فاليريو باسيلي *
تثير عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض احتمال اندلاع حرب تجارية جديدة بين الصين والولايات المتحدة، وهو ما يربك الأسهم الصينية التي تشعر بمزيد من المخاوف بشأن عام 2025، لكن الخبراء يقولون إن هذه المرة قد تكون مختلفة.
وبعد أن بدأت تتعافى من فترة طويلة من الأداء الضعيف، انخفضت أسواق البر الرئيسي على الفور بعد الانتخابات الأمريكية، وأصبحت تدفقات الأموال الخارجة واضحة بالفعل. وينظر مديرو الأصول الذين يركزون على المنطقة إلى ما يعنيه ذلك للمستثمرين، وكيف قد تستجيب الصين.
فماذا يمكن للمستثمرين أن يتوقعوا؟ خلال حملته، وعد ترامب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 60% أو أكثر على كل شيء مصنوع في الصين، مدعياً أن هذا من شأنه أن يحمي الصناعة والوظائف الأمريكية. لكن البعض يرى أن هذا قد لا يتحقق.
وكتب لين سونغ، كبير خبراء الاقتصاد في الصين الكبرى لدى «آي إن جي»، «نعتقد أن الدعوة لفرض تعريفات جمركية بنسبة 60% قد تكون نقطة انطلاق للمفاوضات وليس رقماً ثابتاً». وعلى الرغم من الخطاب، انتهت الحرب التجارية السابقة بهدنة، بعد أن وافقت الصين على أخذ المزيد من السلع الزراعية من الولايات المتحدة. وبهذا الصدد أضاف سونغ، بأن «نتيجة مماثلة هذه المرة سيكون مرحّباً بها لإدارة ترامب لتهدئة الوضع الدبلوماسي المتوتر».
وقالت ساندي باي، كبيرة مديري المحافظ في آسيا في «فيدريتد هيرمز»، إن الاقتصاد الصيني قد تغير بالفعل قبل التغيير في الحكومة الأمريكية العام المقبل. فقد أنشأت الشركات الصينية قواعد تصنيع بديلة في جنوب شرق آسيا وأوروبا الشرقية والمكسيك، وبعضها لديه القدرة في الولايات المتحدة أيضاً. وتعتقد باي أن هناك مجالاً كذلك لبعض الانخفاض في قيمة العملة الصينية، ما يجعل الصادرات أرخص والواردات أكثر تكلفة. وبينما قد يتقاسم المستهلكون بعض تأثير التعريفات الجمركية، يجب أن يكون التأثير الصافي قابلاً للإدارة.
وأيّاً كان ما يحدث، فإن التعريفات الجمركية لن تكون فورية. وأشار سونغ بأن هذه الإجراءات قد تدخل حيز التنفيذ في الربع الثالث أو الرابع من عام 2025 على أقرب تقدير، أو حتى الربع الأول من عام 2026.
وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، كانت الحجة الشائعة هي أن فوز ترامب والصدمة المتصورة من الرسوم الجمركية الإضافية من شأنهما أن يؤديا إلى استجابة تحفيزية أكثر عدوانية من الصين للتعويض عن الخسارة المحتملة من الصادرات. يأتي هذا في أعقاب الجهود السابقة لتحفيز الاقتصاد، مثل حزمة التحفيز النقدي الأولى في سبتمبر/أيلول، والتي أعطت الأسواق الصينية دفعة قصيرة الأجل. في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، كشفت الصين عن حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان صيني (1.40 تريليون دولار) لتخفيف ضغوط تمويل الحكومة المحلية واستقرار النمو الاقتصادي المتعثر. وتبلغ الخطة زيادة لمرة واحدة في إصدار ديون الحكومات المحلية بقيمة 6 تريليونات يوان صيني على مدى ثلاث سنوات، وإصدار ديون الحكومات المحلية الخاصة بقيمة 4 تريليونات يوان صيني بموجب الحصة السنوية على مدى خمس سنوات.
ومع أن حجم هذا البرنامج يقع عند الحد الأعلى من التوقعات فيما يتعلق بالأسواق، فإن ما لم يُذكر في الخطة كان أكثر أهمية. فلم يجرِ التطرق لشراء العقارات غير المبيعة أو تحفيز الاستهلاك، كما يقول جاستن تومسون، كبير مسؤولي الاستثمار ورئيس الأسهم الدولية في «تي رو برايس»، والذي قال: «الصين ليست مستعدة لأن تقدم على أي خطوة بشأن التعريفات الجمركية، وتنتظر قدوم العام الجديد».
لقد أظهر رد فعل سوق الأسهم الصينية الأوّلي على فوز ترامب تدفقات رأس مال متواضعة وانخفاضاً في الأسعار. ووفقاً لبيانات «مورنينغ ستار»، في الأسبوع الذي أعقب الانتخابات، سحب المستثمرون العالميون 1.1 مليار دولار من صناديق الاستثمار المشتركة التي تستثمر في الأسهم الصينية. وتحمّل مؤشر «هانغ سينغ» في هونغ كونغ وطأة ضغوط البيع بعد فوز ترامب، حيث انخفض أكثر من الأسواق المحلية في شنغهاي وشنتشن. وهذا ما يوضح أن المستثمرين الأجانب أكثر قلقاً من المحليين بشأن الرئيس المنتخب.
تقول باي من «فيدريتد هيرمز»، «نستنتج أن السوق قد حددت سعر المخاطر الجيوسياسية المستمرة، وفوز ترامب لا يغير نظرتنا للأسهم الصينية». لافتة بأن التوقعات الحالية لا تزال غير مؤكدة، لكن البلاد تشهد انتقالاً ضرورياً بدلاً من الانحدار طويل الأجل. وهناك تفاؤل بأن الصين يمكن أن تحول اقتصادها بنجاح، على الرغم من أن الأمر سيستغرق وقتاً ولن يكون خالياً من الألم أبداً.
وأضافت باي، بأن سياسات ترامب قد تؤثر سلباً في المصدرين في الصناعات التي لديها منافسون راسخون في الولايات المتحدة، وبأن الاستبدال المحلي، حيث تصنع الشركات الصينية لأسواقها المحلية بدلاً من التصدير، يمثل قوة كبيرة. وهذا واضح في شركات التكنولوجيا، والرعاية الصحية، والسلع الاستهلاكية، وشركات التصنيع التي تعد رائدة مع سلاسل التوريد خارج الصين.
ربما يستمر المستثمرون في تجنب الصين حتى بعد الارتفاع الطفيف هذا العام، مع إضافة فترة ولاية ترامب الثانية لمزيد من عدم اليقين. ومع ذلك، يرى محللون أن محفزات بكين الداخلية، مثل حزم التحفيز والإصلاح الاقتصادي، قد تلعب دوراً أكبر في زخم الأسهم الصينية
* خبير الاستثمار ومحرر في «مورنينغ ستار»
0 تعليق