«مناورة الصدمة».. مليارديرات ترامب يزلزلون الحكومة الفيدرالية - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

إعداد ـ محمد كمال
يسعى عمالقة التكنولوجيا والمليارديرات الذين وصلوا إلى الدائرة الداخلية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتحديداً مارك أندريسن وديفيد ساكس، وفي المقدمة إيلون ماسك، إلى شل بيروقراطية العاصمة واشنطن، والتركيز على الابتكار سريع الخطى، وإعادة هيكلة الحكومة الفيدرالية، عبر استراتيجية «الصدمة والرعب»، حتى وإن كانت محفوفة بالمخاطر.
ويرى مراقبون أن حلفاء ترامب من المليارديرات، يسعون إلى تحريك السياسة الفيدرالية بالوتيرة الأسرع التي اعتادوا عليها في وادي السيليكون، في حين وصف أحد المستثمرين هذه المرحلة قائلاً: «أعتقد أننا في عالم ما بعد تضارب المصالح»، مشيراً إلى أن ترامب يمكن أن يشعر بمزيد من التمكين غير المقيد خلال فترة ولايته الثانية.
ـ السؤال الأبرز ـ
ويظل السؤال الملح بين الناخبين الأمريكيين، الذي أوصلوا ترامب بفوز كبير إلى البيت الأبيض، كيف ستنعكس هذه السياسات على الطبقة العاملة في البلاد، وهل «سيشعر الأمريكيون أنهم أكثر ثراء أم فقراً؟».
وبعد أيام في البيت الأبيض، ظهر أن ترامب في بعض الأحيان يتجاهل تماماً، القوانين والقواعد واللوائح الغامضة التي طالما حمت موظفي الخدمة المدنية البالغ عددهم 2.3 مليون شخص، ومع عاصفة من الأوامر التنفيذية، بدأ خطة استثنائية لتحويل الحكومة الفيدرالية إلى مجموعة أصغر حجماً مملوءة بالموالين له.
ـ المناورة الذكية ـ
ويؤكد عدد من الخبراء أن التفاصيل الدقيقة لهذه التوجيهات تكشف عن مدى ذكاء الإدارة الجديدة في المناورة، وفي بعض الأحيان التجاهل الصريح - للقوانين والقواعد واللوائح الغامضة. حيث تحايل ترامب على قواعد عهد سلفه جو بايدن من خلال تصويرها على أنها غير عادلة، واستخدم فترات الاختبار لوضع أعداد كبيرة من موظفي الخدمة المدنية في طي النسيان.
كما أصدر ترامب مذكرة ترفع القيود المفروضة على توظيف المعينين السياسيين المؤقتين، ليحلوا محل الآلاف من الموظفين المهنيين. حتى أن البيت الأبيض أعلن أن بإمكانه إلغاء قانون ما بعد ووترغيت لإقالة كبار المسؤولين التنفيذيين والمدعين العامين بإجراءات موجزة، مشيراً بذلك إلى ادعاء كاسح بالسلطة التنفيذية، وفق ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست. إذ تحدى بذلك 17 هيئة رقابية فيدرالية، وتجاهل القانون الذي يتطلب منه تقديم إشعار قبل 30 يوماً وتبريراً بالقرار إلى الكونغرس.
ثم قدم البيت الأبيض عرضاً لموظفي الحكومة الفيدرالية، بالاستقالة مع الاستمرار في تلقي رواتبهم لمدة ثمانية شهور، حتى سبتمبر/ أيلول، وذلك ضمن سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب، لإعادة هيكلة القوى العاملة الفيدرالية.
ـ تفكيك الدولة العميقة ـ
وتعكس التغييرات الشاملة تعهد حملة ترامب بـ«تفكيك الدولة العميقة» من خلال إقالة البيروقراطيين الذين ألقى باللوم عليهم في إحباط أجندته خلال فترة ولايته الأولى. ويقول كيفين أوين، محامي التوظيف في منطقة واشنطن: «هذه الإجراءات تفتح الباب أمام اختيار إدارة ترامب لعدد أكبر بكثير من موظفي الخدمة المدنية، ما يمكن رؤيته عادةً أثناء تغيير الإدارة».
وفي فترة ولاية ترامب الأولى، أدت قلة الخبرة والفوضى إلى إبطاء الكثير من خطته لتقليل موظفي الخدمة المدنية. لكن وابل الأوامر التنفيذية في الأيام الأولى من ولايته الثانية يوضح مدى الدقة التي استعدت بها إدارته الجديدة لهذه اللحظة. فمنذ فوزه في نوفمبر/تشرين الثاني، تسابق فريقه للشؤون الداخلية إلى وضع يده على تفسيرات قانونية جديدة لتبرير القرارات، فضلاً عن تحديد التحديات القانونية التي يمكنهم قبولها، وفقاً لأشخاص مطلعين على تفكيرهم.
ـ أكثر استعداداً ـ
ويشير دونالد موينيهان، خبير الخدمة المدنية وأستاذ السياسة العامة في جامعة ميشيغان: «من الواضح أن الإدارة أفضل استعداداً هذه المرة مما كانت عليه في عام 2016.. لقد كانوا ينتظرون هذه اللحظة، وتحولت استعداداتهم إلى سياسة على الفور». ثم قالت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية لترامب، إن الصلاحيات الواسعة للرئيس تسمح له بإقالة أي شخص في السلطة التنفيذية. وأضافت: «سننتصر في المحكمة وفي أي تحديات قانونية».
ويكشف مسؤول كبير في إدارة ترامب أن التغيير يهدف إلى المساءلة، سواء في ما يتعلق بالأداء أو الفساد، أو الفشل في التنفيذ. كما يؤكد «وجود العديد من الموظفين الفيدراليين الجيدين في الحكومة، محاولاً نفي ادعاءات أن الإدارة ستستخدم الولاء لترامب كاختبار حقيقي. ثم أضاف:«هناك الكثير من الدهون والترهلات في الحكومة التي يجب تذويبها».
ـ خطة سنوات المنتجع ـ
وبحسب المراقبين، فإن صياغة العديد من هذه الخطط تم خلال السنوات الأربع التي قضاها ترامب خارج منصبه، وبمعاونة مسؤولي الإدارة السابقين في مراكز الأبحاث المحافظة، ومن بينهم راسل فوت، مدير ميزانية البيت الأبيض في الفترة الأولى والمرشح الحالي للعودة إلى هذا المنصب، وجيمس شيرك، الخبير الاقتصادي في مجال العمل الذي عاد الأسبوع الماضي إلى مجلس السياسة الداخلية بالبيت الأبيض.
وتحت غطاء تلك التوجيهات المبكرة، يعتمد فريق ترامب على مجموعة متنوعة من الأدوات لتحقيق خطتهم، وإعادة تشكيل القوى العاملة.
وسرعان ما أمر البيت الأبيض بإعداد قوائم بأسماء أكثر من 200 ألف موظف تحت المراقبة لمدة عام أو عامين، في إشارة إلى إمكانية فصلهم من العمل في لحظة. ويشير مسؤول كبير في إدارة ترامب إلى أنه يتم تقييم الموظفين لتحديد من منهم «يقوم بإنجاز المهمة ويساعد الحكومة على العمل بكفاءة».

ـ أبرز الانتقادات ـ
يقول المعارضون إن ترامب، في اندفاعه لإعادة تشكيل الحكومة، يتخطى القانون، وسرعان ما يؤدي إلى تآكل أكثر من قرن من العمل الذي قام به الكونغرس لإنشاء قوة عاملة مهنية ماهرة وغير حزبية لا تدين بالفضل لأي رئيس. ويقول الخبراء إن الإدارة ربما تعتمد على مغادرة العديد من موظفي الخدمة المدنية بدلاً من متابعة معارك قانونية مطولة حول الأساليب التي يستخدمها البيت الأبيض، لإجبارهم على الاستقالة، وبعد ذلك سيظهر أنصار سياسيين غير مؤهلين.
وتعهدت النقابات بخوض معركة قضائية، ويقول إيفريت كيلي، رئيس الاتحاد الأمريكي لموظفي الحكومة، وهو أكبر اتحاد حكومي يضم 750 ألف عضو، في بيان:«نتوقع من الوكالات اتباع متطلبات القانون واحترام العقود النقابية.. إذا لم يفعلوا ذلك، فسنحاسبهم أمام القانون».
وقال أولئك الذين خدموا في الحكومة إن استراتيجية
«الصدمة والرعب»التي يتبعها ترامب قد تؤدي في نهاية المطاف إلى الإضرار بمصالح إدارته الخاصة من خلال طرد الموظفين المهنيين الذين يتمتعون بسنوات من الخبرة. ويؤكد جيم سكريتو المسؤول السابق في وزارة التجارة:«قد يشعرون وكأنهم يستهدفون أعداءهم المفترضين، لكنهم بحاجة إلى إدراك أن الأشخاص المهنيين قد لا يحبون أجندتهم لكنهم سينفذونها.. عليهم أن يحاولوا إقناع الموظفين بفعل ما يريدون. وليس تدمير الهيكل الحكومي كله».
وعلى العكس من ذلك، يقول بعض الخبراء إن الإجراءات الحالية والمزيد غيرها، ستعيد تشكيل الوكالات الفيدرالية بسرعة غير مسبوقة، ومن المحتمل أن تكون ضمن إطار القانون، وتثبت قدرة البيت الأبيض على استخدام الفروق الدقيقة في النظام.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق