مصير الدعم.. عينى أم نقدى؟.. اقتصاديون يرصدون لـ الأسبوع المزايا والسلبيات وآليات التطبيق - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تتطلع الحكومة للتحول من دعم السلع "الدعم العينى" إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة للفئات الأولى بالرعاية "الدعم النقدى" مع بداية العام المالي المقبل يوليو 2025. والهدف من التحول هو رفع كفاءة منظومة الدعم.

ولهذا طرحت الحكومة الموضوع للحوار داخل جلسات الحوار الوطنى.. وشارك فى الحوار مختلف القوى والأحزاب وطرح الجميع ملاحظاتهم ومقترحاتهم وفى حال التوصل إلى توافق في الرؤى فى هذا الشأن.. سيتم بدء التطبيق للدعم النقدى.

ويرى البعض أن تطبيق تجربة الدعم النقدى في مصر سيؤدي إلى تحديد الفئات المستحقة للدعم والتوسع في برامج الحماية الاجتماعية، مع العمل على إعادة تعريف مستحقي الدعم والوصول به إلى مستحقيه فقط.

فى حين لا يلقى التحول من «الدعم العيني» إلى «النقدي» توافقًا من البعض مع وجود اعتراضات على هذه الخطوة، وسط مخاوف من عدم إنفاق المخصصات المالية للدعم بعد الحصول عليها في الأوجه المخصصة لها.

ولعل التساؤل المطروح وسط هذا الجدل، هل هذا التحول اتجاه حكومي لتخفيف عبء فاتورة الدعم فى الموازنة العامة للدولة واستجابة لمطالب صندوق النقد الدولى؟.. أم أنه خطوة لتوصيل الدعم لمستحقيه فى ظل ما يشهده الدعم العينى من تسرب؟.

وبلغت مخصصات الدعم والحماية الاجتماعية في الموازنة العامة للدولة خلال العام المالى الحالى 2024- 2025 ارتفاعًا لتصل إلى حوالى 636 مليار جنيه بنسبة 7% من الناتج المحلى الإجمالى، وتتضمن مخصصات دعم السلع 298 مليار جنيه، منها 134.2 مليار جنيه لدعم السلع التموينية ودعم الموارد البترولية إلى 154.5 مليار جنيه و90.75 مليار جنيه دعم رغيف العيش ودعم سلع البطاقة التموينية 36 مليار جنيه.

وفي مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، أصبحت مصر تبحث عن أفضل السبل لدعم المواطنين، ولكن فكرة التحول من نظام الدعم العيني إلى النقدي أثارت جدلاً ومخاوف من الآثار المترتبة عن هذا التحول.. وخاصة ما يتعلق بمعدلات التضخم.

كما أن ما جرى خلال الأيام القليلة الماضية من حذف وإزالة لبعض الفئات غير المستحقين من البطاقات التموينية زاد من هذه المخاوف.

ومازالت هناك خلافات حول تحديد المبالغ المستحقة فى منظومة الدعم النقدى وقيمتها..

مزايا وعيوب الدعم السلعي

أوضح حازم المنوفي عضو شعبة المواد الغذائية، أن أهم مزايا الدعم السلعي «العيني»، هو تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين من السلع الغذائية بشكل مباشر، بالإضافة للتحكم في الأسعار من خلال تثبيتها ومنع التلاعب بها في الأسواق.

وأضاف أن الدعم السلعي يدعم الأسر الأكثر احتياجًا باعتبارها الفئات الأكثر إنفاقًا على الغذاء والسلع الأساسية، فالسلع تمثل أهمية قصوى بالنسبة لهم.

وعلى الرغم من إيجابيات الدعم العيني إلا أنه لا يخلو من السلبيات، حيث إن الدعم السلعي يعاني من عدم المرونة في التوزيع، فقد لا تتناسب السلع المقدمة مع احتياجات الأفراد، مما يؤدي إلى هدر الموارد.

وتابع: يتطلب أيضًا موارد إضافية، الأمر الذي يؤدي إلى تكاليف التنفيذ، وتعزيز الاعتماد على الدولة بدلاً من تعزيز الاعتماد على الذات.

الدعم النقدي ورؤية مستقبلية حول تطبيقه

"الفترة السابقة والتي شهدت الدعم العيني لم تتمتع بالعدالة الاجتماعية بين جميع المواطنين".. هكذا عبر الدكتور سيد خضر الخبير الاقتصادي بشأن منظومة الدعم العيني، لافتًا إلى أن هناك دخولاً مرتفعةً في بعض الهيئات والشركات ومع ذلك يتقاضون هذا الدعم العيني في ظل وجود رواتب منخفضة في بعض الهيئات الخدمية وبالتالي ليس هناك توازن حقيقي في عملية صرف الدعم العيني للمواطن.

وأضاف «خضر»: تعد استراتيجيات الدعم النقدي أداة حكومية مهمة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتوجيه الدعم إلى الفئات الأكثر احتياجاً حيث تهدف هذه الاستراتيجيات إلى تحسين مستوى المعيشة للمواطنين، وتقليل الفقر، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن الدعم النقدي هو عبارة عن تحويلات مالية مباشرة من الحكومة إلى الأفراد أو الأسر المستحقة، بهدف رفع مستوى دخلهم وتحسين قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية.

وأشار إلى أن أهم أهداف الدعم النقدي هي تخفيف حدة الفقر عن طريق زيادة الدخول المتاحة للأسر الفقيرة، وبالتالي سيساعد الدعم النقدي المباشر للمواطنين ذوي الدخل المحدود على تلبية احتياجاتهم الأساسية وتحسين مستوى معيشتهم.

واستكمل: كما يساهم الدعم النقدي في تحسين مستوى المعيشة للأسر المستفيدة، من خلال توفير الأموال اللازمة لتلبية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والتعليم والصحة.

وأسهب الخبير الاقتصادي: أن الدعم النقدي يساعد في تعزيز الاستقرار الاجتماعي من خلال تقليل التفاوت في الدخل، وزيادة الشعور بالعدالة الاجتماعية، بالإضافة إلى مساعدته في تخفيف الضغوط المعيشية على الأسر ذات الدخل المنخفض، مما يقلل من مخاطر الاضطرابات الاجتماعية فى المجتمع.

استراتيجيات الدعم النقدي

وقال سيد خضر إن هناك استراتيجيات متنوعة للدعم النقدي، وتختلف باختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية لكل دولة ومن أهم هذه الاستراتيجيات هي الدعم النقدي غير المشروط والذي يتم فيه تقديم الدعم النقدي للأسر المستحقة دون شروط، مما يمنحهم حرية التصرف في هذه الأموال.

أما عن الإستراتيجية الثانية فهي الدعم النقدي المشروط والذي يتم فيه ربط الدعم النقدي بشروط معينة، مثل إرسال الأطفال إلى المدرسة، أو زيارة العيادات الصحية، بهدف تحسين سلوكيات معينة.

وأردف الخبير الاقتصادي: أما عن الاستراتيجية الثالثة فهي الدعم النقدي المؤقت، ويقدم هذا النوع من الدعم لمدة محددة، بهدف مساعدة الأسر على تجاوز صعوبات مؤقتة.

وعن الاستراتيجية الأخيرة قال: "خضر" إنها الدعم النقدي الدائم الذي يقدم إلى الأسر التي تعاني من فقر مزمن، بهدف رفع مستواها المعيشي على المدى الطويل.

تحديات تطبيق الدعم النقدي

وبالرغم من كل هذه المزايا إلا أن هناك العديد من التحديات التي تواجه عملية تنفيذ برامج الدعم النقدي أشار إليها سيد خضر وهي عدم القدرة على تحديد المستحقين بشكل حقيقى، لأن تحديد الأسر المستحقة للدعم النقدي بدقة يتطلب نظاماً فعالاً لجمع البيانات والتحقق من الأهلية.

واستكمل الخبير الاقتصادي: برامج الدعم النقدي تتعرض للفساد بسبب الاتجاه إلى إعطاء الدعم إلى أفراد غير مستحقين لهذا الدعم، مما يؤدي إلى استفادة غير مستحقة للبعض على حساب الآخرين.

وأردف «خضر»: قد يستخدم بعض المستفيدين الدعم النقدي في غير أغراضه، مثل شراء السلع غير الضرورية بالإضافة إلى أن تطبيق الدعم النقدي قد يؤدى إلى ارتفاع الأسعار وبالتالي زيادة نسبة التضخم نتيجة زيادة الطلب الناتج عن الدعم النقدي.

وقد لا يكون الدعم النقدي كافياً لتلبية احتياجات بعض المستفيدين، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار.

كما يرى أن الدعم النقدي يُعد أداة أكثر فعالية وكفاءة في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية في مصر مقارنة بالدعم العيني.

وطالب «خضر» الحكومة بوضع آليات للحد من الفساد في حال تطبيق الدعم النقدي فيجب أن يكون هناك شفافية في عملية التوزيع وأن يتم نشر قوائم المستفيدين والمبالغ المستحقة لكل فرد.

كما طالب أيضًا بفرض الرقابة الفاعلة الصارمة على أداء الأسواق وعلى محتكري السلع الغذائية..

واقترح الخبير الاقتصادي استخدام التقنيات الحديثة مثل البطاقات الذكية والتحويلات البنكية لتسهيل عملية الدفع وتقليل فرص الفساد.

كما أشار إلى أنه يجب أن يكون هناك توعية للمستفيدين بأهمية استخدام الدعم النقدي في الأغراض المخصصة له.

واستطرد «خضر» قائلاً: زيادة الإنفاق على الدعم لن تسهم في خفض معدلات الفقر، وإنما تحدث إعادة برمجة منظومة الدعم، وذلك بإنشاء منظومة للدعم النقدي بالتوازي مع إعادة هيكلة منظومة الدعم السلعي، وتحويلها لمنظومة دعم نقدي.

واختتم الخبير الاقتصادي سيد خضر حديثه قائلاً: إن العبرة ليست بزيادة الإنفاق على منظومة الدعم النقدي بمختلف أنواعها لتحسين مستوى المعيشة، وإنما بحسن الإدارة والتطبيق الحقيقى لها.

على صعيد آخر، قال عبد المنعم إمام عضو مجلس النواب: إن الحكومة تلجأ لتطبيق الدعم النقدي بسبب وجود العديد من الأزمات في منظومة الدعم العيني، لأن الأزمة الرئيسية هي أزمة ملحة على المصروفات مع تزايد حجم وأقساط فوائد الدين بنسبة غير مسبوقة، فبالتالي تحاول الحكومة توفير سيولة بطرق مختلفة.

وأضاف أن فكرة تطبيق الدعم النقدي جيدة، ولكن تطبيقه في وقت أزمة التضخم مثل الوقت الحالي ليس بالأمر الحكيم.

وشدد «عبد المنعم»: لا يجب تطبيق الدعم النقدي في ظل التضخم، مؤكدًا على أن الأزمة الرئيسية تكمن في تحول هذا الدعم مع الوقت كمعاش السادات فيتم وضعه بقيمة ولا يتغير أبدًا.

وأوضح إنه لكي يكون هناك دعم يجب أن يرتبط بالزيادة السنوية بمعدل التضخم الذي يرتفع من البنك المركزي.

وأشار إلى أنه سيتم حساب الدعم النقدي على حسب أعداد أفراد الأسرة، فالأمر يرتبط بمعدل التضخم بمعنى أن تزيد قيمته سنويًا تماشيًا مع معدل التضخم في البنك المركزي.

وأسهب: لكي يتم تطبيق الدعم النقدي بشكل سليم يجب أن يتم إيقاف الاحتكار في الأسواق من أجل ضمان ثبات الأسعار..

وطالب الحكومة بالوقوف على مسافة واحدة من السوق لضمان وجود الكثير من التجار فيه وبالتالي ستزيد المنافسة وتأتي في صالح المواطن بالأخير، فالمسألة مرتبطة بإجراءات أخرى لها علاقة بواقع المنافسة.

مزايا الدعم النقدي

وذكر «عبد المنعم» من مزايا الدعم النقدي هو إعطاء المواطن دعمًا ماليًّا في يده تمكنه من شراء ما يرغب وليس منتجات محددة يتم فرضها.. ما سيساعد على إيقاف كم هدر وفساد كبير جدًّا في المنظومة التموينية وبالتالي سيصب في صالح المواطن، فسيكون هناك حوكمة أكثر وعدم هدر الموارد، ولكن في الأخير كله يتوقف على وقت تطبيقه.

وعن عيوبه فأشار إلى أنه يسبب موجات تضخم كبيرة بسبب اتجاه المواطنين إلى صرف الدعم في نواحٍ أخرى كالدروس الخصوصية وغيرها بدلاً من صرفها على الغذاء.

وفي سياق متصل، قال الدكتور علاء العسكري، الخبير الاقتصادي إن الهدف من تحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي هو إحكام الرقابة على الدعم لكي لا يحدث إهدار في عمليات الدعم بشكل كبير.

وأضاف أن الحكومة لجأت للدعم النقدي لعدة أسباب منها: إحكام الرقابة، والحرص على وصول الدعم لمستحقيه، بالإضافة إلى السيطرة على التلاعب في الأسعار.

وتابع: إن قيمة الدعم النقدي لم يتم تحديدها حتى الآن من قبل الحكومة.

أوضح علاء العسكري أن هناك اتجاهًا يقول إن تطبيق الدعم النقدي سوف يزيد من معدلات التضخم، ولكنه يرى أنه في ظل الظروف العالمية والحالة التي تمر بها البلاد، فإن الدعم النقدي لن يكون له تأثير كبير على التضخم.

وطالب الحكومة بوضع رقابة على الأسعار حتى لا يحدث تلاعب من التجار في أسعار السلع بشكل أو بآخر.

واستكمل «العسكري» حديثه قائلاً: إن الدولة تعمل على تنقية بطاقات التموين في الفترة الحالية بهدف وصول الدعم لمستحقيه.

وفي السياق ذاته، قال أحمد خطاب الخبير الاقتصادي: إنه من المحتمل أن تتراوح قيمة الدعم النقدي للمواطن من 150 إلى 200 جنيه.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن هذا القيمة قد تكون غير كافية في ظل ارتفاع الأسعار.

وأكد «خطاب» أنه لا بد من أن تصل قيمة الفرد من الدعم النقدي إلى 500 جنيه في ظل التضخم التي تشهده البلاد في الفترة الحالية.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الدعم النقدي سوف يؤثر على الفئات الأكثر احتياجًا بالسلب وذلك بسبب احتمالية اتجاه تلك الفئة إلى شراء مستلزمات أخرى بدلاً من السلع الغذائية.

أوضح أحمد خطاب أن الدعم النقدي سوف يوفر للمواطن الحرية في اختيار السلعة المناسبة لاحتياجاته.

وصرح «خطاب» بأن الحكومة سوف تحاول الضغط على التجار لتقليل الأسعار لكن هذا يحتاج إلى مجهود كبير.

وتوقع الخبير الاقتصادي أن تكون هناك زيادة في نسبة التضخم خلال السنوات القادمة نتيجة للتوترات الجيوسياسية بالمنطقة، وبالتالي ستكون نسبة الدعم غير كافية لسد احتياجات الفرد كما كان يوفرها الدعم العيني له.

ومن جانبها قالت الدكتورة هدى الملاح مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى: إن من مميزات الدعم النقدي أنه سيوفر للأفراد حرية الاختيار في شراء احتياجاتهم من المنتجات والسلع، بالإضافة إلى أنه يدعم السوق الحر.

وأضافت «الملاح» أن الدعم النقدي يأتى في صالح الفئات الأكثر احتياجًا، حيث سيوفر لهم فرصًا اقتصادية كبيرة، لافتة إلى أهمية وصول الدعم لمستحقيه والأشخاص الأولى برعاية.

وتابعت: الدولة ستتخذ الإجراءات الكاملة للتأكد من وصول الدعم لمستحقيه، ومن بينها سيتم عمل فحص اجتماعي للأشخاص، للتأكد من أن الأفراد غير مؤمن عليهم.

وشدد مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية على أن الدعم النقدي لن يؤثر على معدل التضخم، مؤكدة أن التضخم يرتفع بزيادة نسبة الفائدة وقلة الإنتاج الذي يؤدي إلى زيادة أسعار السلع.

وأكدت «الملاح» أن قيمة الدعم النقدي ستساهم في تلبية احتياجات الأفراد من السلع الغذائية في ظل ارتفاع الأسعار، مشيرة إلى أن الدعم النقدي سيساعد على تحسين الإنتاج والجودة.

واختتمت الدكتورة هدى الملاح حديثها عن تأييدها للدعم النقدي، مشددة على أنه سيساهم في تحسين اقتصاد الدولة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق