«معقول إنه لساتنا عايشين لحتى الآن.. الله يرحم الشهداء».. بهذه الكلمات دونت الصحفية الفلسطينية إيمان الشنطي، مشاعرها بين التعجب والخوف والتساؤلات، فكيف عاشت لهذه الساعة رغم ما يدور حولها من قصف للأبرياء؟، وسيلان دماء الشهداء برصاص الاحتلال الإسرائيلي، قبل أن ترتقي بعدها بساعات رفقة أسرتها، عقب أيام من وفاة والد زوجها، لترحل عائلة إيمان الشنطي، بأيادي الاحتلال الغاشم.
آخر فرحة لإيمان الشنطي قبل استشهادها
صحن من الخضروات الشهي أعدته لأطفالها كان آخر فرحة شعرت بها إيمان الشنطي، لم تستطع وصف سعادتها بعدما حصلت على مكوناته لتقديم واحد من أشهى الأطباق بعد غياب لأسرتها، إلا إن هذه السعادة لم تدوم طويلًا، بعدما عاشت أيامًا تحت رعب مسيرة طائرة «كواد كابتر» الإسرائيلية، قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.
وكانت إيمان الشنطي، دونت التفاصيل الأخيرة التي عاشتها مع أسرتها عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إذ تغزلت في اللحظة التي أعدت فيها طعامًا شهيا، قائلة: «صحن مفتول ليس عاديا، ولكن صحن المفتول هذا أشبه برسالة حب ورضا، مغموسة بيقين عميق بأن الله سيطعمنا من ثمار الآخرة، لم يكن طبقاً عادياً؛ بل احتفالاً صغيراً بنعم كبيرة، البطاطا والبصل جاءا كهدية من صديق، بينما الجزرتان اشتريتهما بعشرة دولارات كاملة، ووسط تلك البساطة، تحول اجتماعنا حول هذه الخضروات إلى لحظة عظيمة، كأننا نعيش يوم عيد».
واستردت السيدة: «حين بدأت أقطع الخضروات، احتدمت النقاشات بين أطفالي حول ما سنعد بهذه الكنوز الصغيرة، حتى جاء الإجماع (المفتول)، وبينما كنت أقشر البطاطا والبصل والجزر، تسللت إلى نفسي فكرة غريبة، وهي أيعقل أنني الآن أقف هنا، أقشر هذه الخضروات بكل هذا الحب؟، مررت أصابعي على قشرتها مرة أخرى، كأنني أتحسس نعمة الله في كل جزء منها، شعرت بحجم الامتنان يتضاعف داخلي، فرفعت عيني إلى السماء وشكرت الله الذي وهبنا هذه النعمة، وسألت أن يرزقها لكل أهلنا في غزة، في السودان، ولكل محروم يعيش على هذا الكوكب الذي صار كثير من أهله يموتون من التخمة، بينما آخرون يتضورون جوعاً، فكانت هذه اللحظة أكثر من مجرد إعداد طعام؛ كانت درساًفي الصبر، الشكر، الرضا، الإحسان، واليقين، وكأن الله يعيد زراعة هذه القيم في نفوسنا، ليذكرنا بها وكأننا نعرفها لأول مرة».
طائرة الاحتلال تجوب حول إيمان الشنطي
لم يمر الكثير على سعادة الصحفية إيمان الشنطي، بصحن المفتول التي أعدته لأسرتها، لتجوب حولها طائرة الاحتلال التي عبرت عن مخاوفها بسبب أصواتها العالية، قبل أن تلفظ أن تصعد روحها لبارئها، مدونة: «ظهر اليوم وكعادتها منذ أكثر من شهر ونصف في منطقتي تظهر (الكواد كابتر) كظل قاتم يخيم على القلوب، ما كان يومًا أداة للتصوير، صار كيانًا يحاصر البيوت ويراقبها بصمت مريب، صوت مراوحها قرب نافذتك يكفي ليخبرك (أنا هنا.. أحاصرك)، تتلاعب بالفضاء، لكنها لا تلهو؛ قنابلها الصوتية وأسلحتها الدقيقة تجعلها آلة موت تحلق فوقك، تتحرك بخفة كأنها لعبة غميضة، لكنك تعلم أن خسارتك حتمية، فنحن مجرد أهداف صامتة لجندي بعيد، يتابع شاشته ببرود، متلذذًا بساديته، يحول حياتنا إلى حقل تجارب».
واستطردت: «كل همسة ريح قد تكون صوتها، وكل ظل عابر قد يحمل معه الموت. إنها ليست مجرد طائرة، بل تجسيد للخوف، للحصار، ولعبثية الموت الذي لا وجه له».
ربما ظلت إيمان الشنطي، تعيش في خوف، قبل أن تستشهد رفقة زوجها، وثلاثة من أبنائها في غارة إسرائيلية على القطاع، خلال الساعات الماضية، وفقًا لما ذكره مركز الإعلام الفلسطيني، ليصيب العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالحزن الشديد بعد استشهادها.
معلومات عن الصحفية الفلسطينية إيمان الشنطي
- اسمها إيمان حاتم الشنطي
- تبلغ من العمر 36 عاما
- عملت مذيعة ومقدمة برامج في إذاعة صوت الأقصى
- اشتهرت بتقديم برنامج «أصل القصة» على منصات التواصل الاجتماعي
0 تعليق