ترامب وبايدن.. من يربح الجائزة الكبرى في غزة؟ - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

إعداد ـ محمد كمال
في مؤشر على توافق نادر في السياسة الخارجية الأمريكية بين دونالد ترامب وجو بايدن، فقد التزم معسكر الرئيس المنتخب الهدوء، مع إشراكه في تفاصيل المحادثات التي أجرتها الإدارة الحالية بشأن وقف القتال بين حزب الله وإسرائيل، لكن بدأت كل الأنظار تتجه نحو الجائزة الدبلوماسية الكبرى والمتعلقة باتفاق مماثل ينهي الصراع المدمر في غزة.

ويبدو أن الاتفاق الذي تم برعاية أمريكية، يحقق منفعة متبادلة لترامب وبايدن، فبالنسبة للرئيس الذي توشك ولايته على الانتهاء سيضاف إلى إرثه نجاح دبلوماسي، أما الرئيس العائد مجدداً إلى البيت الأبيض فإن هناك صراعات أقل سيتعين عليه التعامل معها، مع بدء تنصيبه في يناير/كانون الثاني، وإن كانت المهمة الأكثر تعقيداً هي إتمام اتفاق سلام في غزة يفضي إلى تحرير الرهائن الإسرائيليين وإطلاق عملية إعادة الإعمار الضخمة، وعودة مئات الآلاف من النازحين في القطاع المدمر إلى مناطقهم.
ويعترف المسؤولون الأمريكيون بأن مقاتلي حماس لم يُظهروا علامات على استعدادهم للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة قبل أن يغادر بايدن منصبه. ويمكن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أبدى منذ فترة طويلة تفضيله لترامب، أن يختار الانتظار.
ويتشكك مايكل حنا، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمجموعة الأزمات الدولية: «في أنه سيكون هناك اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بغض النظر عن التنسيق الذي يحدث مع فريق ترامب الانتقالي»، لأن نتنياهو متردد في الالتزام بوقف دائم للقتال، وفق صحيفة وول ستريت جورنال.
ويؤكد ستيفن كوك، وهو زميل بارز لشؤون الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، أنه حتى لو أراد نتنياهو المضي قدماً الآن، فإن «بعض وزراء ائتلافه الحكومي لا يريدون التوصل إلى اتفاق».
ويرى مراقبون أنه إذا تمكن بايدن من التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس في الأسابيع المقبلة، فقد ينسب لترامب الفضل في جعل ذلك ممكناً، كما فعل مايك والتز، الذي اختاره الرئيس المنتخب لمستشار الأمن القومي، حيث قال بشأن وقف إطلاق النار في لبنان: «الجميع يأتي إلى الطاولة الآن بسبب ترامب».
مناقشات مع ترامب
وفي وقت سابق من هذا الشهر، زار وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، مارالاغو في فلوريدا، حيث أطلع ترامب في مقر إقامته على محادثات لبنان. ووفقاً لمسؤولين إسرائيليين، وافق ترامب على الخطة وأعرب عن أمله في التوصل إلى اتفاق قبل دخوله المكتب البيضاوي في 20 يناير/كانون الثاني. وتحدث ترامب ونتنياهو ثلاث مرات على الأقل منذ فوز الجمهوري في الانتخابات في وقت سابق من هذا الشهر.

كما قال مستشار الأمن القومي لبايدن، جيك سوليفان، إنه أبقى والتز «على اطلاع بكل خطوة» خلال المفاوضات حول الاتفاق بين إسرائيل وحزب الله. وقال مبعوث بايدن عاموس هوشستاين إنه تحدث مع والتز وأعضاء آخرين في فريق ترامب حول الاتفاقية لضمان «انتقال سلس». كما قال مسؤول كبير في إدارة بايدن إن مساعدي ترامب اتفقوا على أن استكمال وقف إطلاق النار في لبنان أمر جيد لإسرائيل ولبنان والولايات المتحدة. وأضاف المسؤول، في إشارة إلى أن القيام بذلك الآن وليس لاحقاً سينقذ أرواحاً لا حصر لها على كلا الجانبين.
وكان بعض الوسطاء الدوليين على اتصال بفريق ترامب، لمعرفة ما إذا كان بإمكانه إقناع إسرائيل بالتنازل عن بعض النقاط الشائكة الرئيسية، وتحديداً رغبتها في إنشاء «منطقة عازلة» بين إسرائيل وغزة. ومن ناحية أخرى، أبلغ وسطاء حماس بأنها أصبحت معزولة، وخاصة بعد أن أبرم حزب الله اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، وأن مطالبها بالانسحاب العسكري الإسرائيلي الكامل من القطاع من غير المرجح أن يقبلها نتنياهو.
ولم يفقد بايدن الأمل في إتمام مثل هذا الاتفاق قبل ترك منصبه، لكن ربما يأمل ترامب في الحفاظ على هذه الجائزة لنفسه، وربما يسير على خطى الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان، الذي تم انتخابه خلال أزمة الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران، وقد تم إطلاق سراح هؤلاء في 20 يناير 1981، وهو اليوم الذي دخل فيه البيت الأبيض.
فرص السلام في غزة
يقول المحللون إنه لا تزال هناك فجوات كبيرة بين طرفي النزاع، بما في ذلك ما يتعلق بوجود القوات الإسرائيلية في غزة، ودور حماس المستقبلي، رغم تأكيدهم أن وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل وحزب الله كان سبباً في إحياء الآمال في إمكانية التوصل قريباً إلى اتفاق سلام ينهي الحرب الأطول والأكثر تدميراً بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة.
ومن أهم المطالب الإسرائيلية أن تقوم حماس بإطلاق سراح الرهائن الذين مازالوا محتجزين لديها، ويقدر عددهم بنحو 100 رهينة، لكن يبدو أنه ليس لدى حماس حافز كبير للتخلي عن هذه الورقة الرابحة ما لم يتم تلبية مطالبها، كما قال مخيمر أبو سعدة المحلل السياسي الفلسطيني، لصحيفة واشنطن بوست، حيث أكد أن «الفجوات لم تضيق».
ويقول محللون إن الائتلاف الحاكم لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعتمد على دعم المشرعين اليمينيين المتطرفين الذين دعوا إلى تحقيق «نصر كامل» في غزة، ومن غير المرجح أن يقبلوا وقف إطلاق النار مع حماس. ومع ذلك، يسعى آخرون داخل الحكومة الإسرائيلية إلى استخدام الاتفاق اللبناني لإحياء المفاوضات مع حماس، حسبما قال شخص مطلع على الأمر.
وقال المصدر إن المسؤولين يدرسون حتى التوصل إلى اتفاق قصير الأجل من شأنه تحرير عدد محدود من الرهائن على أمل أن «يحصل هذا على زخم» نحو اتفاق أكثر طموحاً.

ومن المحتمل أن يؤدي اتفاق حزب الله لزيادة الضغط على حماس، حيث قال ياكوف أميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، إن الجيش الإسرائيلي، الذي تحرر الآن من القتال على الحدود الشمالية، يمكن أن يكثف حملته في غزة. وهو ما قد يؤدي بحسب مراقبين إلى زيادة معاناة حوالي مليوني شخص ما زالوا في القطاع.
مستقبل حماس
يقول خبراء استراتيجيون، إنه لطالما اعتقدت حماس أن شن حرب أوسع نطاقاً من شأنه أن يساعد في تحقيق أهدافها في حربها مع إسرائيل، لكن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان سبب شرخاً واضحاً في تلك الاستراتيجية، حيث أخرج حليفها حزب الله من دائرة الصراع، وفقاً لمسؤولين أمريكيين.
ويرى خبراء في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز، أن حماس أصبحت وحيدة الآن، وأنه «تم إضعاف موقفها بشكل خطر»، ويبدو أنها أصبحت في مفترق طرق مصيري. ويقول بعض المسؤولين الأمريكيين إن حماس قد تتخلى عن مطالبها وتمضي قدماً في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مقبول لدى الحكومة الإسرائيلية. لكن مسؤولين غربيين قالوا إن إسرائيل لا تبدو مهتمة بتقديم تنازلات.
وبينما حثَّ ترامب إسرائيل على «إنهاء» الحرب في غزة، فمن غير المرجح أن يضغط بشكل كبير على نتنياهو أو الجيش الإسرائيلي من خلال التهديد بحجب المساعدات العسكرية. كما يعتقد المسؤولون الأمريكيون أيضاً أن حماس تسعى للبقاء في السلطة بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
ويقول مقربون من قادة حماس إن «الحل لخسائر حماس العسكرية أبسط، فهناك هرم قيادي ويمكن استبدال كل قائد أو جندي. لكن على المستوى السياسي، الأمور أكثر تعقيداً بكثير. وفي نهاية المطاف، هناك فصائل مختلفة وتوازنات القوى. كل هذا يجعل من الصعب التنبؤ بما قد تؤول إليه الأوضاع».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق