حسابات التضخم في عهد بايدن - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

* أندرو بروكوب

هناك إجماع واسع النطاق إلى حد كبير حول القضية الأكثر مسؤولية عن هزيمة كامالا هاريس، وهي التضخم. وأشارت استطلاعات الرأي بوضوح لسنوات إلى غضب الناخبين من آفة التضخم التي ضربت الاقتصاد الأمريكي في ظل إدارة بايدن، وهي الأعلى منذ عقود.
ومع ذلك، فمن الواضح أن سياسات الرئيس الـ 46 لم تكن السبب الرئيسي لهذا التضخم؛ إذ كانت ظاهرة عالمية في العودة إلى الوضع الطبيعي بعد الوباء، وتفاقمت بعد حرب روسيا وأوكرانيا في فبراير/شباط عام 2022.
لقد زعم بعض المدافعين عن بايدن، أنه فعل أفضل ما في وسعه، وبأن سياسته الاقتصادية أدت إلى «هبوط ناعم»، وانخفاض في معدلات التضخم من دون ركود.
وهناك نظرية أخرى تزعم أن فريق بايدن لا ينبغي أن يفلت من العقاب بسهولة، لأنهم أخطؤوا التعامل مع التضخم بطريقة كان من الممكن تجنبها.
فقد تجاهل صناع السياسات تحذيرات المنتقدين في ذلك الوقت من أن سياساتهم من المرجح أن يكون لها هذا التأثير التضخمي. وبمجرد أن أصبحت المشكلة واضحة، لم يتحول الديمقراطيون إلى سياسات حقيقية لمكافحة التضخم، مثل خفض العجز. وبدلاً من ذلك، اختاروا بشكل أساسي إعادة تسمية أولويات سياساتهم الحالية على أنها تهدف إلى «خفض التضخم» أو «خفض التكاليف»، من دون أن يُقنع ذلك غالبية الشعب الأمريكي.
وفي السياق نفسه، يبقى الغرض من مشروع قانون التحفيز الاقتصادي تقليدياً هو سد ما يشير إليه الاقتصاديون باسم «فجوة الناتج»، وهي مقدار النشاط الاقتصادي الذي تقمعه الضغوط الركودية حالياً. ولكن إذا كانت هناك فجوة في الناتج أكبر، فأنت بحاجة إلى حافز أكبر. وإذا كان الحافز كبيراً جداً، فإن الخطر يكمن في الإفراط في تحفيز الاقتصاد وتحفيز معدلات تضخم مرتفعة.
وبحلول الوقت الذي تولى فيه بايدن منصبه، كانت الولايات المتحدة قد أقرت بالفعل مشروعين كبيرين لمساعدات الجائحة، قانون «CARES» بقيمة 1.9 تريليون دولار في مارس/آذار 2020، ومشروع قانون متابعة بقيمة 900 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه. وقد قدر مكتب الميزانية بالكونغرس في أوائل 2021 أن فجوة الناتج المتبقية على مدى العامين المقبلين ستكون حوالي 600 مليار دولار.
لكن انتهى الأمر بالديمقراطيين إلى تمرير حافز أكبر بكثير من أي تقدير موثوق لفجوة الناتج المطلوبة، فقد سنوا خطة الإنقاذ الأمريكية بقيمة 1.9 تريليون دولار. ولم يتجاوزوا فجوة الناتج فحسب؛ بل تخطوها بأكثر من تريليون دولار. فكيف قرر الديمقراطيون تحديد حجم مشروع قانونهم عند 1.9 تريليون دولار آنذاك؟
مع عدم وضوح سيطرة مجلس الشيوخ، وفي انتظار جولة الإعادة في جورجيا، اقترح فريق بايدن تمرير مشروع قانون بقيمة 2.4 تريليون دولار، نصفها تقريباً مساعدات للوباء. والنصف الآخر سيكون للأولويات التقدمية مثل الطاقة الخضراء، ورعاية الأطفال، والبنية التحتية. لكن رد بايدن كان بأن مشروع القانون المقترح كبير جداً، وأنه يجب إعطاء الأولوية للإغاثة من الوباء فقط.
وبعد فوز الديمقراطيين في جولة الإعادة في جورجيا في يناير/كانون الثاني 2021، اقترح بايدن ورئيس موظفي البيت الأبيض رون كلاين حزمة إغاثة من الوباء بقيمة 1.3 تريليون دولار لزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ القادم تشاك شومر، والذي قال للرئيس، من المرجح أن تصل هذه المطالب إلى نحو تريليوني دولار. لذا وافق بايدن على الرقم الأكبر، وأقر الكونغرس خطة الإنقاذ الأمريكية بقيمة 1.9 تريليون دولار.
لقد حذّر المنتقدون، مثل الخبير الاقتصادي لاري سامرز، الذي كان كبير المستشارين الاقتصاديين لباراك أوباما، من أن هذه الحزمة كبيرة جداً. وكتب: «هناك فرصة لأن يؤدي هذا إلى إثارة ضغوط تضخمية من النوع الذي لم نشهده منذ جيل».
وقاوم الديمقراطيون بشدة انتقادات سامرز، ومن المرجح أيضاً أن يكونوا قد اعتادوا على تجاهل المخاوف بشأن التضخم، خصوصاً بعد عقد من الزمان من تحذير صقور العجز باستمرار من التضخم الوشيك الذي بدا وكأنه لن يأتي أبداً، وبعد أن أنفق ترامب بحرية من دون أي عواقب عملية أو سياسية.
فكم كان الضرر؟ ارتفع التضخم بنحو 7 نقاط مئوية في عام 2021، منها 1 إلى 3 نقاط مئوية تسببت بها خطة الإنقاذ الأمريكية وحدها بحسب التقديرات. بعبارة أخرى، كان التضخم ليحدث على أي حال، لكن الأحجام مهمة. وكان التضخم بنسبة أربعة أو خمسة أو ستة في المئة ليكون أفضل كثيراً من سبعة.
صحيح أن الاقتصاد الأمريكي انتهى به المطاف إلى أن يكون قوياً للغاية وفقاً للكثير من المقاييس، نمو قوي في الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض معدلات البطالة، وازدهار سوق الأوراق المالية. ولكن هذا النمو جاء مع تكاليف التضخم ونمو الأسعار الذي نسف الكثير من مكاسب العمال، وثبت أن سياسات مكافحة الفقر في خطة الإنقاذ الأمريكية كانت مؤقتة عندما انتهت صلاحيتها لاحقاً.
لقد واجه بايدن بيئة صعبة ومشاكل اقتصادية عنيفة حقاً، ومع ذلك، كان له نصيبه العادل من سوء وحسن الحظ مجتمعين. فعلى الرغم من التضخم القياسي، أفلت من الركود الفعلي، واتجه نحو الهبوط الناعم، ولم يجعل الاقتصاد الأمريكي محكوماً عليه بالضرورة بصراعات مماثلة لأوروبا، التي كانت أضعف في البداية وتضررت بشدة من تأثير حرب روسيا في أوكرانيا.
* مراسل سياسي في موقع «فوكس» الإخباري، يغطي البيت الأبيض والانتخابات

أخبار ذات صلة

0 تعليق