بالنسبة لواشنطن، يعود الفضل إلى الدبلوماسي الأمريكي هنري كيسنجر، الذي توفي العام الماضي، في تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، بدءاً من زيارته الأولى لبكين في يوليو / تموز 1971.
كان كيسنجر يحظى باحترام كبير في الصين واستمر في لقاء قادتها كدبلوماسي غير رسمي في محاولة لتعزيز العلاقات بين البلدين.
قبل أشهر قليلة من وفاة كيسنجر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، التقى بالرئيس الصيني شي جين بينج في بكين في يوليو/ تموز 2023.
اليوم، هناك آمال في بعض أروقة السياسة وعالم المال، بأن يتمكن إيلون ماسك من سد الفجوة التي تركها كيسنجر، مع انخراط الملياردير بشكل متزايد مع كبار المسؤولين في الصين، حيث أسس في عام 2018 شركة «تيسلا» كأول شركة تصنيع سيارات مملوكة بالكامل لأجنبي في بلاد التنين.
رجل أعمال التقى الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا وسبيس إكس خلال زيارته الأخيرة في إبريل/ نيسان برئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، الذي استشهد بشركة تيسلا كمثال للتعاون التجاري الناجح بين بكين وواشنطن، وفقاً لوسائل الإعلام الرسمية.
وقال وانج ييوي، مدير معهد العلاقات الدولية بجامعة رينمين، لشبكة «سي إن بي سي» إن ماسك يُنظر إليه باعتباره رجل أعمال يفهم كلاً من الصين والولايات المتحدة.
وقال وانج إن هذا قد يجعله يساعد في الدفع ببعض المرونة أو حتى إلغاء الزيادات الصارمة في التعريفات الجمركية التي هدد ترامب بفرضها على المنتجات المصنوعة في الصين. وأعرب وانج عن أمله في أن يتمكن عمل ماسك في التصنيع من تمكين الشركات الصينية من بناء مصانع في الولايات المتحدة.
التعريفات الجمركيةأعرب ماسك عن مخاوفه بشأن التوترات بين البلدين وانتقد إدارة جو بايدن عندما رفعت التعريفات الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية إلى 100% في وقت سابق من هذا العام. طرحت إدارة بايدن مجموعة من السياسات التي تهدف إلى إعادة مصنعي التكنولوجيا المتطورة إلى الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يؤيد ترامب العديد منها.
رجل أعمال لا دبلوماسي
من أجل إحداث تأثير حقيقي في السياسة الأمريكية، لن يكون رجل أعمال واحد، حتى أغنى رجل في العالم، كافياً لتحسين العلاقات بالطريقة التي كان كيسنجر قادراً عليها ذات يوم، كما قال وانج هوياو، مؤسس مركز الصين والعولمة، وهو مركز أبحاث مقره بكين.
بدلاً من ذلك، قال وانج إن مجموعة من قادة الأعمال والفكر البارزين، بما في ذلك إيلون ماسك، وتيم كوك رئيس شركة أبل، وستيفن شوارزمان من مجموعة «بلاكستون»، يمكن أن تعمل كـ«مجموعة من كيسنجر».
وقال إنهم قد لا يصلون إلى نفس التأثير الذي حققه كيسنجر، نظراً للفترة الأكثر تعقيداً، على الرغم من أنهم قد يساعدون على استقرار العلاقات.
ويزور كوك وشوارزمان القادة في الصين بانتظام، حيث تسلط بكين الضوء عليهما غالباً كأمثلة على العلاقات التجارية والاقتصادية الإيجابية بين الصين والولايات المتحدة.
وقال ديوارديك ماكنيل، المدير الإداري وكبير المحللين السياسيين في شركة لونجفيو جلوبال، لشبكة «سي إن بي سي»: «في حين أنه من الصحيح أن الصين استخدمت أحياناً أمريكيين مؤثرين كقنوات غير رسمية، فمن المبالغة أن ننظر إلى ماسك باعتباره كيسنجر العصر الحديث».
وقال إن الالتزام الأساسي لهؤلاء «الوسطاء غير الرسميين» هو تجاه المساهمين، وليس المصالح الوطنية، مضيفاً أن المشاركة السياسية النشطة يمكن أن تؤدي إلى «تضارب المصالح» وتضع قادة الأعمال تحت التدقيق الشديد، إذا فشلت الدبلوماسية.
قنوات خلفيةوقال ماكنيل إن الصين حاولت بالفعل خلال فترة ولاية ترامب الأولى إنشاء «قنوات خلفية» مع رجال أعمال أمريكيين بارزين، بما في ذلك رجل الأعمال ومطور العقارات ستيف وين، على أمل التأثير في السياسة.
ويبدو أن مثل هذه الجهود لم يكن لها تأثير يذكر في نهج ترامب تجاه الصين وأدت إلى إصدار وزارة العدل دعوى قضائية سعت إلى تسجيل وين كعميل أجنبي بسبب عمله المزعوم في الضغط لصالح الحكومة الصينية.
وهذه المرة، أعلن ترامب عن نيته فرض تعريفات جمركية شاملة تتراوح من 10% إلى 20% على جميع الواردات، إلى جانب تعريفات جمركية إضافية تتراوح من 60% إلى 100% على المنتجات المستوردة من الصين.
توافق المصالحوقال ماكنيل: «قد يفتح ماسك أبواباً معينة، لكن لا شيء منها لن تفتحه الدبلوماسية الملتزمة الصارمة»، مضيفاً أن تعليق الآمال الدبلوماسية على مثل هذه الشخصية، التي ولاؤها الأساسي لمشاريعها الخاصة، قد يكون خطأ في التقدير.
وأضاف: «إن عدم القدرة على التنبؤ بآراء ماسك وآرائه القوية والمثيرة للجدل في بعض الأحيان لا تتوافق بالضرورة مع المصالح الدبلوماسية أو الاستراتيجية لأي من البلدين. إن آراء ماسك غير المتوقعة والقوية والمثيرة للجدل في بعض الأحيان لا تتوافق بالضرورة مع المصالح الدبلوماسية أو الاستراتيجية لأي من البلدين».
0 تعليق