د. عبد العظيم حنفي*
اختتم معرض «جيتكس جلوبال 2024» في دورته الرابعة والأربعين الذي أقيم في مركز دبي التجاري العالمي في الفترة من 14 إلى 18 أكتوبر (2024) بمشاركة أكثر من 6,500 شركة عارضة و1,800 شركة ناشئة و1,200 مستثمر، إلى جانب الحكومات المشاركة من أكثر من 180 دولة وحضور أكثر من 200 ألف زائر، وهو أعلى مستوى من المشاركة الدولية على الإطلاق، مما عزز مكانة معرض «جيتكس جلوبال» كأكبر وأهم تجمع تقني على مستوى العالم. حيث أقيمت نسخة هذا العام تحت شعار «التعاون العالمي لصياغة اقتصاد المستقبل القائم على الذكاء الاصطناعي». ما عزز مكانة «دبي» كوجهة رائدة على الساحة العالمية للفعاليات والمعارض، وقد سلط هذا المعرض العالمي الضوء على الدور المحوري للذكاء الاصطناعي كأداة تحولية ستستمر في إعادة تشكيل الصناعات وتعزيز النمو الاقتصادي والتجاري على مستوى العالم. ومن أهم الأهداف التي نجح فيها معرض هذا العام بفعالياته المتعددة «تحفيز التغيير من خلال الحوارات الاستراتيجية حول التحول الرقمي العالمي».
لقد شكلت نسخة هذا العام من المعرض منصة استراتيجية لمعالجة التحديات والفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على تطبيقه في القطاعات الحيوية التي تُشكل المستقبل الرقمي العالمي. ما عزز المناقشات بشأن آثار الذكاء الاصطناعي في مجال صحة المستقبل، والتمويل الرقمي، والتكنولوجيا التعليمية. مع الوتيرة السريعة لتبني الذكاء الاصطناعي والنمو غير المسبوق في الطلب على تخزين البيانات. فالذكاء الاصطناعي محرّك مهم للتقدم المستقبلي، والاعتماد عليه وعلى تقنياته يغير من شكل العالم الذي نعرفه الآن؛ حيث إن التطور في تكنولوجيات وتقنيات الذكاء الاصطناعي تتعاظم بصورة كبيرة، وتأخذ مساحات جديدة يوماً بعد الآخر، حيث يمكن أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى مستقبل ذي نمو إنتاجية أعلى. وفي هذا المستقبل، يمكن أن يفي الذكاء الاصطناعي بوعده بأن يكون أكبر تقدم تكنولوجي على مدى عقود عديدة. والذكاء الاصطناعي يلتقط ويجسد المعرفة الضمنية (المكتسبة من خلال الخبرة، التي لدى الأفراد والمنظمات من خلال الاعتماد على كميات هائلة من البيانات المرقمنة الجديدة. ونتيجة لذلك، يكون بوسع المزيد من العمال أن يقضوا المزيد من الوقت في العمل على حل مشاكل جديدة، وتصبح نسبة متزايدة من القوى العاملة أشبه بمجتمع من العلماء الباحثين والمبدعين. والنتيجة هي اقتصاد ليس بمستوى أعلى من الإنتاجية فحسب، بل بمعدل نمو أعلى بشكل دائم. ويرى كل من دارون أسيموغلو وسايمون جونسون من معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا (الفائزين بجائزة نوبل في الاقتصاد هذا العام)، أن الأثر النهائي للذكاء الاصطناعي يتوقف على تأثيره في العمالة. فالابتكار دائماً ما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية، ولكنه لا يؤدي دائماً إلى الرخاء المشترك، وهو أمر مرهون بما إذا كانت الآلات مكملة للبشر أم بديلة عنهم. فقد طوعت كينيا وسيراليون وتوغو الذكاء الاصطناعي لخدمة الفقراء. كما تقف الهند على شفا ثورة ذكاء اصطناعي لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الملحة.
تصر دولة الإمارات على خوض غمار الثورة الصناعية الرابعة، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، لا من أجل أن تكون عضواً فيها، ولكن لكي تكون إحدى رائداتها، فالإمارات تريد ضمان أنها في طليعة التكنولوجيا، عبر السعي الحثيث لتُصبح رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. كما أن ثمة دلالات واضحة لسعي دولة الإمارات إلى الاستثمار باستراتيجيات الذكاء الاصطناعي والتفوق التكنولوجي، حيث أعلنت شركة «مايكروسوفت» في إبريل، استثماراً بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة «G42» وهي مجموعة معنية بالذكاء الاصطناعي ومقرها العاصمة الإماراتية، أبوظبي وتتكونّ «G42»، القابضة، من 7 شركات تعمل في محال البيانات، وقطاع الطاقة، والرعاية الصحية، والمراقبة، والتكنولوجيا الحيوية، ومن المتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي بمبلغ 96 مليار دولار في اقتصاد دولة الإمارات بحلول عام 2030، أي ما يعادل نحو 14% من الناتج المحلي الإجمالي. تقدر بعض الدراسات أن يصل سوق منتجات الذكاء الاصطناعي في العالم لما يزيد على ترليونيْ دولار في عام 2025. وإنه بحلول عام 2030، يمكن أن يبلغ حجم إسهام الذكاء الاصطناعي في النظام الاقتصادي العالمي بنحو 16 تريليون دولار.
إن المشروع الريادي للذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات هو من أجل ترسيخ عملية التنمية المستدامة التي تشهدها الدولة مع دخولها حقبة الخمسين عاماً المقبلة وفي إطار مئوية الإمارات «2071» الساعية إلى أن تكون الإمارات أفضل دولة في العالم.
* كاتب وباحث أكاديمي مصري
0 تعليق