاندرد آند بورز خلال الفترة المقبلة، يتطلب رفع التصنيف مجددًا قيام الوكالة بتعديل النظرة المستقبلية أولًا إلى إيجابية، وهو ما يعتمد على استمرار التقدم في العوامل المواتية لرفع النظرة إلى إيجابية وتحسين درجة التصنيف، وقد أشارت الوكالة في آخر تقرير لها حول سلطنة عُمان في العام الماضي إلى أن رفع التصنيف إلى درجة الجدارة الاستثمارية جاء نتيجة استمرار تحسن الأداء المالي، وتحقيق الفوائض، وخفض المديونية العامة، وأكدت الوكالة أن التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان قد يشهد مزيدًا من التحسن خلال العامين القادمين إذا استمرت الحكومة في إدارة المالية العامة للدولة كما هو مخطط، من خلال زيادة الإيرادات غير النفطية ورفع كفاءة الإنفاق العام.

أما التصنيف الائتماني والنظرة المستقبلية لسلطنة عُمان من قبل وكالتي موديز وفيتش، فمن المرجح أن يشهد تحسنًا جديدًا خلال العام الجاري، إذ قامت موديز في نهاية أغسطس عام 2024 بتعديل نظرتها المستقبلية لسلطنة عُمان من مستقرة إلى إيجابية، وأبقت التصنيف الائتماني عند "Ba1"، وأرجعت الوكالة هذا التحسن في النظرة المستقبلية إلى استمرار تراجع مستويات الدين العام وتحسن إيرادات النفط، والتزام حكومة سلطنة عُمان باستراتيجية إدارة الدين العام التي أدت إلى تقليل مخاطر الديون الخارجية، وتعزيز قوة المركز المالي للدولة، وتحقيق نتائج إيجابية ومستويات مستقرة في الاحتياطيات الأجنبية.

وفي ديسمبر 2024، عدّلت وكالة فيتش نظرتها المستقبلية لسلطنة عُمان من مستقرة إلى إيجابية، وثبّتت التصنيف الائتماني عند +BB نتيجة استمرار الإجراءات الحكومية في خفض الدين العام وديون الشركات الحكومية، وضبط المالية العامة، إلى جانب ارتفاع صافي الأصول الأجنبية السيادية، وأكدت الوكالة أن التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان قد يرتفع في حال استمرار إجراءات ضبط الأوضاع المالية وتراجع الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، ونمو الإيرادات غير النفطية، وارتفاع معدل الاحتياطات بالعملة الأجنبية، وتمهّد هذه النظرة الإيجابية حاليًا من قبل كل من موديز وفيتش لقيامهما برفع درجة التصنيف خلال العام الجاري، خاصة أن وكالة ستاندرد آند بورز قد سبقتهما في هذا القرار في العام الماضي، كما تواصل الحكومة خططها لضبط الوضع المالي وتقوية المركز المالي للدولة.

ومنذ بدء تنفيذ الخطة المالية متوسطة المدى 2020-2024 وبرامج الضبط المالي ورفع كفاءة الإنفاق العام الداعمة للاستدامة المالية كمُمْكِن رئيسي لنجاح "رؤية عُمان 2040"، شهد الوضع المالي في سلطنة عُمان تحولًا جذريًا من مخاطر واسعة أحاطت بالمركز المالي للدولة ليصل حاليًا إلى استقرار ملموس، وقد عززت سلطنة عُمان مركزها المالي من خلال توجيه الجانب الأكبر من الفوائض المحققة من ارتفاع النفط لتسريع سداد الديون وإيصال الدين العام لحدود آمنة من حيث نسبته من الناتج المحلي الإجمالي.

وخلال الأسبوع الماضي، قامت وكالة موديز للتصنيف الائتماني برفع نظرتها المستقبلية للقطاع المصرفي العُماني من مستقرة إلى إيجابية، وكان ذلك التعديل الوحيد الذي قامت به الوكالة في نظرتها للقطاع المصرفي في دول مجلس التعاون، حيث أبقت نظرتها مستقرة دون تغيير للقطاع المصرفي في بقية دول المجلس، وقد أشارت الوكالة إلى أن تحسن النظرة المستقبلية للقطاع المصرفي العُماني يعكس عوامل تتعلق بمسار الاقتصاد، منها استمرار نمو الناتج المحلي وأداء جيد للقطاعات غير النفطية، والمبادرات التي تقدمها الحكومة لتعزيز أداء القطاع، فضلًا عن عوامل إيجابية تتعلق بأداء القطاع المصرفي، منها مستويات الربحية الجيدة للبنوك المحلية وحفاظها على جودة الأصول ونسب معتدلة من القروض المتعثرة.

وفي تقييمها للتطورات المقبلة في القطاع المصرفي العُماني، توقعت الوكالة أن تتواصل جودة القروض، حيث تسهم قوة النشاط الاقتصادي في دعم قدرة المقترضين على السداد، وتتوقع موديز انخفاضًا في القروض المتعثرة وأن تظل المراكز المالية في البنوك العُمانية مرنة، مع استقرار مستويات الربحية، حيث من المرجح أن يمثل صافي الدخل حوالي 11 بالمائة من الأصول الملموسة في عام 2025، ومن المتوقع أن يستفيد القطاع من انخفاض مخصصات القروض، حيث يتواصل تحسن أداء الاقتصاد، ويسهم التوجه نحو رقمنة الخدمات والمدفوعات في تعويض النفقات التشغيلية المتزايدة، كما تواصل الحكومة دعم القطاع المصرفي، ويوفر هذا التحسن المالي أساسًا أقوى للاستقرار المالي والنمو.

وقد أشارت الوكالة إلى النمو المطرد للقطاع غير النفطي، الذي من المتوقع أن يتوسع بنحو 3 بالمائة في عامي 2025 و2026، وتشمل العوامل الدافعة لهذا التوسع ارتفاع ثقة المستهلكين والشركات، وانتعاش السياحة، واستثمارات القطاع الخاص في التصنيع والنقل والطاقة المتجددة، كما توقعت الوكالة أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان إلى 2.4 بالمائة في عام 2025.

أخبار ذات صلة

0 تعليق