بعض الفنون تحتاج إلى ما هو أكثر من الموهبة، مثل الشغف والحب والرغبة في التعلم، وحينما تكون الموارد محدودة يصبح الاختبار أصعب، وذلك هو ما مر به الشاب زين أبو العز، الذي لم يتجاوز عمره الـ 25 عامًا، ويعيش في قرية دميرة بمركز طلخا، محافظة الدقهلية، وحصل على بكالوريوس أصول دين بجامعة الأزهر.
«ملقتش حد بيعلم للأسف»، هكذا يصف زين شعوره في سنواته الأولى حينما حاول تعلم الخط العربي، بعدما تعلق بأحد كتب الخط في الصف الأول الإعدادي، إلا أن غياب المصادر المطلوبة والمساعدات جعله يبدأ في تقليد كتب الخط حتى أتقنه تماما، ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي نشأ فيها، والتي كانت تحرم أسرته من وسائل تعليمية متطورة كالهاتف المحمول أو الإنترنت، إلا أن عزيمته لم تلِن.
في البداية تعلم بالمبادرة الفردية، بسبب ظروف أسرته وعدم الحصول على مساعدة الخطاطين بالقرية، فاستخدم كتابا للخط، ومنصة الفيديوهات الشهيرة «يوتيوب»، وليصبح مع مرور الوقت معلما لديه طلبة مميزين، حاجته للتعلم منذ الصغر نمت فيه حب التطوع لمساعدة أهل قريته مجانا دون مقابل عاكسا مقولة «فاقد الشيء لا يعطيه»، فأصبح يعطي بكثير من الكرم لأهل قريته.
يعتبر زين أحد أبرز المتطوعين لتعليم هذا الفن العريق في قريته والقرى المجاورة، فقد بدأ رحلته مع الخط العربي، بالإضافة إلى دراسته في 3 معاهد ومدرسة، ويعكف على تعليم طلاب الكليات والمدارس والآباء والأمهات، كما يخرج مع بعض طلابه إلى الشوارع للكتابة على الجداريات، وعندما ينهي دروسه يرجع للمعهد من أجل مواصلة نشاطه التطوعي.
«نفسي بلدنا دميرة تتسمى بلد الخط العربي».. ويتمنى زين أن يغير مفهوم الناس عن الخط العربي وتدريسه، لأن الكثيرين لا يدركون قيمته الحقيقية، كما يرغب في أن يكون أول ما يراه الزائر لبلده هو خط جميل يعكس الهوية الثقافية للمجتمع.
ولم يقتصر إبداعه على الخط العربي؛ إلا أنه كان مهتما بالتصوير الفوتوغرافي، والمونتاج، والرسم على الجدران، وتصاميم الجرافيك، لكن «دوّامة الحياة» أخذته بعيدا عنها، فانخرط في الخط العربي وتعليمه، وتحول من رسم المناظر الطبيعية والبوتوريهات إلى لوحات الخطر العربي، متأثرا بعدد من كبار الخطاطين خضير البورسعيدي والخطاط شيرين عبد الحليم.
0 تعليق