«معضلة النهاية».. مخططات جديدة على «طاولة الحرب» في إيران وإسرائيل - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

إعداد ـ محمد كمال
رغم الجهود الدبلوماسية المتواصل لمحاولة تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط، وتجنب الحرب المباشرة بين إيران وإسرائيل، فإنهما تصران على ردود فعل انتقامية، يصفها كلا الجانبين بـ«غير المتصورة»، وهو ما ينذر بعواقب على منطقة تعيش بالفعل أجواء متصاعدة من التوتر خشية الدخول في دوامة صراع قد يستمر لسنوات، مع حرص الطرفين على عدم الظهور بمظهر الضعف، بينما يحاول الخبراء التكهن بـ «نقطة نظام».
وفي ظل التأكيدات على أعلى المستويات السياسية والعسكرية في إسرائيل بأن الضربات قادمة لا محالة وستكون دقيقة ومفاجئة ومؤثرة، رداً على الهجوم الصاروخي الإيراني، فإن مصادر إيرانية كشفت بصحيفة نيويورك تايمز أن طهران لديها عدة خطط للرد على الضربة الإسرائيلية المحتملة، اعتماداً على مدى خطورتها، وفق ما وجه به المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي.
أربعة مسؤولين إيرانيين قالوا في مقابلات هذا الأسبوع: إن خامنئي أمر الجيش بوضع خطط عسكرية متعددة للرد على أي هجوم إسرائيلي. وأضافوا أن «نطاق أي انتقام إيراني سيعتمد إلى حد كبير على شدة الهجمات الإسرائيلية».
ويوضح المسؤولون الإيرانيون أنه إذا تسببت الضربات الإسرائيلية في أضرار واسعة النطاق وخسائر كبيرة في الأرواح، فإن إيران سوف تنتقم. ولكن إذا قصرت إسرائيل هجومها على عدد قليل من القواعد العسكرية والمستودعات التي تخزن الصواريخ والطائرات بدون طيار، فقد تذهب طهران إلى التهدئة. لكن المسؤولين أكدوا تشديد خامنئي على أن الرد سيكون مؤكداً إذا ضربت إسرائيل البنية التحتية للنفط والطاقة أو المنشآت النووية، أو إذا اغتالت مسؤولين كباراً، ويبدو أن هذا التشديد يتماشى مع إعلان إيران أن هجومها الصاروخي جاء رداً على عمليات اغتيال نفذتها إسرائيل.
 ألف صاروخ باليستي
ومن بين الردود الإيرانية المحتملة، فقد كشف المسؤولون الإيرانيون أنه إذا ألحقت إسرائيل أضراراً جسيمة، فإن الخطط الموجودة على الطاولة تشمل إطلاق ما يصل إلى 1000 صاروخ باليستي؛ بينما شهدت الضربة السابقة إطلاق أقل من 200 صاروخ على أهداف عسكرية بإسرائيل، إضافة إلى تصعيد الهجمات من جبهات أخرى، ومن بين ذلك محاولة تعطيل خطوط تجارة بحرية.
وتؤكد إيران علناً أنها لا تريد الحرب، ولكن معاقبة الضربات العسكرية من جانب إسرائيل من شأنه أن يشكل تحدياً لها، وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لوسائل الإعلام: «في حالة وقوع هجوم إسرائيلي، فإن شكل ردنا سيكون متناسباً ومحسوباً».
ويرى مراقبون أنه من شأن نشوب حرب أوسع ومواجهات مباشرة أن يؤدي إلى تعميق الفوضى، ومن المرجح أن يقضي على أي احتمالات لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، وربما يدفع الولايات المتحدة إلى القيام بعمل عسكري لدعم إسرائيل، وهو ما دفع طهران للقول، إنه في حال التدخل الأمريكي المباشر فإن أهدافها ستكون عرضة للهجوم.
نقطة نظام
ورغم تعهد الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان ووزير الخارجية عراقجي بالانتقام، فقد فعلا ذلك بنبرة محسوبة. ويقول ناصر إيماني، المحلل السياسي الإيراني: «التفكير الآن هو أنه إذا كان الهجوم الإسرائيلي رمزياً ومحدوداً، فيجب علينا أن نترك الهجمات وننهيها». ويضيف أن «إيران ليست حريصة حقاً على خوض حرب كبيرة مع إسرائيل. لا نرى أي فوائد في المنطقة المتفجرة».
واستطرد إيماني بالقول، إنه في هذه المرحلة لا تعتبر إيران الحرب مع إسرائيل تهديداً وجودياً، لكنها تعتقد أن الصراع المطول سيكون مدمراً ويعرقل خطط الحكومة الإيرانية الجديدة للتفاوض مع الغرب على أمل رفع العقوبات الأمريكية الصارمة، وتحسين الاقتصاد الإيراني المتردي.
ويشير إيماني إلى أن إيران تبذل جهوداً دبلوماسية مكثفة ومن بين أهدافها إرسال رسائل إلى واشنطن لمحاولة احتواء إسرائيل ومنع الحرب، ولم تواجه إيران مثل هذا التهديد الخارجي الكبير منذ انتهاء الحرب مع العراق قبل أكثر من ثلاثة عقود.
حالة تأهب كامل
وقال المسؤولون الأربعة، إنه منذ أسابيع، تحسباً لانتقام إسرائيل، وضعت إيران قواتها المسلحة في حالة تأهب كامل وعززت دفاعاتها الجوية في المواقع العسكرية والنووية الحساسة.
وكشف مسؤولان مطلعان على التخطيط العسكري أن جنرالات كباراً تم نشرهم في جميع المحافظات الحدودية، فيما يخشى بعضهم أن تشن جماعات مسلحة مثل تنظيم داعش الإرهابي هجمات وتثير الاضطرابات إذا دخلت إيران في الحرب.
ومن بين الإشارات في شوارع طهران، تظهر الجداريات الدعائية التي تهدد إسرائيل باللغة العبرية، كما قال السكان.
كما حظرت الحكومة الطائرات المدنية بدون طيار من التحليق في السماء، وأوقفت معظم شركات الطيران الأجنبية رحلاتها إلى إيران، ما لم يترك للمسافرين سوى خيارات قليلة، وزيادة الأسعار وحجز الرحلات الجوية أكثر من اللازم.
 معضلة دفاعية
ولم تكشف إسرائيل عن نواياها بشكل واضح حول الهجوم المتوقع، لكن طول مدة الاستعداد الحالية عززت العديد من التكهنات، ففي حين نفذت إسرائيل ضربتها الانتقامية على أهداف رادارية في إيران بعد خمسة أيام فقط من الهجوم الصاروخي في أبريل الماضي، فقد مر نحو شهر منذ الهجوم الأخير، بينما تجري مناقشات حول الأهداف في ظل اعتراض الولايات المتحدة المعلن على استهداف مواقع نووية إيرانية.
كما تكثف إسرائيل استعداداتها الدفاعية فقد عززت دفاعاتها الجوية بمنظومة ثاد الأمريكية، كما تخطط حالياً لإيجاد طريقة عاجلة تمكنها من السيطرة على هجمات الطائرات بدون طيار المراوغة والتي وصلت لأهداف حساسة داخل إسرائيل ومن بينها قواعد عسكرية كبيرة، وكذلك منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ورغم عدم الإشارة إلى أي توقيت محتمل، لكن التهديدات الإسرائيلية لم تتوقف، لدرجة أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قال مخاطباً جنوده: إن العالم سيرى مدى قوة إسرائيل عقب تنفيذ الهجوم على إيران، وهو ما توعد به أيضاً نتنياهو، لكن مصادر إسرائيلية أكدت أن توقيت وخطط الهجوم ستعلم بها دائرة قليلة جداً، ويبدو أن مشكلة تسريب وثائق أمريكية تتعلق بالضربة الإسرائيلية المحتملة قد تعزز رغبة إسرائيل في عدم مشاركة مخططاتها مع واشنطن.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق