جنيف - (أ ف ب)
تؤدي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي من المقرر أن تقطع إسرائيل علاقاتها بها الخميس، دوراً «لا بديل له» برأي بعضهم في الاستجابة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة، فيما يعتبرها آخرون شريكة في الإرهاب.
وتقدّم «الأونروا» منذ أكثر من سبعة عقود مساعدة حيوية للاجئين الفلسطينيين، سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية المحتلة أو في لبنان وسوريا والأردن.
وأكد المفوّض العام للأونروا فيليب لازاريني، أن الوكالة التي يرأسها منذ عام 2020 هي «شريان حياة» لملايين الأشخاص.
لكنّ السلطات الإسرائيلية تعتبر الأونروا وكالة متحيّزة ومعادية لإسرائيل وتتّهم عدداً من موظفيها بالضلوع في الهجوم الذي نفّذته حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وشكل شرارة انطلاق الحرب في غزة.
كما اتهمتها إسرائيل بأنها تضم عدداً كبيراً من عناصر حماس، وفي نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2024، أقرّ الكنيست حظراً للمنظمة على أن يدخل هذا القانون حيز التنفيذ يوم 30 كانون الثاني/يناير 2025.
مولودة من الحرب
أسّست «وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط» في كانون الأول/ديسمبر 1949 بموجب قرار أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عقب حرب 1948.
وقبل تأسيس الأونروا كان «برنامج الأمم المتحدة لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين» الذي أنشئ في 1948 يؤدي مهمات إغاثية للاجئين الفلسطينيين، وقد تولّت الوكالة الوليدة المهام التي كانت موكلة لهذا البرنامج، كما كلّفت الاستجابة بطريقة أكثر فاعلية للحاجات الاقتصادية والاجتماعية لمجمل اللاجئين الفلسطينيين.
وهناك قرابة ستة ملايين فلسطيني مسجّلين لدى الأونروا ويمكنهم الاستفادة من خدماتها التي تشمل التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والبنى التحتية للمخيّمات والتمويلات الصغيرة والمساعدات الطارئة، بما في ذلك خلال الفترات التي تشهد نزاعاً مسلّحاً.
وهناك ما مجموعه 58 مخيماً للاجئين تعترف بها الوكالة الأممية، بينها 19 في الضفة الغربية التي تحتلّها إسرائيل عسكريا منذ نحو 50 عاماً.
ويدرس أكثر من 540 ألف طفل في مدارس الأونروا التي تدير كذلك 141 مرفقاً للرعاية الصحية الأولية وتستقبل قرابة سبعة ملايين مريض كل عام، وتقدم المساعدات الغذائية والنقدية لنحو 1,8 مليون شخص.
الأونروا في غزة
كان الوضع الإنساني حرجاً في قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس منذ عام 2007، حتى قبل بدء القصف الإسرائيلي على غزة.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة الصادرة في آب/أغسطس الماضي، فإنّ 63 في المئة من سكّان القطاع يعانون انعدام الأمن الغذائي، ويعتمدون على المساعدات الدولية. ويعيش أكثر من 80 في المئة من السكان تحت خطّ الفقر.
ويضم القطاع الصغير الواقع بين إسرائيل والبحر المتوسط ومصر، ثمانية مخيّمات ونحو 1,7 مليون نازح، أي الأغلبية الساحقة من السكان، وفقاً للأمم المتحدة.
ويبلغ إجمالي عدد سكان غزة نحو 2,4 مليون نسمة.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أصبح الوضع الإنساني في غزة كارثياً بسبب الضربات الإسرائيلية المتواصلة على القطاع والقتال البري.
وتسببت الحرب في مقتل ما لا يقل عن 47 ألف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وفق أحدث بيانات وزارة الصحة التابعة لحماس، والتي تعتبرها الأمم المتحدة ذات صدقيّة. كما أن ثلثَي البنى التحتية في غزة والتي غالباً ما تكون مأوى مؤقتاً للنازحين، تعرضت للضرر أو الدمار وفقاً للأمم المتحدة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: «وسط كل هذه الاضطرابات، أصبحت الأونروا (وكالة) لا بديل لها ولا غنى عنها».
ومن بين موظفي الوكالة البالغ عددهم 30 ألفاً، يعمل 13 ألف شخص في قطاع غزة، موزّعين على أكثر من 300 منشأة موجودة على مساحة 365 كيلومتراً مربّعاً، وفقاً لموقع المنظمة على الإنترنت.
وتكبدت الأونروا خسائر فادحة مع مقتل 223 من موظفيها على الأقل، وتضرر أو تدمير ثلثي مرافقها في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب.
انتقادات إسرائيلية
لطالما كانت الأونروا في مرمى انتقادات إسرائيل وداعميها الذين يتهمون مدارس الوكالة بتدريس الكراهية لإسرائيل. ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 ازدادت تلك الاتهامات.
وتُتَّهم الوكالة بالعمل كغطاء لحركة حماس، واتهمت إسرائيل عشرات من موظفيها بالتورط بشكل مباشر في هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
كذلك، تتّهم إسرائيل الوكالة بتوظيف المئات من أعضاء حماس. وكل ذلك دفع عدداً من الدول المانحة إلى تعليق تمويلها في منتصف الحرب قبل أن تستأنفه أخيراً أغلبيتها، لكن ليس الولايات المتحدة، الأمر الذي يترك الأونروا في وضع مالي هش للغاية.
وفي عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي عاد إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/يناير، ألقت الولايات المتحدة بثقلها وراء الحظر الإسرائيلي للأونروا.
وتصر كل من إسرائيل والولايات المتحدة على أن وكالات أخرى يمكنها تعويض النقص في توفير الخدمات الأساسية والمساعدات وإعادة الإعمار، وهو أمر تعارضه الأمم المتحدة والعديد من الحكومات المانحة.
0 تعليق