سامح فايز يكتب: هوامش على ثقافة جيل (4) - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تقدم الطبيب أحمد خالد توفيق بمسودة إحدى رواياته إلى المؤسسة العربية الحديثة للنشر، كان ذلك عام 1992، والرواية مصنفة أدب رعب. 

فى البداية رفضت اللجنة العمل، وتحطمت أحلام الشاب الذى حضر من طنطا إلى القاهرة بحثاً عن حلم النشر ومتعة الكتابة فقط لا غير. 

لكن الحلم سيتحقق بدعم كاتب آخر لا يقل أهمية وهو الكاتب الكبير الراحل نبيل فاروق، صاحب سلسلة كتب الجيب الأشهر فى التسعينات «رجل المستحيل». 

سيطلب نبيل فاروق من المؤسسة عرض الرواية على لجنة أخرى، وستوافق اللجنة الأخرى على العمل بالفعل، وسنعرف منذ تلك الفترة سلسلة «ما وراء الطبيعة» والتي تحولت إلى عمل درامي بعد وفاة توفيق من تمثيل الفنان أحمد أمين.

نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق ومن قبلهما محمود سالم وكتابات «المغامرون الخمسة» إلى جانب «رجل المستحيل» و«ما وراء الطبيعة» تخصصوا فى الكتابة للطفل، بالتحديد كتب الألغاز والمغامرة. 

ستصبح تلك السلاسل لاحقاً هي الأب الروحي لجيل كامل من مؤلفي أدب الرعب والخيال العلمي وأدب الجريمة والكتابة البوليسية.

ظهور نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق سيصبح الحاضنة التى سيهرب إليها العديد من الشباب غير المنتمى للتيارات الصحوية الصاعدة، والذى لن يجد كتابات يقرأها تشبه أفكاره سوى سلاسل الجيب. 

لكن ذلك الجيل كما أنه سيهرب من سيطرة الصحويين لن يجد من جانب آخر اليسار المصري الذى تصدر لعقود ممثلاً للثقافة المصرية. 

هنا لن يصبح أمامهم سوى عالم كتب الجيب ينهلون منه ثقافتهم. 

عقل ذلك الجيل بالكامل سوف يكبر مغرماً بعالم سلاسل الجيب، ومع انتشار الإنترنت سيقرر مجموعة من هؤلاء الشباب تدشين موقع إلكترونى يجمع كل من تربى على كتابات نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق، فكرة قد يراها البعض حالمة أو غير ذات فائدة، فهل يوجد قراء غيرنا فى الوطن العربى لمثل تلك الكتب؟ 

الواقع أنه يوجد بالفعل، وأعداد بالآلاف هربت هى الأخرى من صراعات الدم وسطوة الجماعات وصعود ثقافة التطرف إلى التقوقع داخل عالم كتب الجيب. 

ذلك التقوقع سوف يتحول إلى تقوقع أكبر داخل عالم الإنترنت، ثم سينطلق هؤلاء الشباب من منتديات محبى فاروق وتوفيق إلى عالم المدونات، بالتحديد عام 2005 الذى سيشهد أكبر عدد لتلك المدونات. 

ثم تظهر السياسة للمرة الأولى داخل تلك المدونات الثقافية عام 2008 مع إضرابات عمال المحلة، فى ذلك الوقت تحدث البعض داخل تلك المنتديات عن الإضراب ودعوات المظاهرات وأن تلك الدعوات منتشرة على منصة جديدة للتواصل اسمها «فيس بوك».

ثم قامت «يناير 2011» ونزل أبناء المنتديات والمدونات ومنصات التواصل الاجتماعى إلى الشارع، فاكتشفوا أنهم ملايين وليسوا آلافاً، لكن لا أحد يعرفهم، ولا حتى المثقفون يتامى الماضى المجيد، وبدأ السؤال: من هؤلاء، وأين تشكل وعيهم، ومن أين حصلوا على ثقافتهم؟! 

فلم نشاهدهم فى قصور الثقافة، ولا منتديات الأحزاب الثقافية، ولا تجمعات مقهى ريش وزهرة البستان، أو ربما شاهدناهم عرَضاً ولم نهتم بهم. 

المهم أن تلك المجموعات ستصبح لاحقاً هى كل شىء، ستنشأ لهم دور نشر ستطلق عليها الصحافة الثقافية دور نشر الشباب، والتى بدأت بالظهور مع عالم المنتديات، لكنها بعد عام 2011 ستصبح هى العالم الجديد الذى علينا أن نتعامل معه ونتقبله، فقد مضى زمن أننا كل شىء!

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق