التفاصيل والتداعيات الكاملة.. هل قُتل السنوار المطلوب الأول لإسرائيل مصادفة؟ - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

إعداد: محمد كمال
رغم امتلاك الجيش الإسرائيلي لعينة من الحمض النووي الخاص بيحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، فإنه لم يؤكد بشكل قاطع مقتله في عملية برية برفح جنوب قطاع غزة، إلا بعد مرور ساعات منذ الاشتباه في ذلك، ما يعيد المشهد إلى قراءة تفاصيل ما جرى من وقائع.
ويقول مسؤولون إسرائيليون إنه جرى نقل أحد الجثامين لثلاثة قتلى في عملية برية برفح إلى مختبر في إسرائيل لتقييم ما إذا كان الحمض النووي الخاص بها يتطابق مع حمض يحيى السنوار.
بدأت التفاصيل، عندما واجهت دورية روتينية للجيش الإسرائيلي في رفح جنوب قطاع غزة، ثلاثة رجال مسلحين في أحد المباني، وحدث تبادل لإطلاق النار، انتهى بمقتل المسلحين الثلاثة، والغريب أنه لم يوجد أي رهائن بالمبنى رغم إعلان إسرائيل أن السنوار كان يحيط نفسه بعدد منهم كإجراء أمني.
ويقول مسؤولون إسرائيليون لموقع أكسيوس إن الدورية اشتبهت في أن أحد القتلى هو يحيى السنوار بناء على تقييمات بصرية، وعلى الفور جرى إبلاغ القيادة، ثم خضع الجثمان المشتبه فيه لتحليل وأفادت الأدلة البصرية ومن بينها أسنان القتيل وندبات في وجهه وعلامات أخرى إلى أنه السنوار، وهو ما أكدته لاحقاً الشرطة الإسرائيلية، لكنها أضافت أنه تجرى اختبارات إضافية قبل الإعلان الرسمي.
ويبدو أن ما أجَّل الإعلان الرسمي بشكل فوري عن مقتل السنوار هو الملابسات الغريبة التي أدت إلى مقتله، إذ قتل في اشتباك عابر بمحض المصادفة، ولم يستند إلى معلومات استخباراتية دقيقة مثلما حدث على سبيل المثال عندما استهدفت غارة إسرائيلية المقر الرئيسي لحزب الله في لبنان للقضاء على الأمين العام للحزب حسن نصرالله.
ومن بين المعلومات المثيرة للجدل، قول الجيش الإسرائيلي إنه لا يوجد أي رهائن في منطقة العمليات في غزة، رغم إعلانه في وقت سابق عن اعتقاد قادته أن السنوار أحاط نفسه برهائن كإجراء أمني، ولاحقاً قال الإعلام الإسرائيلي إن الرهائن الست الذين كان يحتمي بهم السنوار قتلوا في أغسطس الماضي داخل أحد الأنفاق.
ولم يشر الجيش الإسرائيلي إلى توقيت الاشتباك في البداية لكن تقارير إعلامية أفادت أن مستويات في حماس علمت الأربعاء بمقتل السنوار، فيما لم تصدر أي بيان رسمي فوري والتزمت الصمت حيال هذه الأنباء شبه المؤكدة.

وانتظر الجيش الإسرائيلي يوماً كاملاً لتأكيد ترجيحاته عن مقتل السنوار رسميا، وأشار إلى أن العملية جرت في جنوب قطاع غزة أمس الأربعاء.

الحمض النووي والبصمات


ومن المرجح أن الجثمان خضع لتأكيدات الحمض النووي وكذلك بصمات الأصابع،  ومن المعروف أن إسرائيل تمتلك الحمض النووي وبصمات أصابع السنوار منذ فترة وجوده في السجن.
وعلى الفور قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت على موقع إكس إن «أعداءنا لا يمكنهم الاختباء. وسوف نلاحقهم ونقضي عليهم».
ومن جانب آخر، قال مسؤولون بوزارة الدفاع الأمريكية إن إسرائيل أخطرت مسؤولين بالوزارة باحتمال مقتل السنوار، لكنها تنتظر تحديثات. فيما تم إخطار الرئيس الأمريكي جو بايدن بهذه المعلومات.
ومنذ هجوم 7 أكتوبر 2023، اعتبرت إسرائيل أن السنوار هو العقل المدبر للهجوم والمطلوب الأول لديها، وكانت التقارير الإعلامية الإسرائيلية تصفه بأنه «ميت يمشي على الأرض» في إشارة إلى أنها لن تتراجع حتى يتم القضاء عليه، ومن ثم فإن مقتله يعد بمثابة الإنجاز الأكثر دراماتيكية لإسرائيل منذ أكتوبر.

وليست هذه هي المرة الأولى التي ترجح فيها إسرائيل مقتل السنوار الذي يستخدم إجراءات أمنية مشددة في تنقلاته واتصالاته. وكان آخر هذه الترجيحات الشهر الماضي، حين قالت وسائل إعلام عبرية عدة إن الاتصال انقطع بينه وبين العالم الخارجي لفترة طويلة. وزعمت التقارير، آنذاك، أن مديرية الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي ترجح أن السنوار ربما قُتل في الغارات الإسرائيلية على غزة.
وبعد مقتل عدد من قيادات حزب الله وعلى رأسهم نصرالله، أصدر الجيش الإسرائيلي تحديثاً بالأهداف التي تمت تصفيتها وحينها، جرى وضع علامة استفهام على السنوار، ما يوحي بعدم التيقن من عملية مقتله.
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية على لسان وزير كبير في الحكومة، قوله: «يبدو أنه تمت تصفية زعيم حماس يحيى السنوار هذا يوم إغلاق الحساب».
تداعيات مقتل السنوار

ويقول مايكل ميلشتين، الرئيس السابق للشؤون الفلسطينية في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، «من الواضح أن هذه ضربة خطيرة للغاية بالنسبة لحماس من الناحيتين الرمزية والوظيفية». لكن تقرير لنيويورك تايمز قال إن من شأن مقتل السنوار إحياء الآمال بإنهاء الصراع، حيث رفض والحكومة الإسرائيلية التوصل إلى تسوية خلال المفاوضات التي استمرت أشهراً من أجل التوصل إلى هدنة.
وقد تؤدي وفاته إلى دفع حماس إلى الموافقة على بعض المطالب الإسرائيلية، أو منح بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، نصراً رمزياً سيعتبره غطاء سياسياً لتخفيف موقفه التفاوضي.
من هو السنوار؟ 
يُنظر إلى يحيى السنوار، زعيم حماس، منذ فترة طويلة على أنه أحد أكثر قادة الحركة المسلحة نفوذاً، حيث يتمتع بسلطة كبيرة بينما ظل مختبئاً في الأنفاق تحت غزة، فيما يشير محللون إن مقتله، سيزيد الآمال في إنهاء الصراع.
واعتبر منذ فترة طويلة أن السنوار هو المخطط لاستراتيجية حماس العسكرية في غزة، ثم عزز سلطته عندما تم اختياره في أغسطس لقيادة المكتب السياسي للحركة أيضاً بعد اغتيال إسماعيل هنية.
ولد السنوار في غزة عام 1962 لعائلة فرت من منزلها، إلى جانب مئات الآلاف من الفلسطينيين الآخرين عام 1948. وقد أثر هذا النزوح بشكل كبير في قراره بالانضمام إلى حماس في الثمانينات.
وتم تجنيد السنوار من قبل مؤسس حماس، أحمد ياسين، الذي جعله رئيساً لوحدة الأمن الداخلي المعروفة باسم مجد، وكانت وظيفته هي العثور على ومعاقبة المشتبه فيهم بالتخابر لصالح إسرائيل داخل غزة.
وسجن السنوار عام 1988 بتهمة قتل أربعة فلسطينيين اتهمهم بالتعاون مع إسرائيل، وفقاً لسجلات المحكمة الإسرائيلية. وأمضى أكثر من عقدين من الزمن في السجن في إسرائيل، حيث تعلم العبرية وطور فهمه للثقافة والمجتمع الإسرائيلي.
وقد ترجم خلال فترة سجنه إلى العربية عشرات الآلاف من صفحات السير الذاتية المهربة باللغة العبرية التي كتبها الرؤساء السابقون لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، الشين بيت. وقام السنوار بمشاركة الصفحات المترجمة خلسة حتى يتمكن السجناء من دراسة تكتيكات الوكالة، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، وكان يحب أن يطلق على نفسه لقب «المتخصص في تاريخ الشعب اليهودي»، كما قال بيتون طبيب الأسنان الذي عالجه في السجن.
ورغم قول السنوار ذات مرة لصحفي إيطالي إن السجن هو بوتقة، مضيفاً «السجن يبنيك»، ويمنحك الوقت للتفكير في ما تؤمن به والثمن الذي سيكون على استعداد لدفعه مقابل ذلك، إلا أنه حاول الهروب عدة مرات، حيث قام ذات مرة بحفر حفرة في أرضية زنزانته على أمل استكمال نفق تحت السجن والخروج عبر مركز الزوار. 
ووفق التقرير، فقد وجد طرقاً للعمل ضد إسرائيل مع قادة حماس في الخارج، وتمكن من تهريب الهواتف المحمولة إلى السجن واستخدام المحامين والزوار لنقل الرسائل، بما في ذلك إيجاد طرق لاختطاف جنود إسرائيليين لمقايضتهم بالسجناء الفلسطينيين. وقد أنذرت هذه الأنشطة بنهج استغرق من السنوار بعد ذلك سنوات للتخطيط لهجوم 7 أكتوبر.
وعندما تم إطلاق سراحه من السجون الإسرائيلية في صفقة تبادل أسرى في عام 2011، قال السنوار إن أسر جنود إسرائيليين كان، بعد سنوات من المفاوضات الفاشلة، التكتيك المؤكد لتحرير الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل. وبعد خروجه من السجن، قال السنوار إنه تزوج وأنجب أطفالاً ولكن لم يتحدث سوى القليل علناً عن عائلته، لكنه قال متفاخراً ذات مرة إن «الكلمات الأولى التي نطق بها ابنه كانت «الأب» و«الأم» و«الطائرة بدون طيار».

 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق