الإمارات.. حيث تلتقي اقتصادات العالم - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

لا تبني الدول والأمم اقتصاداتها، وتُنجح خططها التنموية اعتماداً على مواردها وإمكاناتها فحسب، بل عبر استيعاب التقدم البشري والتطور التقني، وإعادة هضمه والتكيف معه، ومن ثم البناء عليه، دون الحاجة إلى إعادة اختراع الدولاب (العجلة)، فتطور الاقتصاد، شأنه شأن غيره من القطاعات الأخرى، أداء تراكمي- تكاملي.
لعل هذا الاستهلال يلخص ويصوغ تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، التي استطاعت أن تقفز، وعلى نحو غير مسبوق، لتتصدر المؤشرات الرئيسية والفرعية والنوعية إقليمياً وعالمياً، فلا نبالغ عندما نؤطر نجاحاتها الاقتصادية والتنموية في إطار «المتميز»، «النوعي»، «غير المسبوق»، .. فماذا عن القصة الكاملة أو بعض منها لنجاح تجربة دولة الإمارات؟
بداية، حري بنا أن نستذكر لحظة تأسيسية فارقة، قررت فيها الإمارات السبع، عشية الثاني من ديسمبر/ كانون الأول عام 1971، أن تتحد وتتكامل، ليشكل الاتحاد الوليد مفهوماً حضارياً يمزج المعاصر بالتراثي، وليصوغ الهُوية الجديدة للدولة الفتية، التي ستتصدر، خلال 53 عاماً لاحقة، المؤشرات والمراكز، التي تقيس تطور وحضارة الأمم.
هي باختصار، قصة مختلفة في فصولها ونتائجها.. قصة الجري سريعاً، في وقت يمشي أو يقف فيها الآخرون.. البناء وتمكين القواعد.. تعزيز التعايش السلمي- الحضاري، الذي يجعل من مواطني الدولة ونحو مئتي جنسية حول العالم، مشاركين في النجاحات.. قاطفين لثمارها.
يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «عندما تستيقظ، من الأفضل أن تبدأ بالركض.. لا تبطئ أبداً».
نعم، لقد ركضت دبي، وركضت معها الإمارات، فكانت النتائج المبهرة، وطفحت السلال بالغلال الوافرة، حتى باتت أبوظبي ودبي وبقية الإمارات تنافس أعرق مدن الغرب والشرق، والأمثلة كثيرة ومتعددة هنا، لنستذكر مثلاً، نمو الناتج المحلي الإجمالي للدولة.. جذب الاستثمارات الأجنبية.. استقطاب الأثرياء، حول العالم، من أماكن عاشوا واستثمروا فيها لمئات الأعوام.. لندن، باريس، روما وغيرها.. استيعاب التقنيات الناشئة.. تراكم الإنجازات في قطاعات الطيران والسياحة والضيافة وسياحة الأعمال.. تقليص الاعتماد على إسهام الاقتصاد النفطي لمصلحة نظيره غير النفطي.
وتأتي استراتيجية التنويع الاقتصادي بعيداً عن النفط، لتشكل عنصراً رئيسياً، بالتوازي مع التركيز على قطاعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والخدمات المالية والسياحة والبناء والعقارات وغيرها، والتي حققت فيها دولة الإمارات نتائج ملفتة ومبهرة، وفقاً للمؤشرات الصادرة عن جهات بحثية متزنة ومحايدة.
وتبدي المؤسسات والبنوك الدولية مزيداً من التفاؤل، حيال توقعاتها لمستقبل اقتصاد الإمارات، فالبنك الدولي يرى أنها تستعد لتكون الاقتصاد الأفضل أداء إقليمياً للعام الجاري، بنمو متوقع 3.9% يرتفع إلى 4.1%، العام المقبل 2025، فيما يتوقع صندوق النقد الدولي، نمواً 4% في 2024، مدفوعاً بأداء قطاعات السياحة والبناء والتصنيع والخدمات المالية.
ولعله من المسلم به، في «فقه» الاقتصاديين، أن نمو الاقتصاد لا يكفي وحده، إن لم يكن مقترناً ومتزامناً مع استقرار مؤشراته وقطاعاته رأسياً وأفقياً، واللافت أن دولة الإمارات حازت قصب السبق في هذا المؤشر تحديداً، إذ حصلت على المركز الأول في تصنيف أكثر الدول المستقرة اقتصادياً، لعام 2024، والذي يندرج تحت مؤشر «أفضل دول العالم» الصادر، مؤخراً، عن «يو إس نيوز». وأتى هذا التصنيف مرتكزاً على، تكاليف التصنيع المنخفضة، البيئة الضريبية المواتية، تقليص البيروقراطية، عدم وجود فساد، مدى شفافية الممارسات الحكومية، وهذا يعني أن تكون الدولة الحاصلة على مثل هذا التصنيف، ضمن الدول القوية، من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وإيرادات السياحة الدولية أو أعداد الوافدين، وهذه شروط تتوافر جميعها في اقتصاد الإمارات.
ويشكل الاستثمار في تطوير وتأهيل الموارد البشرية، حجراً مهماً في بناء اقتصاد دولة الإمارات، فإلى جانب تمكين مواطنيها في المستويات الوظيفية المختلفة في القطاعين العام والخاص، حرصت على تبني استراتيجيات تجذب المحترفين والمختصين من جهات المعمورة الأربع، عبر طرح البرامج التحفيزية الكفيلة بذلك، ولعل أبرزها برنامج الإقامة الذهبية، ما عزز تنافسية سوق العمل في قطاعات الأعمال المختلفة، بالتوازي مع الحاجة المتزايدة لهذه الموارد، والتي فرضها التوسع في الاستثمارات الأجنبية، وزيادة عدد المشاريع، لا سيما عندما يتعلق الأمر بمشاريع الاقتصاد الجديد والتقنيات الناشئة، والتي باتت البلاد وجهة جاذبة لها.
ولكن، يقفز إلى الذهن سؤال مهم ومفتاحي: من أين يستمد اقتصاد دولة الإمارات عناصر قوته، وما هي مقومات وركائز هذه القوة؟
سؤال تتكفل «موسوعة الإمارات» بالإجابة عليه، مبينة هذه المقومات في، الموقع الاستراتيجي لدولة الإمارات، الاحتياطات المالية، أكبر الصناديق السيادية، الاهتمام الحكومي المتواصل، البيئة المُحفزة للاستثمار، المناطق الحرة، التنويع الاقتصادي، نمو الناتج المحلي الإجمالي..
نجحت استراتيجيات دولة الإمارات في النمو والتوسع والتنويع، في صياغة نموذج اقتصادي وتنموي، جمع العالم تحت ظل شجرة «الغاف»، وعلى شاطئ مياه الخليج العربي الدافئة، ليشارك محبو بلاد زايد في نهضة وحضارة هذه الأرض الطيبة، ولنقول: هنا الإمارات.. حيث تلتقي اقتصادات العالم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق